كان اغتيال بينظير بوتو، في الأسبوع الأخير من 2007، من فواتح 2008، ومشاغل العام الجديد. وعشية اغتيالها، وبعد محاولة اغتيالها الأولى بكراتشي، نبهت زعيمة حزب الشعب الى أن القوات المسلحة"تعتبرها عدوة لها"، على خطى ضياء الحق،"الديكتاتور المتطرف الذي حكم باكستان في الثمانينات"، وقتل والدها، ويستظل الإرهابيون، على قولها، سياسته الى اليوم... وعول معلقون صحافيون، غداة الاغتيال، على دور الجيش الباكستاني في الحؤول دون اندلاع حرب أهلية، وطمأنة المستثمرين. فلاحظت برونون مادوكس "تايمز"البريطانية ان برويز مشرف أطلق يد الجيش في القطاعات الاقتصادية، وأثار حفيظة إقليمي السند وبلوشستان على البنجابيين، ومعظم القوات المسلحة منهم. ولم يضبط الرئيس الحرب الباكستانية على الإرهاب، فأوقعت هذه خسائر في صفوفه، وعرضته للتجاذبات. ودعت معلقين باكستانيين وصحفاً محلية الى التشكيك في رواية اغتيال بينظير بوتو، والى إسهام جزء من الدولة بالتواطؤ مع القتلة. وهذا ما فعلته بوتو نفسها في محاورتها"لونوفيل أوبسرفاتور"الفرنسية عشية اغتيالها. وخشي مستشار لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي أشلي تيلز "نيوز"الباكستانية، أن يوكل مشرف الى الجيش الإشراف الأمني على الانتخابات الوشيكة، ف"يؤثر هذا سلباً في أداء باكستان في الحرب على الإرهاب بمناطق القبائل، ويؤتّر علاقة الرئيس مشرف بالجنرال اشفاق كياني"، قائد الجيش. وقد يترتب على هذا"تصدع نظام القيادة والتحكم في الجيش الباكستاني". وهذا النظام هو ضمان سلامة السلاح النووي. وفي الثلث الأول من شباط، شن الجيش الأميركي غارة صاروخية على وزيرستان، مناطق القبائل الباكستانية قتلت قادة من"القاعدة"وطالبان. وسبقتها غارة في 28/1/2008 لم يتبنّها طرف. وتثير العمليات الأميركية في مديرتي وزيرستان الشمالية والجنوبية المشاعر الوطنية"في أوساط غير معادية للأميركيين"، على قول رحيم الله يوسفزي "نيوز انترناشنال"الباكستانية، وينتشر المسلحون في مناطق كانت آمنة. وخسر الجيش الباكستاني في الحرب عليهم، في عام واحد، 1100 جندي. والسلطات الباكستانية تتبنى مسؤولية عمليات تشنها واشنطن. وقد تطول هذه الحرب على الحدود الباكستانية ? الأفغانية، وربما في الداخل، الى حين هزيمة المنظمتين. وربط بولي توتيبي البريطاني "دون"الباكستانية زيارة كوندوليزا رايس ونظيرها البريطاني، ديفيد ماليباند، الى كابول، بصدور دعوات بريطانية الى انسحاب القوات من أفغانستان، والى الأخذ بنصيحة كيسينجر:"دعوا الأجانب يحلوا مشكلاتهم بأيديهم، وليس علينا فعل شيء إلا في سبيل الحفاظ على مصالحنا". ولكن روبرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي، ناشد نظراءه الأطلسيين بليتوانيا زيادة مشاركتهم في أفغانستان حيث تشتد هجمات طالبان. وغداة مصرع 14 ضابطاً من مكتب التحقيقات الفيديرالي الباكستاني في انفجارين انتحاريين بلاهور، نبه بي رامان، مدير الاستخبارات العامة الهندية سابقاً، في موقع"ساوث إيجيا أناليزيس غروب"الهندي، الى ان موجة العمليات الانتحارية بدأت بعد شن الجيش هجومه على المسجد الأحمر بإسلام أباد في تموز يوليو 2008. ورد الانتحاريون باستهداف الجيش والاستخبارات العسكرية والقوات الخاصة، والسياسيين الذين أيدوا العملية، والضالعين في العمليات العسكرية على مناطق القبائل الباكستانية. ويضطلع بيت الله محسود، قائد طالبان الباكستانية، بدور كبير في الهجمات هذه. والهجوم الأخير وقع بعد يومين من إصدار المحكمة الخاصة بالجرائم الإرهابية أمراً باعتقال بيت الله محسود في تهمة التخطيط لاغتيال بينظير بوتو. وعشية مهاجمة جماعة باكستانية مومباي الهندية، في الأسبوع الأول من كانون الأول ديسمبر، كتب بارنيت روبن، الباحث الأميركي، وأحمد رشيد، الصحافي والكاتب الباكستاني، في"فوربن أفيرز"، أن عداء القوى الباكستانية الحاكمة للتحالف الغربي بأفغانستان عميق ومتأصل. فهذه القوى لا تشك في حلف كرزاي بالهند. ودول المنطقة كلها تقارن بين خطر"القاعدة"وطالبان على أمنها، وبين"خطر انتشار قوات"الناتو"في مناطق نفوذها. وتعج المنطقة ودولها ب"نظرية"المؤامرة". وتتوقع تقسيم باكستان، الدولة المسلمة الوحيدة في العالم التي تملك قنبلة ذرية. وعلى هذا، يتحكم الجيش الباكستاني في مستوى عنف"القاعدة"وطالبان، إن لم يتحكم في عملياتهما. وفي وسع الصين والسعودية حمل باكستان على الانفكاك عن المنظمتين لقاء إنهاء النزاع في أفغانستان ومعارضة زعزعة أمن باكستان. ويرى مراقبون أن مهاجمي الهند ائتلفوا من جماعات ثلاث، وليس من جماعة واحدة. وتوقع آخرون أن تضرب الهند معسكرات التدريب بباكستان. نشر في العدد: 16707 ت.م: 31-12-2008 ص: 28 ط: الرياض