وصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى تركيا في زيارة جديدة ستتركز على بحث سبل التعاون في مكافحة المتمردين الانفصاليين الأكراد الأتراك الذين لجأوا الى جبال كردستان العراق. وسيستقبل الرئيس التركي عبدالله غل ورئيس وزرائه رجب طيب أردوغان المالكي، على أن يرافقه الأخير في زيارة عدد من الوزراء والمسؤولين. وبحسب الجدول الزمني للزيارة، ليس من المنتظر أن يعقد المالكي مؤتمراً صحافياً. وسيترأس المالكي ونظيره التركي اجتماعات اللجان العليا المشتركة للتعاون بين البلدين. لكن الموضوع الأهم الذي سيبحثه المالكي في زيارته لتركيا التي تعد الثانية بعد مؤتمر دول جوار العراق الذي عقد في اسطنبول في تشرين الثاني نوفمبر العام الماضي، يبقى الاستراتيجية الواجب اتباعها من أجل مجابهة الانفصاليين من عناصر"حزب العمال الكردستاني". وفي تصريحات نقلتها وكالة"أسوشييتد برس"، قال المالكي:"نعتقد بأن علينا تعزيز علاقاتنا الى مستوى جيد". وأكد دعمه اقتراحات لجنة أمنية مشتركة لمواجهة"العمال الكردستاني"، إلا أنه لم يوضح ماهية هذه الاقتراحات. وتقول أنقرة إن حوالي أربعة آلاف متمرد من عناصر هذا الحزب تحصنوا في الجبال في شمال العراق حيث يتمتعون بحرية التنقل ويتزودون بالأسلحة والذخيرة التي يشنون بها هجماتهم على الأراضي التركية. وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أعلن في 19 تشرين الثاني نوفمبر الماضي تشكيل لجنة عراقية - تركية - أميركية لوضع"اجراءات رادعة"بهدف وقف أي نشاط محتمل ل"حزب العمال الكردستاني"داخل الأراضي العراقية أو في المناطق الحدودية المتاخمة للحدود العراقية - التركية. ويواصل الطيران التركي قصف مواقع الحزب في شمال العراق، كما يعلن الجيش التركي بين الحين والآخر. وأكد الرئيس العراقي جلال طالباني في مقابلة نشرتها صحيفة تركية أن أكراد العراق مصممون على منع المتمردين الأكراد من استخدام أراضيهم لشن هجمات على تركياوايران. وصرح طالباني لصحيفة"اكشام":"سأقولها بوضوح: نحن أكراد العراق لن نسمح لأي مسلحين من أي جماعة كردية باستخدام أراضينا لشن هجمات على تركيا او ايران"، مضيفاً:"سنتخذ الاجراءات اللازمة". وأضاف أن أكراد شمال العراق سيجتمعون قريباً ويوجهون نداء مشتركاً الى المتمردين الانفصاليين كي"يتخلوا عن النضال المسلح وينخرطوا في العملية الديموقراطية". لكن الرئيس العراقي الكردي أكد أن أكراد العراق لن يقاتلوا المتمردين، موضحاً أن"المشكلة يمكن حلها بلا مواجهات". واعتبرت وسائل الاعلام التركية هذه التصريحات بأنها خطوة تهدف الى"إنهاء وجود"هذه المنظمة من أرض العراق. وبحسب القنوات التلفزيونية التركية، فإن على الحزبين الكرديين الرئيسيين في شمال العراق وحكومة بغداد الإعلان قريباً أن هذه المنظمة خارجة عن القانون وسد الطريق أمام أي نوع من التمويل. وكانت تركيا أصدرت عدداً من قرارات العفو عن عناصر هذه المنظمة، فيما سيعلن قريباً قراراً يستبعد قادة هذه المنظمة من الاستفادة من العفو. وتتهم أنقره غالباً أكراد العراق بغض النظر عن المتمردين وحتى بمساعدتهم. وتؤكد حكومة اقليم كردستان دائماً أن الحلول العسكرية لن تجدي نفعاً في معالجة قضية الأكراد الانفصاليين، وتدعو إلى حلول سلمية. ورفضوا التعاون مع تركيا في ضرب قواعد"حزب العمال الكردستاني"الموجودة في اقليم كردستان العراق، كما حدث في منتصف تسعينات القرن الماضي. ومنذ تغيير سياستها مطلع عام 2008 بدعم من واشنطن التي تملك قوات كبيرة في العراق منذ عام 2003، ضاعفت أنقرة اتصالاتها بالادارة الكردية في شمال العراق من أجل حل هذه المشكلة. وأحدث دليل على هذا التغيير في السياسة التركية، اعلان الرئيس التركي عبدالله غُل أنه سيتوجه إلى العراق خلال كانون الثاني يناير الجاري في زيارة كانت مقررة أصلاً أواخر كانون الأول ديسمبر الماضي لكنها تأجلت لأسباب صحية. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن غُل قوله رداً على سؤال وجهه اليه صحافيون على هامش حفل في القصر الرئاسي عن هذه الزيارة:"أرجأنا الزيارة لكني سأذهب إلى هناك بالتأكيد". ومن المتوقع أن تتمحور زيارة غل الاولى لرئيس دولة تركي الى العراق منذ احتلال القوات الاميركية للبلد الجار في 2003، حول سبل مكافحة المتمردين الانفصاليين الاكراد الاتراك الذين لجأوا الى جبال كردستان العراق. وكان غل الذي يعاني من مشاكل في الأذن، اضطر إلى تأجيل زيارات كانت مقررة في كانون الاول ديسمبر الماضي الى بغداد وروسيا واسرائيل والأراضي الفلسطينية. يذكر أن"حزب العمال الكردستاني"الذي تعتبره تركيا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة منظمة ارهابية، شن منذ عام 1984 حملة مسلحة للحصول على الحكم الذاتي في منطقة جنوب شرقي تركيا التي تقيم فيها غالبية كردية. وأسفر النزاع حتى الآن عن سقوط 44 ألف قتيل. ومن المتوقع أن يوقع خلال زيارة المالكي على عدد من مشاريع التعاون، وخصوصاً في مجال الطاقة قبل أن يتوجه الى ايران في رابع زيارة له اليها منذ توليه السلطة عام 2006. نشر في العدد: 16701 ت.م: 25-12-2008 ص: 9 ط: الرياض