ربما تمثل حملة "هل تعرف حقيقة باراك اوباما" الورقة الأخيرة لمرشح الرئاسة الأميركية الجمهوري جون ماكين في مواجهة منافسه الديموقراطي الذي يتقدم عليه بفارق ست نقاط في استطلاعات الرأي قبل اقل من شهر من موعد الاقتراع المقرر في الرابع من تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ويمكن القول ان ماكين يملك مواد كثيرة لإطلاق"حرب شخصية"على اوباما تشمل الى علاقته ب"الإرهابي"بيل ايرس الذي انضم الى مجموعة نفذت اعتداءات ضد وزارة الدفاع ومقر الكونغرس كابيتول، صلته بمسؤولين عن الأزمة المالية في الولاياتالمتحدة بينهما فرانكلين رينز وجيم جونسون الرئيسان التنفيذيان السابقان لشركة"فاني ماي"التي استحوذ البنك الفيديرالي على اصولها قبل اسبوعين الى جانب شركة"فريدي ماك". كذلك، يملك ماكين خيار اثارة ملف انتهاك المرشح الديموقراطي قوانين تمويل الحملة الانتخابية عبر حجب أسماء اكثر من نصف الممولين، في ظل تكهنات حول نيله 34 مليون دولار من مصادر خارجية. كما يستطيع المرشح الجمهوري انتقاد علاقات اوباما مع شخصيات موضع جدل بينها القس السابق جيريميا رايت المتهم بأنه ادلى بتصريحات مناهضة لأميركا، ورجل الأعمال توني ريزكو المدان بالفساد. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يوفر خيار"الحرب الشخصية"ضد اوباما النجاح التكتيكي المنشود لحملة ماكين، في وقت تفرض"وحول"الأزمات الأميركية الناتجة من ال"لا انتصار"في"الحرب على الإرهاب"التي تخوضها البلاد منذ ست سنوات، ومواجهة خطر انهيار الأسواق المالية، وهبوط المعنويات الوطنية، وتشوه الصورة العالمية للبلاد، إظهاره صورة القائد"المنقذ"؟. لا شك في ان ماكين تمتع دائماً بهالة تأييد إعلامي مؤثر لحملاته وشعاراته، ما يخوله ترويج"سيئات"اوباما في شكل واسع، لكن ارتباط معطيات الفوز الفعلية بنتائج المناظرتين المباشرتين المقبلتين، المقررة اولاهما في جامعة بيلمونت في ناشفيل تينيسي، جنوب اليوم، والثانية في جامعة هوفسترا في هامستيد نيويورك، شمال شرقي في 15 الشهر الجاري، يضعه في خانة المهزوم"سلفاً"، في ظل افتقاده"هبة"منافسه في تحريك الجمهور. ويمتد هذا الواقع الى مرشحة ماكين لمنصب نائب الرئيس ساره بايلن التي انحصر حديثها"غير المضجر"حتى الآن في اثارة علاقة اوباما ب"ارهابيين"، فيما بدت إجاباتها"على القياس"وبالاعتماد على أفكار مدونة خلال المناظرة التي جمعتها مع المرشح الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس جوزف بايدن الأسبوع الماضي. الواضح ان ماكين يواصل ارتكاب"هفوات"عدم تركيز حملته على الأفكار الكبرى للامة، ربما لارتياحه الى ان النتائج النهائية يحسمها بالدرجة الأولى"وفاء"الناخبين لانتمائهم الحزبي، ولكون اوباما اولاً واخيراً"قليل الخبرة"في المجال السياسي ويفتقد الشجاعة المطلوبة، كما ينتمي الى حزب دأب على معالجة الأزمات عبر زيادة الإنفاق، وهو ما لا تحتاجه اميركا حالياً. في المقابل، أجاد اوباما"توظيف"خبرته القليلة في حملته الانتخابية عبر التزام الصمت في مواجهة الأزمة المالية، فيما تفادى إحراج إطلاق شعارات تحدي الغزو الروسي لجورجيا، وذلك بخلاف ماكين الذي اوحى بأن عهده سيدور في فلك الحروب التي اطلقها الرئيس الحالي جورج بوش في افغاستان والعراق، وبالتالي سيشكل تتمة لولاية بوش الذي يعني نهاية حظوظه الانتخابية فعلياً. وخرج اوباما من هذه الأزمات بصفة"الحكيم"، ما شكل انقلاباً على صفة"غير الخبير"، في وقت خسر ماكين مواصفات"البطل"التي ترتبط بسجله في حرب فيتنام الى"العجوز"غير القادر على الانفصال عن فريق بوش. وهنا يخسر ماكين فرصة مقارنته برونالد ريغن، الرئيس الأكبر في تاريخ الولاياتالمتحدة حتى الآن، لأنه ما زال عاجزاً عن اظهار وجه الشخصية"الثورية"القادر على اعادة الافتخار الى الطقم السياسي الأميركي، ويبقى اعتماده على احتمال نظر الأميركيين اليه باعتباره بديلاً"اكثر آماناً"من اوباما للفوز.