تواصل المملكة العربية السعودية تسجيل تقدما لها عاما بعد عام في العديد من المؤشرات الرقمية ومنها على سبيل المثال: (مؤشر الأممالمتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية "EGDI")، حيث احتلت السعودية المرتبة الرابعة عالميًا في مؤشر الخدمات الرقمية "OSI"، ولا تزال المملكة تواصل تعزيز ريادتها الرقمية عبر العديد من الاستثمارات، ومنها تعزيز استثمارها في التقنيات الناشئة. حيث كشفت هيئة الحكومة الرقمية عن تحقيق الجهات الحكومية نسبة جاهزية بلغت 74.69 % في تبني هذه التقنيات، وفقا لتقرير جاهزية تبني التقنيات الناشئة للجهات الحكومية والذي أصدرته الهيئة الأسبوع الماضي. وتعكس نسبة الجاهزية في هذا التقرير التزام الجهات الحكومية بتوظيف الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية لتحسين الكفاءة التشغيلية، وتسريع الإنجاز، وتعزيز التجربة الرقمية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030. الذكاء الاصطناعي التقنية المحورية وأكد الرئيس التنفيذي لمركز الابتكار والتقنيات الناشئة في هيئة الحكومة الرقمية عبدالمحسن بن أحمد الماضي أن الذكاء الاصطناعي يمثل التقنية المحورية لعام 2025، نظرًا لدوره المحوري في خفض الموارد وزيادة الإنتاجية، وتسريع الإنجاز، مشيرًا إلى أن التعاون المستمر بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص يسهم في تحسين التجربة الرقمية، وتطوير الحلول الذكية، ورفع جودة الحياة عبر الاستثمار الفعّال في التقنيات الحديثة. حيث ركز التقرير على مدى تبني الجهات الحكومية لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ومن أبرزها الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي أحدث نقلة نوعية في العديد من القطاعات بقدرته على تحليل البيانات الضخمة، وأتمتة العمليات، وتحسين تجربة المستخدم، وزيادة الكفاءة التشغيلية، مما يسهم في تعزيز الابتكار المؤسسي، ورفع كفاءة الأداء الحكومي، وتحقيق حكومة رقمية أكثر ذكاءً وفعالية. وأوضح الماضي أن التقنيات الناشئة تؤدي دورًا رئيسا في تطوير القطاع الحكومي، ورفع كفاءة الخدمات المقدمة للمستفيدين، حيث تتيح تحليل البيانات واتخاذ قرارات أكثر سرعة ودقة، وتعزز الشفافية، وتحسن إدارة الموارد الحكومية، مما يسهم في تحقيق أهداف التحول الرقمي بكفاءة واستدامة. وأشار الرئيس التنفيذي لمركز الابتكار أن التقرير يهدف إلى تحديد التقنيات الناشئة الأكثر تأثيرًا، واستثمارها بكفاءة وفعالية لدعم الجهات الحكومية، وتحقيق تجربة رقمية أكثر تطورًا، وبناء حكومة مستقبلية تعتمد على الحلول الرقمية المتقدمة. مؤشر الجاهزية الرقمية هذا وقد شارك في الدورة الثالثة من مؤشر جاهزية تبني التقنيات الناشئة 49 جهة حكومية، سجلت العديد منها تقدمًا في القدرات الأربع التي يقيسها المؤشر وهي البحث، التواصل، الإثبات، والتكامل. أظهرت النتائج تسجيل 73.47 % في قدرة البحث، مما يعكس جاهزية الفرق البحثية لاستكشاف القيمة المضافة للتقنيات الناشئة، في حين بلغت قدرة التواصل 74.63 % بفضل الشراكات مع خبراء التقنية وتوسيع مجالات التعاون، كما سجلت الجهات 75.99 % في قدرة الإثبات التي تقيس نجاح تطوير النماذج الأولية وتوسيع استخدامها، بينما وصلت قدرة التكامل إلى 74.69 %، مما يعكس مواءمة هذه التقنيات مع الاستراتيجيات الحكومية لضمان أقصى فائدة ممكنة. ترتيب الجهات الحكومية وتفوّقت 20 جهة حكومية في تبني التقنيات الناشئة حيث تصدرت ثلاث جهات حكومية مستوى متميز وهي هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، ووزارة الطاقة، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية مدن، بينما سجلت الجهات التالية مستوى متقدم وهي وزارة الصناعة والثروة المعدنية، وزارة البلديات والإسكان، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، والهيئة العامة للغذاء والدواء، ووزارة الثقافة. أما الجهات التي سجلت مستوى متمكن فهي وزارة الصحة، والبريد السعودي، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ووزارة المالية، ووزارة الداخلية، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ووزارة الدفاع، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة العامة للعقار، حيث أظهرت جميعها استثمارًا قويًا في الحلول التقنية لتعزيز كفاءة الخدمات الحكومية. تغيير واقع الخدمات الحكومية وتوسعت الجهات الحكومية في تنفيذ مشاريع تقنية مبتكرة تدعم التحول الرقمي وتعزز الكفاءة التشغيلية، حيث أطلقت وزارة الداخلية منصة الرؤية الحاسوبية لمراقبة المخالفات الأمنية في الوقت الفعلي، دون الحاجة لنشر دوريات، فيما قدمت جامعة الملك خالد مشروع قاعة الميتافيرس التعليمية لتحويل المقررات التقليدية إلى تجارب تفاعلية مدعومة بالواقع الافتراضي، أما مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية فقد طورت نظام Rehab AI Link الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي والتحليل الجيني لدعم الأفراد في رحلات إعادة التأهيل والتعافي. في قطاع الطاقة والصناعة، قدمت الهيئة السعودية للمدن الصناعية مشروع حصر الأصول بتقنية المسح ثلاثي الأبعاد، الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي لإدارة البنية التحتية بفعالية، بينما أطلقت وزارة المالية مشروع المصنع الرقمي، الذي يحاكي الثورة الصناعية 5.0 عبر توظيف الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية وخفض التكاليف التشغيلية. أما في قطاع الصحة الرقمية، فقدمت الهيئة السعودية للمياه مشروع صيانة خزانات المياه باستخدام الروبوتات الذكية، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراقبة جودة المياه في الوقت الفعلي، كما أطلقت وزارة الصحة مشروع التوأم الصحي الرقمي الذي يحاكي الحالة الصحية للأفراد باستخدام البيانات الذكية، مما يسهم في تحقيق الوقاية المبكرة، والتشخيص الدقيق، وتحسين تخصيص الموارد الطبية. خدمة المجتمع والتنمية وعملت الجهات الحكومية على توظيف الذكاء الاصطناعي في مشاريع مجتمعية تدعم التنمية، حيث أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مشروع النمذجة التنبؤية لقرارات توطين سوق العمل، الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد الامتثال وتحليل بيانات سوق العمل في الوقت الفعلي، بينما طورت وزارة السياحة مشروع مسح أماكن الإقامة، الذي يحلل آراء الزوار من منصات الحجز لتحديد المنشآت التي تحتاج إلى تحسين. أما في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، فقد أطلقت أمانة منطقة الرياض مشروع الرقابة الذكية للأحياء، الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحليل الفيديو المرصود عبر سيارات مزودة بكاميرات ذكية، مما ساهم في تحسين المشهد الحضري وتسريع إزالة المخلفات، كما قدمت وزارة النقل مشروع سرب لإدارة أصول الطرق، الذي يعتمد على البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لتقديم خطط صيانة متكاملة تضمن تحقيق مستهدفات شبكة الطرق حتى 2030. حلول تقنية مبتكرة التقرير لم يقتصر على رصد نسب التقدم، بل استعرض مشاريع تركت أثرًا كبيرًا في المشهد التقني، حيث تم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في مشروع فسح المحتوى الذاتي للكتب، مما أسهم في خفض التكاليف بنسبة 95 %، كما ساعد مشروع الرقابة الذكية للأحياء في إزالة 92 % من مخلفات البناء باستخدام تقنيات الرؤية الحاسوبية وإنترنت الأشياء، فيما عزز مشروع تتبع شاحنات العبور كفاءة الخدمات اللوجستية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. استدامة رقمية ختامًا، يؤكد التقرير أن المسيرة الرقمية في المملكة مستمرة من خلال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، حيث تعتمد على الحلول السحابية والبيانات الضخمة لتعزيز كفاءة الخدمات وتحقيق الاستدامة، مما يعزز مكانتها بين الدول الرائدة في توظيف تقنيات المستقبل لتقديم خدمات حكومية مبتكرة ذات كفاءة عالية. عبدالمحسن بن أحمد الماضي