اتخذت بغداد سلسلة اجراءات"فورية"لاعادة المسيحيين إلى الموصل شملت ارسال فوجين من الشرطة، وذلك بعد حركة نزوح جماعية شملت حوالي ألف عائلة إثر مقتل اكثر من عشرة منهم والتهديد بمزيد من القتلى إذا لم يرحلوا. وأكد بيان حكومي عراقي أن رئيس الوزراء نوري المالكي أمر بإجراء"تحقيق فوري في أسباب هجرة عدد من العائلات المسيحية في الموصل ... وأوعز باتخاذ الاجراءات الفورية واللازمة لاعادة العائلات المسيحية التي هجرت خلال الأيام الماضية". وقال المالكي خلال استقباله النائبين المسيحيين الوحيدين في البرلمان يونادم كنا وعبدالأحد افرام ساوا إن"للمسيحيين الحق في العيش في أمان وكرامة فهم مكون أساسي ... والأجهزة الأمنية ستتخذ الاجراءات اللازمة لعودة المهجرين الى منازلهم، والوصول الى الجماعات الارهابية التي تقف وراء هذا المخطط". وأضاف أن"الحكومة ستتخذ اجراءات فورية لحل المشاكل والمصاعب التي يواجهها المسيحيون في الموصل ... وسيتم الايعاز لقيادة عمليات نينوى لاتخاذ ما يلزم لتوفير الحماية لابناء هذه الطائفة". من جهته، قال كنا:"التقينا المالكي ووعدنا خيراً". وأضاف رداً على سؤال عن الجهات التي تقف وراء الحملة أن"هناك أكثر من جهة، فهناك متطرفون ومتعصبون، كما أن هناك قوى سياسية لها دور في ذلك"من دون تقديم مزيد من التوضحيات. وتابع كنا:"لا أمل في استتباب الأوضاع إلا بفرض سلطة القانون". وفي اطار الاجراءات التي أمر بها المالكي، أوضح قائد العمليات في الوزارة اللواء الركن عبدالكريم خلف:"أرسلنا فوجين إلى المناطق المسيحية لوضع الكنائس ودور العبادة تحت حماية مشددة في الموصل، ونشرنا قوات مكثفة منذ منتصف ليل أول من أمس". وأشار إلى أن الوزارة"أرسلت فريقين أحدهما أمني والثاني جنائي للتحقيق في القضايا التي وقعت"، في إشارة إلى مقتل 11 مسيحياً خلال عشرة أيام تقريباً وتفجير ثلاثة منازل والتهديد بقتل أبناء الطائفة إذا لم يرحلوا. وكانت القوات العراقية شنت منتصف أيار مايو الماضي حملة"أم الربيعين"لمطاردة"القاعدة"والجماعات المتطرفة في المدينة، واعتقلت أكثر من ألف مشتبه به. بدوره، قال الناطق باسم الخطة الأمنية في الموصل العميد خالد عبدالستار:"بعد تفاقم الأزمة وزيادة عدد النازحين، شكلنا خلية عمل واستنفرنا القوات الأمنية كافة من خلال تسيير دوريات آلية وراجلة في مناطق المسيحيين". وأضاف:"ابلغنا الجميع عن طريق القساوسة، والكنيسة بأننا على استعداد لتوفير الحماية لأي منزل أو أي شخص ... لدينا قوات كافية لتغطية أعداد المسيحيين أمنياً". وأكد أن"كل الاجهزة الامنية والاحزاب السياسية تساندهم". وكان دريد كشمولة محافظ نينوى وكبرى مدنها الموصل أكد أن"هناك عملية نزوح جماعي لأن ما لا يقل عن 932 عائلة غادرت اثر تفجير ثلاثة منازل خالية تعود لمسيحيين في حي السكر شمال المدينة". وأضاف أن"500 عائلة غادرت يوم الجمعة ولحقت بها 432 عائلة السبت ... وقُتل 11 مسيحياً على الأقل خلال الأيام العشرة الأخيرة بينهم طبيب ومهندس وصيدلي وعمال بناء وأحد المعوقين". وتابع المحافظ أن"الهجمة التي يتعرض لها المسيحيون هي الأعنف منذ عام 2003". وكان رئيس أساقفة الكلدان في كركوك المطران لويس ساكو حذر يوم الخميس الماضي من حملات"التصفية"التي يتعرض إليها المسيحيون في العراق. وقال إن"ما نتعرض إليه من اضطهاد وملاحقة وبطش أهدافه سياسية ... إما دفع المسيحيين الى الهجرة أو اجبارنا على التحالف مع جهات لا نريد مشاريعها". لكنه لم يحدد ماهية هذه المشاريع أو من يقف وراءها. وكان المسيحيون تعرضوا في الموصل إلى سلسلة اعتداءات أبرزها خطف اسقف الكلدان المطران بولس فرج رحو في 29 شباط فبراير الماضي والعثور عليه ميتاً بعد أسبوعين في شمال الموصل. كما شهدت كنائس في الموصل وبغداد في كانون الثاني يناير الماضي موجة اعتداءات أسفرت عن سقوط قتيل وأربعة جرحى، وألحقت أضراراً طفيفة بالمباني المستهدفة. وقتل مسلحون كاهناً وثلاثة شمامسة في حزيران يونيو عام 2007 أمام احدى كنائس الموصل، فضلاً عن عمليات خطف تعرض لها أساقفة وكهنة في المدينة الشمالية. وتتعرض كنائس المسيحيين في العراق باستمرار الى اعتداءات ما أرغم عشرات الآلاف منهم على الفرار الى الخارج أو اللجوء الى سهل نينوى واقليم كردستان العراق. ووفقاً لمصادر كنسية، يعيش في محافظة نينوى حوالي 750 ألف مسيحي يمثل الكلدان 70 في المئة منهم، فيما يشكل السريان الارثوذكس والكاثوليك والاشوريون الباقي. لكن تقديرات اخرى تشير الى ان عدد المسيحيين في العراق كان اكثر من 800 الف قبل الاجتياح الاميركي لكنه تضاءل كثيراً بسبب الهجرة، فيما نزح قسم كبير إلى الشمال بعدما تعرضوا لعمليات قتل وخطف وتهجير من جانب متطرفين اسلاميين شيعة وسنة. وفي الفاتيكان، دان البابا بنديكتوس السادس عشر"أعمال العنف ضد المسيحيين في العراقوالهند"، ودعا إلى السلام بين الاديان في الهند، وذلك في أعقاب قداس تطويب أول قديسة هندية في ساحة القديس بطرس. وقال البابا أمام آلاف القادمين من العالم أجمع:"ادعوكم الى الصلاة من أجل المصالحة والسلام في وقت تثير بعض الأوضاع القلق وعذاباً كبيراً .... وأخص بالذكر اعمال العنف ضد المسيحيين في العراقوالهند". وتوجه البابا خصوصاً الى عدد من الهنود الذين قدموا الى روما للمشاركة في احتفال تطويب أول قديسة هندية من ذلك البلد حيث أسفرت اعمال العنف ضد المسيحيين عن سقوط 35 قتيلاً منذ آب اغسطس الماضي. وتابع البابا:"أؤكد لمسيحيي الهند انني أصلي من اجلهم في هذه الأوقات العصيبة ... وأدعو مرتكبي أعمال العنف الى التوقف والانضمام الى اخوانهم واخواتهم والعمل سوياً من أجل قيام حضارة الحب". وتشعر الأقلية المسيحية في الهند 2،3 في المئة من السكان بأنها معرضة الى الخطر منذ آب الماضي عندما ارتكب متطرفون هندوس أعمال عنف في ولاية اوريسا شرق أسفرت عن سقوط 35 قتيلاً ونزوح عشرات آلاف القرويين بعد احراق حوالي 500 منزل وعشرات الكنائس. وكان البابا دان تلك الاعمال.