كشفت وزارة الداخلية العراقية أمس أن لديها معلومات"مهمة"عن الجهات التي تقف وراء استهداف المسيحيين في الموصل، مشيرة الى أنها ستعلنها خلال اليومين المقبلين، واستبعدت تورط تنظيم"القاعدة"في تهجير عائلات مسيحية وصل عددها الى 1307، بحسب وزارة المهجرين العراقية. وأوضح الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء عبدالكريم خلف في تصريحات أن وزارته تملك معلومات مهمة عن الجهات المتورطة في أعمال تهجير المسيحيين في الموصل. وأكد أن"المعلومات لن تنشر على الملأ بل سترفع الى الجهات العليا في وزارة الداخلية والحكومة"، واستبعد أن يكون عدد العائلات المسيحية التي هاجرت من الموصل قد تجاوز ألف عائلة، واعتبره رقماً"مبالغاً فيه كثيراً". لكن مسؤولاً في وزارة المهجرين والمهاجرين العراقية قال أول من أمس إن عدد العائلات المسيحية المهجرة من الموصل اثر عمليات القتل التي طالت 12 شخصاً منهم وتفجير ثلاثة منازل، ارتفع إلى 1307 عائلات. ورأى مدير فرع الوزارة في الموصل جودت اسماعيل أن"العدد الاجمالي للعائلات المسيحية المهجرة بلغ 1307 عائلات حتى الآن". يذكر أن القوات العراقية من جيش وشرطة انتشرت بكثافة في الموصل أول من أمس بعد نزوح العائلات المسيحية. وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أعلن الاحد الماضي اتخاذ الاجراءات"الفورية اللازمة"لإعادة المسيحيين الى الموصل بعد حركة النزوح الجماعية. وأفادت"غرفة العمليات"التي شكلها"المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري"أن عدد العائلات المسيحية النازحة من الموصل بلغ أكثر من 1100 عائلة. وكان رئيس اساقفة الكلدان في كركوك المطران لويس ساكو حذر الخميس الماضي من حملات"التصفية"التي يتعرض اليها المسيحيون في العراق. وتناقلت مواقع الكترونية امس تبني تنظيم مجهول يطلق على نفسه اسم"جبهة الدفاع عن حقوق المسلمين"مسؤولية استهداف العائلات المسيحية في الموصل"رداً على ما تعرض له المسلمون في المدينة إلى أعمال تعذيب وترهيب وقتل". وقال ل"الحياة"الناطق باسم قيادة عمليات نينوى العميد خالد عبدالستار إن اللجنة التي شكلها القائد العام للقوات المسلحة العراقية نوري المالكي وصلت إلى الموصل وباشرت بأداء عملها للوقوف على تفاصيل التصعيد الأخير في وتيرة استهداف المسيحيين في الموصل، متوقعاً"نتائج طيبة خلال اليومين المقبلين". وأضاف عبدالستار:"زرنا يوم الجمعة الماضي دير ماركوركيس في مدينة الموصل وتفقدنا أوضاع المسيحيين اللاجئين إلى الدير، وكانت هناك زيارات للمسيحيين النازحين الى بلدتي تلكيف والحمدانية. كما فتحنا خطوطاً ساخنة لاستقبال شكاوى المواطنين من أي تهديد يتعرض له المسيحيون". وجاء في بيان حكومي أن الحكومة قررت ارسال وفد وزاري عالي المستوى إلى محافظة الموصل لمعالجة تداعيات أزمة التهجير. وأفاد هذا البيان الصادر عن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ أن مجلس الوزراء منح الوفد الصلاحيات الكاملة لأداء عمله، وذلك بعدما استعرض في جلسة يوم أمس"الأوضاع المؤلمة في مدينة الموصل، وما يتعرض له المواطنون المسيحيون من تهديد وتهجير لدفعهم إلى النزوح من مناطقهم من خلال أعمال اجرامية وارهابية". وأضاف البيان أن المجلس"شدد على التحرك الفوري والسريع لدعم الجهد الأمني من خلال عمليات عسكرية وأمنية مكثفة تفرض القانون والأمن في مدينة الموصل وتطمئن المواطنين، وكذلك اجراء تحقيق شامل وفوري في الظروف التي أدت الى هذا الوضع المؤلم من خلال هيئة التنسيق الاستخباراتي". وذكر البيان أن المجلس"قرر ارسال وفد وزاري عالي المستوى الى مدينة الموصل للوقوف على الوضع العام هناك، وتم تخويله كل الصلاحيات المطلوبة". وكان رجال دين وسياسيون عراقيون مسيحيون اتهموا في وقت سابق الحكومة العراقية بعدم اتخاذ تدابير سريعة وفورية تمنع وقوع مثل هذه الاعمال التي أدت الى مقتل حوالي 14 مسيحياً حتى الآن. وقال النائب المسيحي يونادم كنا لوكالة"رويترز"إن عدد العائلات المسيحية التي هجرت من مدينة الموصل بلغ حتى ليل أول من أمس 1566 عائلة. وأضاف أن وفداً مسيحياً التقى الحكومة العراقية، وطالب الحكومة بإجراءات"أهمها اعلان حال منع التجوّل في مناطق هجرتها العائلات وعددها حوالي عشر حارات حتى تستطيع قوات الأمن السيطرة عليها ولمنع وقوع حالات سلب ونهب". ووصف كنا الوضع في هذه المناطق بأنه هادئ وخصوصاً بعد وصول قوات أمنية حكومية اليها، وقال إن"الحكومة تحركت وحركت قوات اضافية الى المنطقة، ونتوقع السيطرة على المناطق واعادة العائلات اليها خلال الأيام المقبلة". ورفض كنا اتهام جهة معينة، وقال"إنها عمليات منظمة... لكن لا يجوز اطلاق الاتهامات جزافاً. هذا لا يخدم القضية لأنه قد يكون طريقة لإخفاء المجرم الحقيقي". وأكد اعتقال السلطات الامنية"أربعة أشخاص يرتدون ملابس الشرطة وهم الآن رهن التحقيق لمعرفة الجهات التي تقف وراءهم". الى ذلك، وجه رئيس برلمان اقليم كردستان العراق عدنان المفتي دعوة الى أعضاء البرلمان لعقد جلسة اليوم الأربعاء للبحث في أوضاع المسيحيين في مدينة الموصل وأعمال العنف التي طالتهم. وكانت جماعات مسلحة عراقية ونواب وجهوا اتهامات الى قوات البيشمركة الكردية في الموصل بالتورط في أعمال تهجير المسيحيين لاغراض سياسية، وهو ما نفاه الأكراد في شدة، وأكدوا نيتهم طلب استجواب النواب الذين وجهوا الاتهامات. من جهتها، دانت جهات داخلية وخارجية ما يتعرض له المسيحيون في الموصل، وأعلن مصدر في مكتب المرجع الشيعي الكبير آيه الله علي السيستاني في النجف أن المرجعية الدينية العليا"تشجب وتستنكر"عمليات التهجير التي يتعرض لها المسيحيون في مدينة الموصل. وقال المصدر:"كون المرجعية تمثل حالة أبوية للطوائف العراقية كافة، فهي تعرب عن شجبها واستنكارها للممارسات اللانسانية التي يتعرص لها المسيحيون في الموصل". وأضاف أن المرجعية"تطالب الحكومة باتخاذ اجراءات للحد من الاعتداءات ومنعها والعمل على عودة المهجرين الى مناطقهم". ونددت"حركة الوفاق الوطني"بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي باستهداف المسيحيين، وطالبت الحكومة العراقية بلعب دور وطني والاهتمام بكل الشرائح العراقية. كما دانت السفارة الأميركية في بغداد أعمال العنف التي تستهدف مسيحيي الموصل، وأوضحت في بيان لها أن"الارهابيين يحاولون إثارة فتنة بين العراقيين من أجل تقويض التقدم الحاصل". وعلى الصعيد الأمني أيضاً، افادت مصادر أمنية أن انفجارين منفصلين لقنبلتين مزروعتين على الطريق أسفرا عن اصابة خمسة مدنيين في طوزخورماتو الواقعة على بعد 170 كيلومتراً شمال بغداد. وفي كركوك، ذكرت الشرطة ومسؤولون في شركة نفط الشمال أن انفجاراً وقع في خط أنابيب فرعي ينقل الغاز غير المكرر من حقول"باي حسن"النفطية في كركوك في وقت مبكر من صباح أول من أمس. وأعلن الجيش الأميركي أن متشددين مشتبهاً بهما قُتلا واعتُقل 13 آخرون في عمليات في شمال العراق ووسطه خلال اليومين الماضيين. "منظمة المؤتمر الاسلامي" وفي جدة، دان الأمين العام ل"منظمة المؤتمر الاسلامي"اكمل الدين احسان أوغلو"اعمال العنف والتهجير"التي تستهدف المسيحيين في شمال العراق واصفا اياها بأنها"جريمة غير مسبوقة"، كما شدد على حق العراقيين غير المسلمين بالعيش في سلام في وطنهم. وأعرب احسان أوغلو في بيان تلقت وكالة"فرانس برس"نسخة منه عن"استنكاره الشديد"و"ادانته بأشد عبارات الادانة ... استهداف المسيحيين في شمال العراق، والذي تسبب في نزوح الآلاف منهم عن ديارهم". ووصف هذا الاستهداف بأنه"جريمة غير مسبوقة"، داعياً السلطات الى وقفها وتقديم مقترفيها للعدالة، ووضع حد لمعاناة الاخوة المسيحيين وتوفير الحماية لهم وضمان سلامتهم وأمنهم وحفظ حقوقهم وكرامتهم". وشدد الامين العام للمنظمة التي تتخذ من مدينة جدة السعودية على البحر الاحمر مقراً على"أهمية احترام حقوق المسيحيين في العراق وأتباع الديانات الأخرى وحقهم في الحياة والعيش في وطنهم في سلام". وتابع:"كما نطالب دائماً بضرورة احترام حقوق الاقليات المسلمة في كل أنحاء العالم فإننا ... نشدد على ضرورة احترام حقوق جميع الأقليات في العالم الاسلامي".