نقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن أوساط في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن تقديراتها بأن الرئيس بشار الأسد جاد في نيته للتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل برعاية الإدارة الأميركية المقبلة، تعززت في الأشهر الأخيرة، وأنه في حال أرضى الاتفاق السوريين، فإن دمشق ستوافق على"تبريد"علاقاتها مع طهران. وأفادت الصحيفة أن هذه التقديرات طرحتها شعبة الاستخبارات العسكرية أمس خلال المداولات الخاصة عن توقعات الاستخبارات للعام 2009 التي أجرتها المؤسسة الأمنية بمشاركة رؤساء أذرعها المختلفة في حضور وزير الدفاع ايهود باراك. وكتب المعلق العسكري في الصحيفة عمير ربابورت أن الاستخبارات العسكرية أمان والخارجية موساد منشغلة منذ سنوات في محاولة استقراء النيات السورية وأهداف دمشق من استئناف المفاوضات مع إسرائيل، وما إذا كانت سورية تبغي منها تحسين مكانتها الدولية من دون نيات حقيقية للتوصل إلى اتفاق سلام حقيقي. وأضاف ان المقاربة التي يتبناها رئيس جهاز"موساد"مئير دغان تقوم على أن لا نية حقيقية لدى سورية للتوصل إلى اتفاق سلام، لكن شعبة الاستخبارات العسكرية تعتقد عكس ذلك رغم وجود أصوات داخلها تميل إلى قبول مقاربة رئيس"موساد". لكن المعلق يشير إلى أنه عشية وضع الاستخبارات تصوراتها للتطورات في العام 2009 يتعزز الاعتقاد لدى"شعبة الاستخبارات العسكرية"بأن ثمة فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق سلام حقيقي مع سورية. وترى الشعبة أن السوريين سيكونون مستعدين لتوقيع اتفاق سلام، لكنهم يجرون المفاوضات بعيداً عن ضغط زمني،"ويفترض أنهم لن يقبلوا باتفاق لا يضمن لسورية عودة إسرائيل إلى حدود العام 1967 ولا يؤمن لها مظلة أميركية تشمل دعماً اقتصادياً سخياً"على غرار الدعم الذي تحصل عليه مصر منذ توقيعها اتفاق سلام مع إسرائيل. وتعتقد شعبة الاستخبارات أن سورية معنية بفتح صفحة جديدة مع الإدارة الأميركية الجديدة بغض النظر عن هوية الرئيس المقبل وتتوقع أيضاً رؤية حكومة جديدة في إسرائيل برئاسة تسيبي ليفني. ووفقاً لتقديرات الاستخبارات الأخيرة، فإن سورية ترى أنها قطفت ثماراً سياسية كثيرة من مجرد إعلان المفاوضات غير المباشرة التي تجريها مع إسرائيل بوساطة تركية، وانه بفضل هذا الإعلان رفعت عنها المقاطعة الدولية. إلى ذلك، تضيف التقديرات أن سورية ستكون مستعدة لدفع ثمن"تبريد"علاقاتها مع طهران في حال رأت اتفاق سلام مع إسرائيل يلبي توقعاتها. وزادت ان الاعتبارات السورية الرئيسة هي اعتبارات داخلية، وعلى رأسها القلق من أن يتدهور الوضع الاقتصادي إزاء التوقعات بأزمة اقتصادية خطيرة قد تتفاقم مع الانخفاض الجدي المتوقع خلال السنوات المقبلة في احتياطي النفط في سورية الذي سيرافقه انخفاض حاد في أسعار النفط. ولفتت إلى أن سورية قلقة أيضاً من تعزز نفوذ"جهات إرهابية"مرتبطة ب"الجهاد العالمي"تنشط داخل أراضيها"وتهدد النظام فيها القائم على أبناء الطائفة العلوية". وفي سياق متصل، أفادت"معاريف"أن وزارة الخارجية الإسرائيلية غيّرت أيضاً نظرتها من سورية وباتت تعتقد أن دمشق جدية في مسعاها للتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل. وأضافت أن مدير مركز البحوث السياسية في الوزارة نمرود بركان قال خلال"مداولات استراتيجية مغلقة"جرت أخيراً، إن فرصَ أن تثمر المفاوضات على المسار السوري اتفاق سلام مقابل انسحاب كامل من الجولان، أقوى بكثير من فرص المفاوضات على المسار الفلسطيني. ونقلت الصحيفة عن بركان قوله في أحاديث مغلقة إن الرئيس السوري"قد يكمل درب الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وانه مستعد للتوصل إلى سلام مع إسرائيل تماماً كما كان استعداد السادات لذلك".