صادقت القمة الأوروبية على خطة لإنقاذ المصارف، وتوفير السيولة وتأمين ودائع المدخرين، بما يساعد على ضمان استقرار النظام المالي لمنطقة اليورو والبلدان الأخرى الأعضاء في الاتحاد. وتمثل الخطة جزءاً من سيناريو عالمي يضعه الاتحاد مع الولاياتالمتحدة والبلدان الغنية، لإصلاح النظام المالي العالمي. وكلفت القمة الأوروبية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بصفته رئيس الاتحاد، البحث مع الرئيس الأميركي جورج بوش في نهاية الأسبوع في كامب ديفيد، في إمكان عقد قمة البلدان الغنية الثمانية في تشرين الثاني نوفمبر، لإصلاح النظام المالي الموروث عن خمسينات القرن الماضي. وأكد ساركوزي أهمية انضمام القوى الاقتصادية الناشئة، مثل الصين والهند وغيرهما، إلى اجتماع قمة مجموعة الثماني. ولفت إلى إعادة البحث في المواضيع التي يناقشها مع الرئيس بوش، في اجتماع القمة الأوروبية الآسيوية الأسبوع المقبل في الصين. وأكدت القمة الأوروبية في البيان الختامي، وجوب أن يعمل الاتحاد مع شركائه الدوليين على"وضع إصلاحات جوهرية شاملة للنظام المالي العالمي على أساس مبادئ الشفافية وحقيقة المصارف والمسؤولية والنزاهة والحكم الدولي الرشيد". وأعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون وجوب إصلاح المؤسسات النقدية العالمية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية،"لكي يستجيب صندوق النقد الدولي لمتقضيات العولمة والاقتصاد الحديث". وانتقد بشدة نقص الشفافية في الأسواق. واعتبر الرئيس الفرنسي أن رقابة النظام المالي على الصعيد الأوروبي"ستكون منقوصة من دون مراقبة ما يجري في النظام العالمي". وشدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة أن تستهدف مبادرات الإصلاح ضمان"الشفافية والمواصفات الشاملة والرقابة العابرة للحدود وإدارة الأزمات، وتفادي نزاع المصالح وإنشاء نظام للإنذار المبكر، لضمان ثقة المدخرين والمستثمرين في كل بلد. وسيعدّ الاتحاد اقتراحات في هذا الشأن بكل عناية". وأكدت القمة في ختام أعمالها،"التزام السلطات توفير السيولة بما يكفل الثقة والاستقرار". ووافقت البلدان الأعضاء ال 27 على حزمة الإجراءات التي كانت أقرتها بلدان منطقة اليورو الأحد الماضي، وتتضمن خصوصاً تدخل الحكومات الأوروبية لإنقاذ المصارف من الإفلاس وضخ السيولة لتفعيل قنوات الإقراض في ما بينها، حتى تتمكن من استئناف إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. إلا أن الإجراءات المقررة لم تقنع أسواق المال، إذ تواصلت عمليات البيع وهبوط القيمة السهمية للأسواق منذ الثلثاء. وتتزايد المخاوف من ازدواجية أزمة انهيار أسواق المال مع تباطؤ الحركة الاقتصادية. وأعلن الرئيس السابق لتجمع الشركات الفرنسية ارنست انطوان سايير في حديث الى"الحياة"، أن"الخطة الأوروبية تستجيب لحاجات المؤسسات، لكنها تتطلب بضعة أشهر قبل أن تؤتي نتائجها". وأكدت القمة الأوروبية في بيانها الختامي، العزم"في كل الظروف على اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان استقرار النظام المالي، ودعم المؤسسات المالية الكبرى لتفادي الإفلاس وحماية ودائع المدخرين". وشددت في رد على أسئلة حول استخدام المال العام لإنقاذ المصارف التجارية والمخاطرة بإثقال كاهل الموازنات والدين العام، على وجوب أن"تتخذ إجراءات دعم المؤسسات المالية التي تعاني صعوبات في شكل مواز لحماية دافعي الضرائب وتدابير ضمان شفافية حسابات المؤسسات المعنية". خلية الإنذار المبكر وتعزيز الرقابة ولضمان تدخل الحكومات الأوروبية بالسرعة اللازمة لاحتواء تداعيات الأزمة المتواصلة، وافقت القمة على تشكيل"خلية للإنذار المبكر وتبادل المعلومات وآلية التقويم خلية الأزمة المالية". ويمكن دعوة الخلية إلى الاجتماع في أي وقت وبدعوة من أي بلد وتلتزم توفير المعلومات فوراً، وتحظى بثقة مؤسسات كل البلدان الأعضاء. وشددت على"الحاجة إلى تعزيز رقابة القطاع المالي الأوروبي خصوصاً المجموعات العابرة للحدود، تحسباً لتطوير نظام رقابة على الصعيد الأوروبي". ولم تتوصل البلدان الأعضاء بعد إلى الإجماع حول إقامة النظام المشترك. واعترضت تشيخيا والمجر على إجراءات التدخل في القطاع المالي، مثلما أبدت البلدان الشرقية تحفظات عن حجم التعويضات التي التزم كل من حكومات الدول الأعضاء تقديمها إلى المدخرين في حالات إفلاس المؤسسات المصرفية. وسيُباشر في"دعوة المراقبين الوطنيين إلى الاجتماع مرة في الشهر لتبادل المعلومات". ودعمت القمة تسريع وتيرة العمل لتعزيز إجراءات الاستقرار منها قانون توافر رأس مال خاص، والعمل السريع أيضاً لاستكمال الجوانب القانونية لتقوية إجراءات الرقابة على وكالات التسعير ومراقبتها على الصعيد الأوروبي. ويخشى الاتحاد الأوروبي من انتقال عدوى الأسواق إلى الاقتصاد الحقيقي، إذ تلتقي التوقعات حول انخفاض النمو إلى مستويات مرادفة للركود. ووصف رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون تدخل الحكومات لإنقاذ المؤسسات المصرفية ب"عمل رجال الإطفاء". وأوضح بعد اجتماع مع ممثلي أرباب العمل والنقابات العمالية في بروكسل، أن الحكومات"تتدخل الآن لإطفاء الحريق الذي يلتهم أسواق المال والحؤول دون انتشار عدواها". وتوقعت المستشارة الألمانية انغيلا مركل تباطؤ النمو في بلادها. ورحبت القمة بقرار البنك الأوروبي للاستثمار توفير 30 بليون يورو لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة مستوى تدخله في مشاريع تطوير البنية التحتية. وتبنّى قادة دول الاتحاد الاوروبي الخميس خططاً جديدة للهجرة تثير استياء جماعات حقوق الانسان، بسبب تركيزها على العمال المهرة بدلاً من اللاجئين. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للصحافيين عقب ترؤسه قمة للاتحاد في بروكسل:"تبنينا هذا القرار بالاجماع. اصبح لدى اوروبا الآن سياسة هجرة حقيقية".