نشر مايكل شوير رئيس وحدة بن لادن السابق في الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، سلسلة من المقالات ضمن عموده الأسبوعي في المجلة الأسبوعية المتخصصة Terrorism Focus والتي تصدر عن مؤسسة"جيمس تاون"Jamestown Foundation، أحد بنوك التفكير في الولاياتالمتحدة الأميركية، عن الوجهات المحتملة لأعضاء التيار السلفي - الجهادي، بعد تراجع دور التيار في العراق. وخصص شوير مقاله الثالث للحديث عن الأردن كوجهة محتملة، بعد ان خصص أول مقالين لسورية ولبنان على التوالي. ويرى شوير ان الأردن لا يواجه استيلاء الإسلاميين على السلطة،"لكن التيار السلفي - الجهادي، ينظر الى الأردن كهدف محتمل، ويشكل خطورة عليه لعاملين: أولهما حالة الاستياء من التحالف الأردني في مكافحة الإرهاب إذ فرضت إجراءات صارمة ضد التيار، والثاني يرتبط ليس فقط بالسلفيين - الجهاديين الذين لم يستطيعوا النفاذ الى العراق، بل وأيضاً يرتبط بالعائدين من العراق". ويقول مايكل شوير ان تنظيم زعيم"القاعدة"السابق في العراق، أبو مصعب الزرقاوي، وقبل قتله في حزيران يونيو 2006،"بدأ نشاطه يتزايد في الأردن، وباتت هجماته في العراق مصدراً لأيقنة الشخص وتنظيمه، وبالتالي جذب الشبان المتطرفين وتجنيدهم، ولعبت الأيقنة تلك، ذلك الدور، حتى بعد قتل الزرقاوي". ومنذ قتل الزرقاوي، بات تنظيم الزرقاوي تياراً داخل التيار السلفي - الجهادي يتمايز، ويمارس نشاطاً تنظيرياً واضحاً في المنتديات الجهادية، ويمكن ان يطلق على اعضاء التيار"الزرقاويون الجدد". ويبدو ان نشاط التيار بدأ يتزايد في مسقط رأس أبو مصعب، الزرقاء، ثاني أكبر المدن الأردنية والتي تحتوي تنوعاً سكانياً متميزاً، وينشط فيها السلفيون الجهاديون عموماً، خصوصاً ان المدينة تعد من المناطق الشعبية في معظمها، أو أقرب للطبقة الوسطى الدنيا، إن جاز استخدام هذا التقسيم الطبقي، وقد برز تحول جديد في علاقة هذا التيار مع السلفيين - الجهاديين التقليديين في الأردن، في شكل أشر على انقسام متزايد بين السلفيين - الجهاديين في الأردن. خلاف المقدسي والزرقاوي ويعد أبو محمد المقدسي واحداً من أهم منظري التيار السلفي - الجهادي، ومن المؤسسين للتيار في الأردن منذ عودته إليه عام 1992، لكن تأثيره لم يقتصر على الأردن بل تعداه الى معظم التيار السلفي - الجهادي، حتى أن دراسة مركز مكافحة الإرهاب في كلية وست بوينت العسكرية المعنونة ب"أطلس الجماعات المسلحة"Militant Ideology Atlas عام 2006، اعتبرت المقدسي واحداً من أكثر الشخصيات تأثيراً في الجماعات السلفية الجهادية، إذ ان كتاباته كانت أكثر الأدبيات اقتباساً في كتابات السلفيين الجهاديين. والتيار الجديد يضم من يعدون انفسهم على خط أبو مصعب الزرقاوي، الذي كان خلافه مع المقدسي خرج للعيان في منتصف العام 2005، حين وجه الأخير رسالة مفتوحة بعنوان"مناصرة ومناصحة"، يدعو فيها تنظيم الزرقاوي الى عدم استهداف المدنيين الشيعة والمسيحيين. واتهم المقدسي أتباع الزرقاوي بنقص الخبرة ما يسهل اختراقهم من الأجهزة الأمنية، وشدد على أهمية ان تكون القيادة في العراق بيد العراقيين. ورد الزرقاوي بدوره على تلك الرسالة بالإشارة الى ان أثرها السلبي لم يكن عليه شخصياً بل على"الجهاد في العراق". ومنذ تلك الفترة بدأت إرهاصات الانقسام بين"المقدسيين"و"الزرقاويين"، إن جاز التعبير، إذ ان السلفيين - الجهاديين يرفضون شخصنة جماعاتهم السياسية وإن كانت الكاريزما الشخصية أحد سمات مجموعاتهم، ولم تبرز الخلافات تلك وتتبلور إلا أخيراً. في ما سبق مؤشرات الى ان جماعة أكثر راديكالية، تستند إلى خطاب أكثر تشدداً من داخل التيار السلفي - الجهادي، في طور التشكل في الأردن. ومن المحتمل ان تكرر الظاهرة نفسها، ويتمدد التيار في أماكن أخرى من العالم العربي، خصوصاً أن أتباع التيار يعدون أنفسهم حملة إرث أبو مصعب الزرقاوي، ما قد يشكل عاملاً مهماً في استقطاب شبان متشددين في شكل أوسع. كما ان مثل هذا التحول سيشكل عنواناً أساسياً إذا ما بدأ التيار السلفي - الجهادي ينشط في دول جوار العراق، كتعبير عن مرحلة"السلفية ? الجهادية لما بعد العراق"، كما يشير مايكل شوير في سلسلة مقالاته.