أرسلت دول اوروبية عدة تعزيزات الى كوسوفو حيث اسفرت اعمال العنف بين الصرب والألبان عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم جنود دوليون. واستمرت الاعتداءات على الرموز الدينية للصرب الذين لجأوا الى مراكز القوات الدولية. وامتد العنف الى البوسنة المجاورة حيث تعرضت كنيسة الى اعتداء، كما عززت السلطات الصربية الأمن في محيط بعثات ديبلوماسية تحسباً لتعرضها لاعتداءات بعدما هاجمت حشود غاضبة مراكز إسلامية في البلاد. ارسلت دول حلف شمال الأطلسي تعزيزات الى كوسوفو امس، فيما تواصلت اعمال العنف هناك بين الألبان والصرب، ووُصفت بأنها الأسوأ في الإقليم منذ الغارات الجوية التي شنها حلف شمال الأطلسي على يوغوسلافيا عام 1999. واعتبر الناطق باسم القوات الدولية في الإقليم كفور ان "من الصعب التكهن بما يمكن ان يحدث من تصعيد" هناك، فيما اشار المراقبون الى ان المواجهات "دليل على فشل الجهود الدولية لإقامة مجتمعات متعددة الأعراق في منطقة البلقان". وفي وقت اخذت حصيلة المواجهات تتزايد في الإقليم، مع تصاعد التوتر ضد المسلمين والدول الغربية في صربيا، فإن تقارير انذرت بامتداد العنف الى البوسنة حيث احرقت كنيسة ارثوذكسية صربية في مدينة بوغوينو وسط. وأعلنت مقدونيا اتخاذ اجراءات امنية احترازية خشية انتقال العنف الى اراضيها ذات الإثنيات المتعددة. وأعطى قائد "كفور" الجنرال الألماني هولغر كامرهوف الضوء الأخضر للقوات الدولية من اجل استخدام القوة "لوقف اعمال العنف بين الألبان والصرب وإعادة حرية التنقل للجميع في كوسوفو". ووصلت تعزيزات عسكرية اميركية وإيطالية وبريطانية وغيرها، الى كوسوفو بناء على طلب الأطلسي، من اجل رفع عدد قوات "كفور" هناك من 17 ألفاً و500 جندي، الى 20 ألفاً. وجاء ذلك غداة ادانة مجلس الأمن اعمال العنف ودعوته الى وقفها. وأوضح المجلس في اختتام اجتماع طارئ ليل اول من امس، ان "قيام مجتمع متعدد الإثنيات يتميز بالتسامح والديموقراطية في كوسوفو، يبقى الهدف الأول للمجتمع الدولي". وقال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان في افتتاح الاجتماع: "اسمحوا لي ان اذكّر القادة الألبان في كوسوفو بصفتهم المجموعة الاثنية الأكبر، ان لديهم مسؤولية حماية حقوق مجموع السكان وتعزيزها داخل كوسوفو، ولا سيما حقوق الأقليات". وفي كوسوفو، طالب رئيس الإقليم ابراهيم روغوفا كافة الأطراف "بالهدوء والتزام القرارات الدولية". وسحبت الأممالمتحدة موظفيها من شطري مدينة متروفيتسا شمال غرب التي اندلعت منها المواجهات الحالية، وأفاد المسؤولون في بعثة الأممالمتحدة في كوسوفو ان القرار "اتخذه الأمين العام كوفي انان بسبب تصاعد الأوضاع السيئة في المدينة". وقررت الإدارة الدولية اغلاق مطار بريشتينا الذي تسيطر عليه قوات "كفور" امام الطائرات المدنية، كما أُغلقت حدود كوسوفو البرية. وبحسب المعلومات المتوافرة امس، فإن عدد القتلى تجاوز الثلاثين شخصاً، وبلغ عدد الجرحى اكثر من 500 شخص، وأصيب بجروح مختلفة اكثر من 61 جندياً وشرطياً دولياً ومحلياً. كما اسفرت اعمال العنف عن إحراق ست قرى صربية بكاملها، ومستشفى صربي وفرار كل الصرب من العاصمة بريشتينا. ودمرت كلياً او جزئياً، 21 كنيسة صربية، ولجأ آلاف الصرب الى القوات الدولية طالبين الحماية بعدما هاجمهم الألبان. غضب في صربيا وكان المتظاهرون في صربيا احرقوا مسجدين ومركزاً اسلامياً. وأعلن رئيس الحكومة الصربية فويسلاف كوشتونيتسا اعتقال العديد من المتورطين في الحوادث ضد المؤسسات الإسلامية. وأكد على ان الحكومة ستسعى الى اعادة المسجدين الى وضعهما السابق في غضون اسبوعين. وعززت الشرطة الصربية الحراسة على السفارات الأميركية والألمانية والألبانية والكرواتية وسفارات غربية اخرى بعدما تعرضت الى محاولات اقتحامها من قبل المتظاهرين. وأعلنت السفارة الأميركية في بلغراد انها اقفلت مكاتبها بصورة موقتة ودعت المواطنين الأميركيين في صربيا الى تجنب الأماكن العامة "لأن مصالح اميركية كانت هدفاً خلال التظاهرات". وتواصلت التظاهرات في بلغراد والمدن الصربية الأخرى امس، لليوم الثالث على التوالي، وطالب المشاركون فيها بالتدخل العسكري الصربي، جيشاً ومتطوعين، في كوسوفو. وخاطب رئيس الحكومة كوشتونيتسا المتظاهرين، مؤكداً ان حكومته "لن تتخلى ابداً عن اقليم كوسوفو الذي هو قلب الأرض الصربية"، وأوضح ان صربيا "ستمنع، مهما كان الثمن، استقلال كوسوفو الذي يسعى إليه الألبان". ووضعت القوات العسكرية الصربية المرابطة عند الحدود الإدارية لكوسوفو في حال التأهب القصوى، ودعت قيادات مدنية وعسكرية صربية الى التدخل العسكري في كوسوفو. ورأى مراقبون ان المتشددين الألبان يرون ان التدهور الأمني سيمنع الصرب النازحين من العودة الى الإقليم، اضافة الى إرغام من تبقى من الصرب في تجمعات منعزلة الى مغادرتها، الأمر الذي اذا تحقق فإن قضية كوسوفو ستكون محسومة لمصلحة الألبان لخلو الإقليم من الصرب. وفي الوقت نفسه، تأمل قيادات صربية بأن يخدم التدهور الأمني "سقوط فكرة كوسوفو متعدد القوميات" وبالتالي فإن لا بد من حل يقوم على تقسيم ما للإقليم كانتونات بين مناطق ألبانية وأخرى صربية. روسيا تتهم الألبان وفي موسكو الحياة، رحبت الخارجية الروسية ببيان مجلس الأمن حول الوضع في كوسوفو واعتبرته "رسالة لا بد منها لجميع الأطراف، وفي الدرجة الأولى إلى الجانب الألباني" الذي حملته مسؤولية اندلاع العنف. وأشارت الوزارة في بيان إلى "انعدام شروط الأمن المتساوية لجميع الأطراف". واعتبرت ذلك تهديداً جدياً يضع عراقيل أمام قيام المجتمع الدولي بتطبيق وثيقة "معايير كوسوفو". من جانبه، اعتبر السفير اليوغوسلافي السابق في روسيا بوريسلاف ميلوشيفيتش أن الأزمة التي تصاعدت في حدة خلال الأيام الأخيرة في كوسوفو هي "نتيجة طبيعية لعدم تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1244" لعام 1999، وينص القرار على عودة اللاجئين الصرب إلى كوسوفو ومنح الإقليم حكماً ذاتياً موسعاً في إطار يوغوسلافيا الموحدة. واعتبر ميلوشيفيتش، وهو الشقيق الأكبر للرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش، أن تجاهل القرار الدولي شكل "قنبلة موقوتة" ستنفجر في أي وقت.