دانت السلطات المحلية في صربيا أسوة بالجهات الدولية، أعمال العنف التي وقعت ليل الخميس ? الجمعة ضد عدد من السفارات في بلغراد، وأكدت الشرطة الصربية انها ستعلن انتماء ودوافع الشباب الذين قاموا"بهذه الأعمال غير المسؤولة والمضرة". وأثار صرب البوسنة حالاً من القلق العامة، بإعلانهم مساء أول من أمس، انهم"يملكون حق فصل الجمهورية الصربية كيان صرب البوسنة عن بقية أراضي جمهورية البوسنة - الهرسك، إذا اعترف عدد كبير من أعضاء الأممالمتحدة وغالبية دول الاتحاد الأوروبي باستقلال كوسوفو. وحذر ممثل روسيا في حلف شمال الأطلسي دميتري روغوزين من أن روسيا قد"تستخدم القوة"اذا ما"تحدى"الحلف أو الاتحاد الأوروبي الأممالمتحدة في شأن كوسوفو. وكان الديبلوماسي الروسي يشير الى أنباء عن عزم القوات الأجنبية على منع قادة صرب من دخول كوسوفو. وتزامنت هذه التطورات مع تواصل العنف في مناطق صرب كوسوفو، وامتداد التظاهرات المعارضة لاستقلال الإقليم الصربي الى الدول البلقانية وغيرها التي توجد فيها جاليات صربية. وأعلنت السلطات في بلغراد، أن شخصاً قتل داخل السفارة الأميركية ونقل 130 آخرون الى المستشفيات بسبب اصابتهم بجروح خلال المصادمات مع قوات مكافحة الشغب بينهم 52 شرطياً. كما أوقف 192 شاباً، إثر أعمال العنف التي وقعت ضد السفارات الأميركية والبوسنية والكرواتية والتركية والألمانية في بلغراد، إضافة الى إلحاق أضرار بمحال تجارية وسط العاصمة الصربية ونهب محتوياتها، وذلك بالتزامن مع تظاهرة حاشدة قادها رئيس الحكومة فويسلاف كوشتونيتسا مساء أول من أمس. وأضافت السلطات في بلغراد انه"يجري فحص الحمض النووي لتحديد هوية الجثة التي عثر عليها داخل السفارة الأميركية والتي أكدت ناطقة باسم السفارة انها ليست لموظف في البعثة الديبلوماسية الأميركية في بلغراد. ورجحت السلطات الصربية ان الذين قاموا بأعمال الشغب ضد السفارات والمحال التجارية"من مشجعي كرة القدم الشباب المعروفين وجماعة الحفاظ على نقاء الوجه الصربي ذات الميول المتطرفة بمثل هذه الأعمال العدوانية، ويجري التحقيق مع المعتقلين لتأكيد انتماءاتهم ودوافعهم، وسيتم الإعلان عن النتائج في وقت لاحق". ودانت الأطراف الحكومية والسياسية الصربية هذه الأعمال"السيئة والمضرة بقضية الصرب في كوسوفو"، واعتبرها الرئيس بوريس تاديتش"من عمل فئة مشاغبة مخربة"وندد بها رئيس الحكومة فويسلاف كوشتونيتسا بحدة، مؤكداً"انها أضرت بمصالح صربيا"، ووصفها زعيم الراديكاليين توميسلاف نيكوليتش بأنها"من عمل جماعات غير ملتزمة بمصلحة بلدها". ووجه البيت الأبيض انتقادات عنيفة للحكومة الصربية، وقال:"إن السفارة الأميركية هوجمت من قبل عصابات، وان الشرطة الصربية لم تفعل ما يكفي لإيقاف هذا الاعتداء". واحتجت الولاياتالمتحدة رسمياً لدى السلطات الصربية على إحراق جزء من سفارتها من قبل متظاهرين، ووصف الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك الوضع الذي أتاح للمتظاهرين حرق السفارة الأميركية في بلغراد، بأنه"لا يحتمل". ودان مجلس الأمن أعمال العنف التي استهدفت عدداً من السفارات الأجنبية في بلغراد، وذلك بناء على طلب من السفير الأميركي لدى الأممالمتحدة زلماي خليل زاد الذي قال ان"واشنطن غاضبة بسبب الهجوم على سفارتها". وناشد الاتحاد الأوروبي الحكومة الصربية"بذل جهود أكبر لحماية السفارات والبعثات الأجنبية في بلادها"، ولمح الى ان"تواصل أعمال العنف سيقوض الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات بين بروكسيل وبلغراد". ومن جهة أخرى، تبنت غالبية أعضاء برلمان الجمهورية الصربية كيان صرب البوسنة مساء أول من أمس، قراراً ينص، على أن"الجمهورية الصربية تعتبر نفسها في وضع يوفر لها حقها في إجراء استفتاء لتقرير مصيرها كدولة". ويرى مراقبون ان استفتاء كهذا ستكون نتيجته مؤيدة للاستقلال، والانفصال عن اتحادها الكونفيديرالي مع الاتحاد البوسني المسلم ? الكرواتي الذي يشكل جمهورية البوسنة ? الهرسك، بمؤسسات مركزية ضعيفة منذ انتهاء الحرب الأهلية البوسنية نهاية 1995. وأثار ذلك قلقاً متصاعداً من عودة النزعات العرقية الانفصالية في منطقة البلقان. وتأججت هذه النزعات نتيجة إعلان ألبان كوسوفو الاستقلال، ما أثار مخاوف الزعيم المسلم البوسني حارث سيلايجتش"وحذر من أخطار هذا الاستقلال الكوسوفي من جانب واحد". وأعلن تلفزيون بريشتينا أمس، ان 17 دولة اعترفت باستقلال كوسوفو، بينها عشر من بلدان الاتحاد الأوروبي، وهذه الدول التي اعترفت هي: الولاياتالمتحدة وألبانيا وأفغانستان وتركيا والسنغال واستراليا وتايوان وألمانيا والنمسا وفرنسا وبريطانيا ولاتفيا وإيطاليا والدنمارك واستونيا ولوكسمبورغ وسلوفينيا، وسحبت صربيا سفراءها من كل الدول التي لديها علاقات ديبلوماسية معها واعترفت بكوسوفو. وفي وقت تواصلت التظاهرات في تجمعات صرب كوسوفو، منعت الوحدات الفرنسية العاملة ضمن القوات الدولية كفور أكثر من عشرين حافلة تنقل أشخاصاً من صربيا لدعم صرب كوسوفو، من اجتياز حدود الإقليم. وأعلن صرب البوسنة انهم بدأوا منذ أمس حملة لجمع التبرعات لصرب الإقليم إضافة الى إقامة التظاهرات المنددة بإعلان استقلال كوسوفو، كما أفاد تلفزيون بلغراد أن الجاليات الصربية في مختلف أنحاء العالم قررت القيام بتظاهرات وتجمعات للاعراب عن معارضتها لانفصال كوسوفو عن صربيا.