أعادت القمة الأوروبية - الروسية، في مدينة نيس الفرنسية امس، بث الحرارة في العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وروسيا، بعدما كادت ان تفسدها"المغامرة الناجحة"التي أقدمت عليها موسكو ضد جورجيا، خصوصا أن الطرفين وجدا المسافة بينهما أقرب مما هي بين أي منهما مع الولاياتالمتحدة في زمن الأزمة المالية التي تعصف بالعالم. وأعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن قلق الاتحاد الأوروبي من تهديد الرئيس ديمتري ميدفيديف بنشر صواريخ في جيب كاليننغراد الروسي، رداً على خطة واشنطن لنشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا. ودعا ساركوزي، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد، نظيره الروسي الى عدم تنفيذ تهديده، وذلك خلال القمة الروسية - الأوروبية التي عقدت في مدينة نيس الفرنسية أمس. لكن ميدفيديف رمى الكرة في الملعب الأميركي، وعزا موقف بلاده الى"الإجراءات الأحادية"لواشنطن، مطالباً إياها بالتخلي عن هذه الإجراءات. راجع ص 8 لكن الرئيس الفرنسي لم ينتزع من نظيره الروسي أي تعهد في هذا الشأن، علماً ان ميدفيديف أكد موقفه الداعي الى مناقشة الفكرة العزيزة على قلب الكرملين، الا وهي وضع معاهدة جديدة للأمن في أوروبا،"ربما منتصف 2009 وفي إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا". وقال الرئيس الروسي:"قبل التوقيع على اتفاق شامل حول الأمن الأوروبي، علينا الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب". وذكر ان بلاده"لم يسبق لها أبداً ان اتخذت مثل اجراءات كهذه، وكل إجراءاتنا كانت رداً على تصرفات دول أخرى، وافقت ومن دون ان تناقش الأمر مع أحد، على نشر معدات جديدة على أراضيها"، في إشارة الى بولندا وتشيخيا حيث تعتزم واشنطن نشر مكونات"الدرع". واعتبر ساركوزي ان روسيا احترمت الجزء"الأساسي"من التزاماتها في شأن الانسحاب من جورجيا، لكنه طالب ميدفيديف ب"تحقيق تقدم"في مجال سحب قواته من هذه الجمهورية السوفياتية السابقة، معربا عن اعتقاده"بان الاقتراحات الروسية الفنية والمالية الاقتصادية جيدة وقريبة جدا من الطروحات الاوروبية". وأعلنت ناطقة باسم المفوضية الأوروبية ان مفاوضات اتفاق شراكة معززة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، والتي علّقت عقب التدخل الروسي في جورجيا، ستستأنف في الثاني من كانون الأول ديسمبر المقبل، بموجب اتفاق بين المسؤولين الروس والأوروبيين في قمة نيس. ومن المقرر ان يحل اتفاق"الشراكة المعززة"محل اتفاق يعود الى 1997 حين كانت روسيا تتعافى من انهيار الاتحاد السوفياتي. ويأمل الأوروبيون بأن يتيح لهم الاتفاق الجديد حضوراً اكبر في السوق الروسية، خصوصاً في مجال الطاقة، وان يضع تعهدات ملزمة تسمح بضمان إمدادات المحروقات الروسية الى أوروبا. وتوقع رئيس المفوضية خوسيه مانويل باروزو ان تكون المفاوضات في هذا الشأن"معقدة". نشر في العدد: 16661 ت.م: 15-11-2008 ص: الأولى ط: الرياض