بعد أقل من أسبوع على إعطاء واشنطن ضوءاً أخضر لإسرائيل لاستئناف مسار التفاوض مع سورية، نقلت صحيفة "معاريف" عن مصادر قريبة من رئيس الحكومة ايهود اولمرت انه بات "ناضجاً" ومقتنعاً بأن المفاوضات مع السوريين والتوصل إلى سلام محتمل بين الدولتين "سيغير بشكل جذري الوضع الاستراتيجي في المنطقة" ويساهم في عزل ايران وحل مشكلة"حزب الله"، خصوصاً على خلفية انهيار حركة "فتح" برئاسة محمود عباس أبو مازن وانعدام فرص عملية سياسية مع الفلسطينيين في المستقبل القريب. وأشارت الصحيفة إلى ان اولمرت "الذي يميل إلى الاستعداد جيداً لاستئناف المسار السوري" يدرس أيضاً مزج إحياء هذا المسار السوري برد ايجابي لكن متحفظ على مبادرة السلام السعودية. وتابعت أن اولمرت يأمل في أن يفوز رئيس الحكومة السابق ايهود باراك في الانتخابات الداخلية لزعامة حزب"العمل"، بعد ثلاثة أيام، ليحل محل زعيم الحزب الحالي وزير الدفاع عمير بيرتس"ويصبح باراك شريكاً استراتيجياً لرئيس الحكومة في مبادرته الجديدة الآنفة الذكر". وتابعت"معاريف"ان مبعوثين أجانب زاروا دمشق أخيراً تلقوا إجابات عن تساؤلات طرحها اولمرت في لقاءاته معهم، وانه وفقاً لما تلقاه منهم قام بإجراء دراسة معمقة للوضع، وفي موازاة ذلك توجهت إسرائيل إلى الولاياتالمتحدة عبر قنوات مختلفة"فاقتنع الأميركيون بأن مفاوضات بين إسرائيل وسورية تتماشى ومصالح واشنطن في المنطقة". وأشارت الصحيفة إلى حقيقة أن قادة مختلف الأجهزة الأمنية في إسرائيل، باستثناء رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية موساد مئير داغان يدفعون منذ فترة وبحماسة نحو تجديد الحوار مع دمشق. وأضافت ان حماسة هؤلاء ناجمة أساساً عن خشيتهم من أن تقود السياسة الحالية رفض رسائل السلام السورية إسرائيل إلى تدهور أمني في الجبهة بين إسرائيل وسورية قد تتطور إلى حرب خلال فترة قصيرة. ووفقاً للصحيفة فإن معارضة داغان لعملية سياسية مع سورية شهدت هي أيضاً تراجعاً في الفترة الأخيرة. واعتمدت الصحيفة في تحليلها حصول ما وصفته ب"تحول استراتيجي"في موقف رئيس"موساد"وثيقة سرية وضعها الأخير جاء فيها إنه خلافاً لتقديراته السابقة فإن الدول العربية المعتدلة لن ترى في استئناف المفاوضات بين تل أبيب ودمشق"طعنة في ظهرها"بل انها تؤيد عملية كهذه من منطلق"زعزعة محور الإرهاب وكبح الثورة الشيعية الإسلامية التي تقترب من المنطقة". لكن مراقبين شككوا في جدية نيات اولمرت بشأن الملف السوري واعتبر بعضهم الخبر في"معاريف"ألعوبة إعلامية يريد اولمرت من خلالها بث الانطباع بأنه بصدد التوجه إلى عملية سياسية جدية فيما وضعه الداخلي المأزوم لا يتيح له"إزالة بؤرة استيطانية عشوائية واحدة"، كما قال أحد المعلقين، مضيفاً ان اولمرت يريد صرف الأنظار عن المطالبة الشعبية المتزايدة بتنحّيه على خلفية إخفاقات الحرب على لبنان وملفات الفساد المالي المنسوبة اليه. واستغرب رئيس لجنة الخارجية والأمن القريب من رئيس الحكومة النائب تساحي هنغبي الخبر في معاريف"وقال للإذاعة العبرية متهكماً:"يبدو أن الصحيفة تعلم بأمور لا نعلم نحن بها". وأضاف انه لم يلحظ تغييراً في السياسة الإسرائيلية"الواضحة والقائلة إننا مستعدون لتغيير هذه السياسة واستئناف الحوار فقط في حال توافرت مؤشرات مثبتة بأن سورية انفصلت حقاً عن المحور الراديكالي وكفت عن دعم"حزب الله"و"حماس"وعن توفير ملاذ لقادة الإرهاب". وزاد ان إسرائيل لن تستأنف اتصالاتها مع دمشق لتساعدها في تخفيف الضغوط الدولية عليها"إنما فقط حين نتيقن ان سورية تبدو شريكة حقيقية لحوار بيننا".