الهدف من الدواء مساعدة الجسم في التغلب على الداء، ولتحقيق هذا الهدف لا بد من تطبيق التعليمات المتعلقة به، فالدواء سلاح ذو حدين، إن أحسن استعماله أدى المهمة المطلوبة منه، أما إذا أسيء استعماله فإن أخطاراً قد تترتب عنه فتجعل منه عبئاً ثقيلاً على الجسم، خصوصاً على الكبد والكلى. على الجميع ان يضعوا في أذهانهم ان ليس هناك دواء من دون تأثيرات جانبية، من هنا يجب أخذ جانب الحيطة بتناول الأدوية عند اللزوم وفي أضيق الحدود. هناك سلوكيات خاطئة قد تكون مقصودة أو عن غير قصد، تسهم في شكل أو في آخر، في مطبات صحية خطيرة تهدد حياة صاحبها أحياناً، وفي ما يأتي نلقي الضوء على بعض هذا السلوكيات: تناول الأسبرين مع القهوة: وفقاً لدراسة أجريت على الحيوان، فإن خلط الأسبيرين مع الكافيين له تبعات سلبية على الكلية، الدراسة أجريت على الجرذان وجاءت بنتائج ليس مستبعداً أن يحدث مثيل لها على الإنسان في حال شرب الكثير من فناجين القهوة مع جرعات معتدلة من الأسبيرين يومياً وخلال أسابيع قليلة، وبحسب النتائج التي تمخضت عنها الدراسة التي نشرت تفاصيلها في المجلة العلمية للبيئة والأمراض والسموم والأورام، فإن الكافيين قادر على زيادة الفاعلية البيولوجية للأسبيرين، وبالتالي توليد نواتج استقلابية نشطة تلحق أشد الضرر بالكلية. المعروف انه في الحال العادية يقوم الكبد باستقلاب المادة الكيماوية التي تصل إليه ومن ثم تتولى الكلية مهمة التخلص من نواتجها، ولكن لأسباب ما زالت مجهولة، فإن الكبد قد لا يقدر على التعامل مع المادة كما يجب، الأمر الذي يعطيها الضوء الأخضر للاستيطان في الكلية، ما يعرضها للأذى والتلف. رب سائل قد يقول كم فنجان قهوة مع الأسبيرين يسبب الضرر؟ إذا أخذنا في الاعتبار حيثيات النتائج التي أسفرت عنها الدراسة فإن شرب ثمانية فناجين من القهوة مع أربع حبات من الأسبيرين في اليوم على مدى أسابيع قليلة يمكن أن يجعل الكلية في حال يرثى لها، من هنا يوصى بعدم أخذ الأسبيرين مع القهوة. على صعيد آخر، فإن دراسة سابقة أجريت على الجرذان أكدت نتائجها ان مزج الأسبيرين مع أحد مشتقات الكحول اسمه"أليل الكحول"يسبب أذية للكبد، فهذا الخليط يزيد من نشاط الأنزيمات التي تؤدي بدورها الى تسريع تشكل المنتجات الاستقلابية التي على ما يبدو لا تحمل الخير للكبد. تجدر الإشارة هنا الى أن مادة الكافيين لا توجد في القهوة وحسب، بل في الشاي والشوكولاتة والمشروبات المحتوية عليها، والكولا والمشروبات الغازية، وبودرة الشعير. الأدوية مع الليمون الهندي: من الممكن ان يسبب الجمع بين الليمون الهندي كريب فروت وبعض العقاقير خطراً على بعض الأشخاص، فقد بين بحث نشرته جامعة روشيستر الأميركية أن أكل الليمون الهندي مع عدد من الأدوية يمكن ان يشكل خطراً على الحياة، فهذه الفاكهة تتفاعل في شكل سلبي وسريع مع الكثير من الأدوية. وقد أفاد البحث ان مريضاً كان يعاني داءً في القلب وارتفاع الكوليستيرول في الدم، وبناء على نصائح طبيبه بدأ بنظام أكل خاص إضافة الى الرياضة وعقار خافض للكوليستيرول، وبعد مدة أخذ المصاب يشرب كوبين الى ثلاثة أكواب من عصير الليمون الهندي، وبعد حين بدأ يعاني من آلام في العضلات ومن التعب ومن الحرارة فنقل على أثرها الى المستشفى فتبين انه يعاني من مرض في الكلى توفي إثره، وقد رجحت الاستقصاءات ان شرب العصير يومياً مع العقار الخافض للكوليستيرول كان الشرارة التي أودت بحياته، فعلى ما يبدو ان الفاكهة المذكورة تدخلت في عملية امتصاص الدواء فوقعت الكارثة. هناك أدوية كثيرة تتأثر بالليمون الهندي، لذا يجب قراءة التعليمات المتعلقة بالدواء لتفادي الوقوع في شر أشد من الداء نفسه. الأدوية النفسية مع أدوية أخرى: ان للأدوية النفسية مهمة محددة وهي تخضع لإشراف طبي، ولكن في أيامنا هذه انتشرت موضة تناول هذه الأدوية من دون وصفة ما يجر على صاحبها الخطر كل الخطر، هذا إذا لم نقل إنها قد تكلفه حياته أحياناً، ان معظم الأدوية النفسية تعمل على الجهاز العصبي المركزي الذي يتولى بدوره إطلاق العنان لرسائل عصبية تجتاح مختلف أنحاء الجسم من أجل أداء مهامها المرسومة وفق آلية محددة ودقيقة للغاية، ولكن وفقاً لدافع شخصي أو بناء على نصيحة صادرة عن الآخرين، يلجأ البعض، خصوصاً الشباب، الى مزج الأدوية النفسية مع العقاقير المنشطة أو المخدرة، وهنا الكارثة إن لم نقل قمة الكوارث، فهذا الخلط خطر للغاية لأنه يسبب انحرافات كارثية في كيمياء الدماغ يمكنها ان تقود صاحبها الى الهاوية، لا بل ان كثيرين من الشباب الذي يسلكون هذا المسلك يموتون، وفي الغرب يتم تشريح جثامين هؤلاء فتكشف الحقيقة. أما في البلدان المتخلفة والنامية، فإن السبب يبقى طي المجهول والتفسير المتعارف عليه هو أن الموت حصل قضاء وقدراً. أكثر من هذا وذاك، ان الكثيرين الذين يعانون من مشاكل في النوم يعمدون الى بعض العقاقير الحديثة كتلك التي تعالج مرض الفصام أو بعض الاضطرابات العقلية للتغلب على مشكلة الأرق عندهم بحجة أنها لا تسبب الإدمان، غير أن هذا السلوك أرعن لأن المضاعفات التي تسببها تلك الأدوية فادحة جداً، صحيح أنها لا تتسبب في الإدمان ولكنها تؤثر في الكبد والكلية ناهيك عن أنها قد تشعل فتيل الإصابة بالداء السكري. أحياناً يصف الأطباء أدوية الأمفيتامينات لعلاج بعض المشاكل ولكن بعضهم يستعملها لأغراض أخرى غير مشروعة، فمثلاً يرفع نسبة الجرعات أو يخلطها مع عقاقير أخرى كالأدوية المهدئة لتغطية بعض الآثار الجانبية للامفيتامينات، الأمر الذي ينتج منه الاعتماد والإدمان على تلك الأدوية. جمع الأدوية غير الستيروئيدية من الزمرة نفسها: عندما لا يكفي عقار الباراسيتامول في وضع حد لمعاناة المريض من آلام المفاصل التي ألمت به يلجأ الطبيب الى وصفة تحتوي على دواء ينتمي الى عائلة العقاقير غير الستيروئيدية المضادة للالتهاب أي التي لا تحتوي على الكورتيزون، ولكن مشكلة هذه أنها تسبب بعض المضاعفات الجانبية مثل تخريش بطانة المعدة وإثارة نشوء القرحة، لذا يجب التقيد في أخذها لمدة محدودة تفادياً للأخطار التي تترتب عنها، ولكن هناك من يحاول الجمع بين عقارين أو أكثر من الزمرة نفسها وهذا ما يقود الى تراكم الأخطار وزيادة الأضرار. خلط الأدوية مع الأعشاب: درجت العادة لدى البعض على بلع الأدوية الوصفية مع الأعشاب ظناً أن هذا المزج يحمل الفائدة المتوخاة، ولكن ليكن في علم هؤلاء أن هذا المزيج مشبوه لأنه يجر معه ما لا تحمد عقباه بل قد تكلف آخذيه حياتهم أحياناً. فعلى سبيل المثال، إن تناول دواء بروزاك المضاد للاكتئاب مع عشبة سان جونز تؤثر في مستوى الناقل العصبي السيروتونين مسبباً مضاعفات شتى مثل التهيج والخفقان في القلب والتعرق والاحمرار، وأحياناً تفضي العوارض هذه الى العالم الآخر. مثال آخر، إن تناول نبتة دونج كيواي التي توصف لمعالجة الاضطرابات الشهرية وسن اليأس جنباً الى جنب الأدوية الخافضة للضغط الشرياني قد يؤدي الى حدوث انخفاض حاد في الضغط، الأمر الذي قد ينتهي بحصول السكتة الدماغية. مثال ثالث، إذا أُخذت عشبة ايكينيسيا لمقاومة نزلات البرد مع دواء ليبيتور الخافض للكوليستيرول فقد يسبب ذلك تهتكاً في الكبد، وهناك مؤشرات تدل على أن هذه العشبة تضر بمرضى التصلب اللويحي والسكري والأيدز والحساسية. ختاماً، لا بد من كلمة تتعلق بأدوية التخسيس، فتناولها مع أدوية أخرى يحدث تفاعلات لا تعود بالنفع على أصحابها، ومن هذه: المنشطات الدماغية، ومثبطات المونوأمين أوكسيداز، والأدوية المقوية للسيروتونين، وأدوية الرشح وغيرها.