قال رئيس كتلة "المستقبل" النيابية في لبنان سعد الحريري إنه لم يلجأ إلى التصعيد أو إلى التهديد بالحرب في خطابه الأخير، موضحاً أنه قال إن"هناك محوراً سورياً إيرانياً نعاني منه، ومن محاولة وضع لبنان تحت وصايته". وواصل الحريري أمس لقاءاته الشعبية والسياسية في طرابلس شمال لبنان، متبرعاً ب 52 مليون دولار لمشاريع تنموية. ورد الحريري في لقاء حواري على محطة"المستقبل"الإخبارية مساء أول من أمس، على سؤال عن سبب قوله:"إن إذا كان قدرنا المواجهة فنحن لها"، موضحاً أن"ليس هناك من تحضير لتصعيد، ونحن كلما نزلنا إلى ساحة الشهداء نزلنا مسالمين حاملين أعلامنا وكل المحبة وورودنا، وسننزل ليس لتعطيل البلد أو الاقتصاد"، مشيراً إلى أن"هناك تعطيلاً للدولة وللسلطة ولمجلس النواب، وكل يوم يكون هناك تحريك أكثر وأكثر للشارع". وقال الحريري:"نحن قلنا إنه إذا اعتقد البعض أننا سنبقى ساكتين، وإن هذا الشارع يخيفنا، فإننا لا نخاف سوى من الله سبحانه وتعالى. نحن لا نريد المواجهة، لكن إذا ووجهنا وفرضت علينا، فإننا بالتأكيد لها"، ليؤكد بعدها:"نحن لا نريد المواجهة، بل مددنا يدنا مرة واثنتين وعشر مرات وستبقى يدنا ممدودة للنهوض بهذا البلد الذي نؤمن به". وحول سبل مواجهة تحرك شارع المعارضة في حال حصل، رد الحريري:"نحن واجهنا أكثر من شارع، واجهنا نظاماً سورياً استخبارياً كان في لبنان لحظة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأوقفنا النظام السوري المدجج بالسلاح والدبابات والاستخبارات ونزلنا في 14 آذار إلى ساحة الشهداء وطالبنا بالحقيقة وبخروج النظام السوري من لبنان وحصل ذلك". ونفى الحريري أن تكون المعارضة أو الأكثرية تريدان المواجهة، لكنه أوضح أنه"إذا فرضت علينا ولجأوا إلى المواجهة، فالمستفيد سيكون إسرائيل والنظام السوري"، سائلاً:"هل نريد أن نكون أداة المشروع الإسرائيلي أو السوري؟ لا أعتقد بأن المعارضة تريد أن تكون كذلك". كما اعتبر أن المواجهات في 23 و25 كانون الثاني يناير العام الماضي"ردعت كل الأطراف، وأظهرت أن المواجهة في الشارع مدمرة للبنان، وقد ردعت المعارضة والنظام السوري الإيراني عن أي مواجهة في الشارع"، مؤكداً وجود احتقان بين أنصار الأطراف المختلفين في الشارع، ومعتبراً أن السلاح هو نقطة ضعف المعارضة سائلاً:"هل ستوجه سلاحها إلى الداخل"؟ ونفى الحريري وجود عمليات تسليح داخل الطوائف، مؤكداً أن"هذا كله اتهامات وتهويل، وفي الحقيقة ليس هناك منزل في لبنان ليس فيه قطعة سلاح، وهذا تاريخي". كما دعا إلى معالجة المشكلة السياسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية هو قائد الجيش العماد ميشال سليمان، مشيراً إلى أنه"على الفريق الآخر أن يطالب بأن تكون هناك شراكة فعلية، وليس تعطيلا للبلد، شراكة مبنية على أساس الطائف وهو واضح للغاية، من حيث تقسيم المقاعد بين الطوائف". كما اعتبر أن"أي اختراق سوري لأي فريق لبناني هو اختراق وطني، ليس لطائفة أو لمذهب"، مشيراً إلى أن"هذا ما يحاول القيام به النظام السوري الإيراني، وحين نتحدث عن المال الطاهر فهذا اختراق إيراني للبنان". وأكد الحريري أن مبادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لم تفشل، مشيراً إلى أن"هناك محاولات دائماً لإعطاء اللبنانيين جرعة من اليأس تجاه كل المبادرات التي تحصل". وقال إن موسى"أتى إلى لبنان واجتمعنا وحصل نقاش جدي في بعض النقاط المهمة في المبادرة، وكنا واضحين جداً بتعاطينا ومفهومنا لها، وقلنا إننا لا نرضى إلا أن تنجح المبادرة العربية، وليس لنا سوى ذلك. لكن فوجئنا من الفريق الآخر بالحديث عن فشل المبادرة العربية وعن فشل الأمين العام". وأوضح أن"تفسيرنا للبند الثاني من المبادرة، هو أن لا ثلث معطلاً للمعارضة ولا النصف من الحكومة لنا، هم يريدون أن يفسروها على أساس 10+10+10. فليفسروها كما يريدون، لكن هذا ليس منطقياً إطلاقاً، فهل يعقل أن نكون أكثرية في المجلس النيابي ونمحي أنفسنا من الوجود"؟ وعما إذا كان هذا يعني أن المعارضة قالت لا ل10+10+10، أجاب الحريري:"حتى هذه الصيغة باتت لها شروط الآن". وأضاف:"فوجئنا أن هذا الطرح ليس هو المطلوب فقط، بل هناك حديث عن توزيع الحقائب وتفاهم على مواصفات رئيس الحكومة وأمور أخرى، وأنا أرى أن هذا الطرح قد يكون للتفاوض أو للمناورة، لأني أرى أن النظام السوري اتخذ قراره بأنه لا يريد أن تجرى انتخابات رئاسية في لبنان". وعما إذا كان شعر خلال وجوده في الاجتماع الرباعي مع رئيس تكتل"التغيير والإصلاح"النيابي ميشال عون، بأنه كان جالساً أمام الرئيس السوري بشار الأسد، أجاب:"بالطبع كنت جالساً مع ميشال عون وأنا لا أصل إلى هذه المرحلة، لكني صراحة لم أشعر أنه كان مفوضاً من المعارضة، فهو قال موقفا صريحاً وواضحاً في البداية، لكن حين أتينا إلى صيغة 10+10+10 وجدنا أن هناك تباينات داخل صفوف المعارضة، لكن الحديث عن فشل مبادرة عمرو موسى غير صحيح، وإذا فشلت فإن هناك من أفشلها، وبالتأكيد هذا الطرف ليس 14 آذار". وعن قول رئيس مجلس النواب نبيه بري إن أساس المشكل في لبنان هو في ما يسمى س- س أي سورية والسعودية، دعا الحريري إلى الكف عن"وضع مشاكلنا على عاتق غيرنا. إذا كانت فعلا هناك إرادة وطنية لحل الأمور يمكننا أن نحلها كما حللناها بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حين كان النظام السوري لا يريد أن تجرى الانتخابات النيابية عام 2005، فاتفقنا نحن وپ"حزب الله"وپ"أمل"وقوى 14 آذار على أن تجرى الانتخابات، التي حصلت على رغم رفض النظام السوري لها". ودعا إلى"إعطاء الصوت الوازن لرئيس الجمهورية طالما أن هناك عدم ثقة بيننا كما يقولون"، مؤكداً أن انتخاب العماد سليمان لا يزال وارداً. كما أوضح أنه غير معني بالأسماء التي طرحت في الوساطة القطرية،"لأن هناك مرشحاً واحداً هو العماد ميشال سليمان". وعن سبب عدم إقدام الأكثرية على انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً، أجاب الحريري:"لأن هناك توافقاً، ونحن نريد أن يكون هناك إجماع حول هذا التوافق". وعن كلام الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله عن تفاهمات حصلت بينه وبين الرئيس الحريري حول سلاح المقاومة، وأن النائب الحريري التزم بها شخصياً، سأل الحريري:"ما الذي تغير؟ هل طالبت بنزع سلاح"حزب الله"؟ أكثر حزب يتحدث عن نزع سلاح"حزب الله"هو الحزب نفسه، لا أحد من الموالاة و14 آذار يطالب اليوم بنزع سلاح المقاومة". واستنكر الحريري التطاول على المرجعيات الدينية. وعن المحكمة الدولية، قال الحريري:"أنتظر من المحكمة الدولية العدل. وبحسب معلوماتي أنه تم تمويلها وإيجاد المقر والقضاة لها، وقد شارفت على الانطلاق، أما ما الذي سيحصل فيها فلا علم لدي، أنا لم أتدخل يوماً ولم أرد أن اعرف أكثر من أي شخص آخر لأني فعلاً أؤمن بالأمم المتحدة"، مؤكداً أنه ما زال على اتهامه السياسي للنظام السوري بالجريمة، ومطالباً السيد نصر الله بإعطائه دليلاً واحداً على ضلوع إسرائيل في الجريمة. وعن قول بعض المعارضة إن أحدا منها لن يذهب إلى المحكمة، ولو بصفة شاهد، أكد الحريري أن"الذين ارتكبوا هذه الجريمة سيذهبون إلى المحكمة غصباً عن رقابهم، أياً كانوا وأينما كانوا، وإذا اعتقدوا أنهم محميون فمن رقابهم سنجرهم إلى المحكمة الدولية. كفى"تكبير رأس"على اللبنانيين وعلى المجتمع الدولي". ووجه الحريري رسالة إلى المعارضة، قائلاً:"كفى خطابات وأقول لكل اللبنانيين إن 14 شباط 2008 هي ذكرى كل الشهداء، دم رفيق الحريري مثل دم بيار الجميل مثل دم باسل فيلحان مثل دم كل شهداء مسيرة الاستقلال وكل الضحايا والشهداء الذين سقطوا في عام 2006 أثناء الاعتداء الإسرائيلي على لبنان". وأمس، أطلق الحريري سلسلة مشاريع تنموية وتعليمية وصحية في منطقة طرابلس وعكار والشمال بقيمة 52 مليون دولار، بعضها عائد للدولة وتعذر تأمين التمويل اللازم لها وذلك كهبات عينية سيتم تقديمها عن روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لإنشاء وتجهيز عدد من المدارس والمراكز الصحية في مناطق الشمال أبرزها طرابلس والميناء والمنية والضنية وعكار والكورة والبترون. وقال في سلسلة لقاءات عقدها في شمال لبنان:"إن ذكرى 14 شباط هي ذكرى أليمة، ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري التي عشناها جميعاً بغضب وحزن ودموع، ولكن هذه المسيرة لن تتوقف وسنكملها معكم ومع جميع المخلصين في هذا البلد". وأضاف:"في 14 شباط نريد ان ينزل كل لبنان الى ساحة الشهداء وفاء لشهداء كل لبنان، ولنؤكد على مسيرة رفيق الحريري مسيرة العلم والعطاء والبناء والإعمار ومسيرة العيش بكرامة وتكريس الحرية. سننزل لنقول إن كل محاولات إحباط قوى 14 آذار، قوى الاستقلال والسيادة والعروبة لن تنجح".