اختتم رئيس تكتل"التغيير والاصلاح"النائب اللبناني ميشال عون أمس، زيارته التي استمرت 5 أيام إلى سورية، بلقاء ثالث"وداعي"مع الرئيس السوري بشار الأسد تبادلا خلاله الهدايا. وكان عون ترافقه عقيلته السيدة ناديا وابنتاه وصهراه وزير الاتصالات جبران باسيل وروي الهاشم والوفد النيابي المرافق اضافة إلى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، زار ما يعتقد أنه مدفن القديس مار مارون في منطقة براد شمال حلب مشاركاً في أول قداس يقام فيه، ورأسه راعي أبرشية حلب المارونية المطران يوسف أبي عاد. وألقى أبي عاد عظة تحدث فيها عن توق الأبرشية إلى"أن نحيي الجذور ونرجع إلى حياة متأصلة في الروحانية وإلى العيش مع اخوتنا في هذا البلد النهضة الحضارية الفكرية وان نستجلي من خلال هذه الأوابد والتحف الغنية بالمكنونات لكي يكون حوارنا الحياتي مركزاً على دعائم أساسية مطبوعة في منهجنا منذ القدم". وأشار إلى أن"الرئيس بشار الأسد ينسج اللحمة الوطنية ويرفع عالياً رايات الحضارة السورية العريقة ليعتز شعبنا بجمالاتها المشرقة ثم يعرضها بافتخار إرثاً تراثياً ثميناً وغنياً على كل زائر وسائح وصديق. الرئيس الأسد هو الذي شجعنا منذ اللحظة الأولى في المضي قدماً في تحقيق مشروع إظهار الأمكنة التراثية المارونية في براد وقلعة كالوتا". عون: نعود الى الأصول وألقى عون كلمة قال فيها:"بعد 1600 سنة نعود الى الاصول والينابيع، لأن الأغصان التي تنقطع من جذورها لا تعيش، كنا نشعر ان المسافة بعيدة بين هنا وجبل لبنان لكن لا، وجدناها قصيرة جداً وأصبحت أقرب". وأضاف:"المهم أن نعود إلى صفاء النوايا وصفاء الوجدان ونعود نفكر بانسانيتنا وبرسالتنا الاساسية، المسيحية وهي رسالة المحبة وشهادة الحق. المحبة تشمل جميع البشر ولا انتقائية فيها وإلا لا تكون محبة مسيحية فكيف بالأحرى مع الذين نعيش معهم؟". ووصف عون حضوره بأنه"يوم تاريخي"، آملاً بأن"نشهد في الايام المقبلة اعادة اعمار هذا المكان لتخليد ذكرى مار مارون، خصوصاً أن السيد الرئيس الأسد دعانا الى اعادة اعماره وقدم الارض حتى تأتي الطائفة المارونية وتحتفل بذكرى القديس الذي ننتسب اليه ونفخر به، فهو مهد المارونية. وكنيستنا السريانية الانطاكية بدأت هنا وامتدت الى جبل لبنان والمسيحية كلها أخذت اسمها في انطاكيا، هناك كانت التسمية الأولى للمسيحيين على هذه الارض وعلى امتدادها". وقال أنه"لا يمكن لأي شعب يختزن روحية معينة، ان ينفصل عن الينابيع التي اعطته هذه الروحية. ننظر حولنا هذه الارض التي هجرت في لحظة من اللحظات تعود وتجتذب الروحانية التي انبثقت منها كل الذين هجروها، ونحن من المهاجرين العائدين اليوم إلى هذه الارض نصلي ونأمل ونتواعد بأنه أصبح لدينا مكان نلتقي فيه مع مؤسس الطائفة المارونية الذي التف المؤمنون حوله نظراً إلى أعماله العظيمة". وقال:"في النتيجة، مهما تعاظمت الشرور ينتصر الخير". وأضاف:"لست هنا لأقدم موعظة بل لأقول هاتين الكلمتين ولأعيد أخواننا الملسمين بعيد الأضحى، وعسى أن تبقى احتفالاتنا مشتركة ونحتفل معاً بأعيادنا وهذا هو العيش المشترك وهذا نداء دياناتنا السماويةا". وسئل عون عن رؤيته إلى العلاقة اللبنانية - السورية في ضوء زيارته من دمشق الى حمص الى حلب، فأجاب:"نود أن نرى مثل هذا التلاقي الذي حصل في مختلف المدن السورية وطبعاً رسالة تنقية الوجدان، يجب أن تصل إلى الجميع لتصبح العلاقة في شكل طبيعي. أعتقد أن هناك حتمية تاريخية في لقائنا بأن الأمور ستسير في هذا الاتجاه ولا يمكن أحداً أن يعاكسها، لكن علينا ان نحترم الوقت وأن لا ندفع الأمور في شكل متسرع حتى يلمس الجميع بأن هذه هي الطريق القويم لنعيش سوية في لبنان وفي سورية وفي المنطقة متآلفين متعايشين ضمن اطار قيم انسانية واخلاقية مشتركة هي تعطينا السلام والنقاء في العلاقات". وقيل لعون: تنقسم الآراء في لبنان حول زيارتك خصوصاً ان لا مصالحة مسيحية - مسيحية وأنت أتيت لتتصالح مع التاريخ في سورية، فقال:"أعتقد انني قمت بواجبي بدعوة الجميع الى تنقية الضمير، لا شي بين المسيحيين يستوجب المصالحة لأن الاختلاف السياسي حزء من الحياة الديموقراطية وإذا كانت هناك مشكلات بين افراد يفصل بها القضاء. نحن متصالحون مع ذاتنا ولا اعتقد اننا سنختلف على مار مارون ولا أحد سيحتكره لنفسه فهو قديس الجميع". ودعا الجميع إلى"المساهمة في اعادة بناء هذا الصرح الذي منحنا أرضه سيادة الرئيس الأسد، ونأمل بأن يسهم في اعادة البناء كل اللبنانيين والسوريين". كما زار عون والوفد المرافق"وسط ترحيب حشود المواطنين الذين تجمعوا حاملين الإعلام السورية واللبنانية واللافتات التي تؤكد الإخاء السوري - اللبناني"، بحسب وكالة"سانا"الرسمية السورية، المواقع الأثرية والدينية في منطقة براد والتي تعود في تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي. مفتي سورية يشيد بعون وكان عون لبّى ليل أول من أمس مأدبة عشاء أقامها على شرفه، مفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون الذي ألقى كلمة رحب فيها بعون"صاحب المواقف الوطنية المتميزة". وقال:"إننا في سورية في خندق واحد مع كل وطني عربي يؤمن برسالته ولهذا فإن سورية فتحت قلبها للرجل الذي لم يتنازل عن وطنه وشخصيته وآمن بالمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي". وألقى عون كلمة شكر فيها للأسد"حفاوة الاستقبال"التي أحاطه بها و"التي انعكست في وجوه الشعب السوري". وقال:"قرأت الفرح في عيون المستقبلين وابتساماتهم الصافية ونقلت لهم محبة الشعب اللبناني وأشعر بأن هذه الرسالة مرت في جميع القلوب". وأكد أن"علينا الآن متابعة ما بدأناه في هذه الزيارة عبر تصفية كل المشاكل العالقة مع الآخرين ولا بد من تذليلها لأن ذلك من مصلحة لبنان وسورية ومصير القضية الفلسطينية التي تلزمنا بالتضامن لحين وصول الشعب الفلسطيني إلى حل يحفظ له حقوقه ويصون له هويته". وشدد على أن"الشعوب المتآخية هي التي تفرض الحلول على الرافضين لها ونحن الآن في مسيرة انفتاح وتآخ حتى نستعيد المرحلة الصافية عبر تضامننا وتضامن شعبي البلدين"، واصفاً المشاكل العالقة ب"المصطنعة". نشر في العدد: 16684 ت.م: 08-12-2008 ص: 17 ط: الرياض