يمضي مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل في ثالث أيام زيارته لبنان يوماً عسكرياً طويلاً يتنقل فيه بين وزارة الدفاع للقاء الوزير الياس المر، ومقر قيادة الجيش في اليرزة للاجتماع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي وكبار ضباط القيادة وأركان مديرية التجهيز فيها للوقوف على حاجات الجيش من معدّات عسكرية ولوجستية تنفيذاً لقرار الإدارة الأميركية دعم برنامج إعادة تسليحه ومساعدته على الحفاظ على الأمن والاستقرار. وتعقد الأحد المقبل قمة سعودية - لبنانية بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس اللبناني ميشال سليمان، في أول زيارة له الى السعودية تستمر حتى الاثنين. راجع ص 8 وتأتي زيارة هيل لبيروت، وهي الثانية له في أقل من شهر ونصف الشهر، بعد إبلاغ الرئيس الأميركي جورج بوش نظيره اللبناني في اجتماعهما الأخير في واشنطن انه سيوفد هيل مجدداً الى لبنان في إطار التحضير لإطلاق البرنامج الأميركي لتسليح الجيش اللبناني، علماً ان هيل كان أبلغ قيادات لبنانية التقاها في زيارته الأولى لبيروت انه سيعود لاحقاً لمواكبة التطورات في لبنان وارتدادات أزمات المنطقة والعالم التي تضعه امام تحديات يكون فيها للجيش الدور الأبرز. وبعد قضائه يوماً عسكرياً بامتياز في اليرزة مقر قيادة الجيش، سيخصص هيل اليوم الأخير من زيارته غداً للقاء الرؤساء الثلاثة وقيادات في الأكثرية، في ظل استبعاد أي لقاء له مع وزير الخارجية فوزي صلوخ الذي لم يتبلغ من السفارة الأميركية في بيروت أي موعد يجمعه والموفد الأميركي. وكان هيل الذي وصل أول من امس الى بيروت التقى امس رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط في المختارة الشوف في حضور السفيرة الأميركية في بيروت ميشيل سيسون ومن ثم نائب رئيس المجلس النيابي السابق ايلي الفرزلي في بلدة جب جنين في البقاع الغربي. وفيما لم يدلِ هيل بأي تصريح علمت"الحياة"من مصادر مواكبة للقاءاته انه أراد تمرير رسالة عن استعداد واشنطن لتسليح الجيش اللبناني وتدريبه وإعادة تجهيزه، وأن هذه المهمة في حاجة الى وقت غير قصير، لكنها ضرورية ليكون الجيش مؤهلاً لمواجهة التحديات والصعوبات الداخلية التي سيواجهها، سواء في حفظ الأمن ام في التصدي للمجموعات المتطرفة في ظل مخاوف أميركية من احتمال تنامي نفوذها في لبنان. كما علمت"الحياة"بحسب المصادر نفسها، ان الشق السياسي من زيارة هيل يتمثل في تأكيد ان انصراف الإدارة الأميركية لمعالجة أزمتها المالية ومتابعة المعركة الانتخابية الرئاسية لا يشغلانها عن التزاماتها حيال لبنان. ونقلت المصادر عن هيل قوله ان واشنطن لن تتراجع عن التزاماتها تجاه لبنان أو عن سياساتها القائمة على حفظ سيادته واستقلاله، مؤكدة ايضاً انه كان صريحاً في قوله لجهة استبعاد اي صفقة على حسابه. ولفتت الى ان حضوره الى لبنان في ظل التعقيدات الدولية والمرحلة الانتقالية التي تمر فيها المنطقة، ما هو إلا تأكيد لمواكبة الإدارة الأميركية كل ما يدور فيه، إضافة الى مقاربته التطورات الجارية على الأرض وردود الفعل الداخلية على كل ما هو حاصل فيه. وقالت ان هيل يجري تقويماً مع القيادات الرسمية والسياسية بعد توصل الأطراف اللبنانيين الى اتفاق الدوحة، إضافة الى مواكبته المصالحات اللبنانية الناشطة في كل اتجاه، خصوصاً تلك التي شملت إلى الآن"حزب الله"، مشيرة الى انه يستقرئ هذه المصالحات وانعكاساتها على الوضع العام. وتوقف هيل امام دورة التوتر التي شهدتها منطقة الشمال والجهود التي نجحت في السيطرة عليها، واعتبر، كما نقلت عنه المصادر، أن لا تفسير للحشود العسكرية السورية في المنطقة الحدودية في مقابل منطقة عكار في شمال لبنان، خصوصاً انه لا يرى لها موجبات أمنية وعسكرية، خلافاً لما تناقلت وسائل الإعلام عن لسان جهات سورية رسمية. وإذ دعا هيل الى ضبط النفس في جنوبلبنان والعمل لتطبيق القرار الدولي 1701، في إشارة مباشرة الى تبادل التهديدات بين إسرائيل و"حزب الله"، شدد في المقابل على ان الاتصالات السورية - الأميركية لم تنقطع وأن اجتماع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس مع نظيرها السوري وليد المعلم واجتماع الأخير مع نائب مساعد وزيرة الخارجية ديفيد ولش يأتي في سياق هذه الاتصالات. الى ذلك، انتقل أمس رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري من الرياض الى روما والتقى في حضور مستشاره الإعلامي هاني حمود، البطريرك الماروني نصر الله صفير الذي يشارك في مؤتمر للسينودوس يعقد فيها. وخلال اللقاء تم التشديد على الوحدة الوطنية وتحصين الاستقرار الداخلي. وأطلع الحريري صفير على الجهود التي يبذلها لتحقيق المصالحات. وبالنسبة الى إتمام المصالحة بين رئيس حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع وزعيم تيار"المردة"الوزير السابق سليمان فرنجية، أكدت مصادر مقربة من الأخير ل"الحياة"انه يشترط حضور رئيس تكتل"التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون هذه المصالحة وأن تتم برعاية الرئيس سليمان، مشيرة الى انه ينتظر جواباً نهائياً من جعجع على حضوره. وعلى رغم ان جعجع يتوخى المصالحة مع فرنجية ولا يضع أي شروط لإنجازها، فإن مصادر سليمان قالت ل"الحياة"ان تحديد موعدها ينتظر الضوء الأخضر من المعنيين بها، وأن من غير الجائز ان تلقى المسؤولية في تأخرها على رئيس الجمهورية الذي يبقي على أبواب بعبدا مفتوحة أمام الحوار والمصالحات.