قد يكون الإغراء الأول الذي تعرّضت له المغنية الشابة ذات الموهبة العالية ميريام فارس في تلقّفها عرض "شركة الأتاسي للإنتاج الفني"للعب دور هالة الذي كانت لعبته فيروز في مسرحية"هالة والملك"للأخوين رحباني في فيلم سينمائي جديد... إنها ستلعب دور لعبته فيروز في تلك المسرحية التي عرضت آخر الستينات من القرن الماضي، في مهرجانات الأرز ثم في قصر البيكاديللي، وليس أمراً عادياً على مغنية جديدة أن يُطرح عليها مكان كانت فيروز شغلته ذات يوم من أيام العز... أما الإغراء الثاني فهو أن ميريام، من بداية احترافها، تسعى الى إضافات حقيقية على تجربتها، وفيلم سينمائي بهذا الحجم وتلك المكانة سيشكل تلك الإضافة، لا بل قد يشكل منعطفاً أساسياً في صورتها وصوتها وحضورها الفني... وهذا في حد ذاته استجابة لحلم قديم وأثير لدى غالبية نجوم الغناء العربي القدامى والجدد الذين كانوا ولا يزالون ينظرون الى السينما الغنائية نظرة إكبار واحترام، لا سيما تلك الأفلام المبنية أساساً على قصص وسيناريوات ومشاهد استعراضية من صلب النص ومن قلب الفكرة لا من الحواشي... كما هي الحال هذه الأيام، أو على الأقل منذ عقدٍ تقريباً حيث الغناء في الأفلام مجرد ديكور وزينة وموضة... ليست هذه المقالة للكلام على الفيلم الذي لا يزال في بداية التحضير له. إنه للكلام على استعداد ميريام الذهني للعب دور فيروز أولاً، ولأداء أغاني فيروز ثانياً، وللخطوات الأولى المتبعة لوضع ميريام في قلب الحالة الفيروزية - الرحبانية... فميريام في هذه الأيام تجري لقاءات شبه يومية مع الفنان إيلي شويري الذي كان قد أدى دور والد فيروز هالة في المسرحية في الستينات، ولا تقتصر اللقاءات بينهما على وضعها في أجواء المسرحية الجميلة، بل تتعدّى ذلك في اتجاه تمرين صوتها الفتي والتدرّب على أغاني المسرحية التي شهد شويري انطلاقها. وقطعت ميريام شوطاً كبيراً في حفظ الأغاني والمشاهد الغنائية، وقد يبدأ تسجيلها خلال وقت قريب جداً نظراً الى رغبة شركة الأتاسي في إنجاز الفيلم في غضون ثلاثة أشهر على أبعد تقدير... لكن هل تتوقع ميريام فارس أن تصادف مصيراً مشابهاً لمصير المغنية رونزا عندما قرر عاصي ومنصور الرحباني إعادة عرض مسرحية"الشخص"أوائل الثمانينات ببطولتها مكان فيروز، فكان أن علقت رونزا في شباك النقد والجمهور معاً عندما صُوّر الأمر وكأن عاصي ومنصور يريدان استبدال فيروز بها، فكانت عاصفة صحافية واسعة اعتبرت المسألة محاولة لتشويه الذاكرة، بل محاولة لوضع فيروز..."على الرفّ"، وكان يومها الخلاف بين عاصي ومنصور من جهة، وفيروز من جهة ثانية، في أوجه، حيث انتصر الجمهور، فطرياً، لصوت فيروز، وتعامل بعدائية واضحة تجاه رونزا على رغم توضيحات الأخوين رحباني ورونزا بأن أحداً لا يستطيع أن يلغي صوت فيروز وتاريخها بمغنية جديدة يومها. ميريام فارس تعتقد أن الزمن مختلف، وأن وضعها حالياً ليس كوضع رونزا التي رغب البعض في تصويرها عبر"الشخص"بديلة لفيروز. فالجمهور اللبناني والعربي، في هذه الأيام، لا يرى أن هناك من يحاول أن يستبدل أحداً بأحد، فضلاً عن أن هذا الجمهور في غالبيته لا يعرف بدقة مسرحية"هالة والملك"نظراً الى كونها من المسرحيات الرحبانية القديمة غير المصوّرة تلفزيونياً، إضافة الى أن تسجيلاتها الغنائية ليست منتشرة كغيرها من التسجيلات الغنائية المسرحية الأخرى، وبالتالي فإن المقارنة لن تحصل مشهدياً، أي بين"الممثلة"ميريام و"الممثلة"فيروز، ولا حتى بين المغنية الشابة ميريام والمغنية الكبيرة فيروز، إلا في بعض الحالات النادرة. زد على ذلك أن تسجيل"هالة والملك"الغنائي المتداول هو تسجيل"حرّ"، أي ليس في الاستوديو، أي عن المسرح، وشتان ما بين التسجيلات الحرة وتسجيلات الاستوديو، في النوعية ورنين الصوت وصفائه... غالبية وقت ميريام فارس حالياً تقضيها في الاستماع الى تسجيلات مسرحية"هالة والملك"لحفظ الحوار والأغاني بحذافيرهما، بإشراف إيلي شويري الذي تردد أنه لن يلعب في الفيلم دوره المعروف كوالد فيروز الذي يحمل اسم"هبّ الريح"بل سيؤدي دور الملك الذي لعبه في المسرحية الأصلية الفنان الراحل نصري شمس الدين. ميريام فارس غير خائفة مطلقاً. تتعامل مع المسألة بجدية كاملة وبفرح لا بحذر. وتقول:"لست أنا المخطئة في إعادة تجسيد دور فيروز وأغانيها في"هالة والملك". المخطئون هم الذين سيقارنون لأنهم يجعلون من فيروز مادة للمقارنة وهي أكبر بكثير...".