تخوض السناتور الديموقراطية هيلاري كلينتون امتحاناً صعباً اليوم، لإنقاذ صورتها من خسارة محرجة، في المحطة الثانية للانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية، نيوهامبشير"ولاية الصوان". ويدخل منافسها على ترشيح الحزب الديموقراطي السناتور باراك أوباما هذه المحطة متسلحاً بانتصاره في آيوا الذي منحه قفزة في الاستطلاعات في الولاية الشمالية الشرقية. وأمام تعثرها اضطرت هيلاري الى انتهاج استراتيجية هجومية، ونقلت رهاناتها الى الولايات الكبرى حيث تجرى الانتخابات التمهيدية في شباط فبراير. وتسابق المرشحان في الساعات الأخيرة على استقطاب أصوات المستقلين الذين يشكلون حوالى نصف الناخبين في نيوهامبشير التي شهدت صعود نجم السناتور المخضرم جون ماكين بين الجمهوريين، على حساب حاكم ماساشوستس السابق ميت رومني. واستنفرت حملة كلينتون، السيدة الأولى سابقاً 1992-2000 والسناتور عن ولاية نيويورك الآن، طاقاتها مادياً ومعنوياً، في محاولة لمنع تكرار سيناريو ولاية آيوا وتجنيبها هزيمة سياسية تطاول صورة زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، الأكثر شعبية بين الرؤساء الأميركيين حالياً. وكثفت كلينتون ندواتها الانتخابية في نيوهامبشير المعروفة بميولها المستقلة وبراغماتية ناخبيها. وعدّلت المرشحة الديموقراطية في الأيام الثلاثة الأخيرة استراتيجيتها الانتخابية، لتركز على الشباب الجامعيين الذين أهدوا أوباما انتصاره الساحق في آيوا الأسبوع الماضي. وأبرز ما في هذا التحول، مرافقة تشيلسي كلينتون 27 عاما والدتها الى التجمعات الشبابية وحضورها المناظرة الأخيرة للديموقراطيين، بدلاً من وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت أو الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك. وشددت كلينتون على خبرتها، واستعدادها لاتخاذ قرارات تنفيذية في مسائل الأمن القومي ومكافحة الإرهاب، عكس منافسها الذي وصل الى مجلس الشيوخ قبل سنتين فقط. وصعّدت لهجتها الهجومية ضد أوباما 46 عاما، محذرة الناخبين من انتقاء مرشح"الكلمات الجميلة والقصائد"بدلاً من"الأفعال"، وملمحة الى تأييده تمويل الحرب على العراق وقانون مكافحة الإرهاب باتريوت آكت خلال ولايته القصيرة في مجلس الشيوخ. لكن أوباما الذي يعتبر نفسه مرشح التغيير، حقق قفزة ضخمة في استطلاعات الرأي في نيوهامبشير، إذ سجل 8 نقاط في اليومين الأخيرين. ووظف المرشح الأفريقي الأميركي نجاحه في آيوا لاستقطاب أصوات المستقلين وبعض الجمهوريين في نيوهامبشير، وليخرج منها بصورة المرشح الديموقراطي الأكثر قدرة على الفوز أمام مرشح جمهوري في المرحلة الأخيرة من السباق في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ويكمن المفتاح الرئيس لأي انتصار اليوم، في حصد أصوات المستقلين الذين يشكلون أكثر من 40 في المئة من الناخبين، وسيسعى المرشح الجمهوري ماكين الى استقطابهم. وتولي هيلاري كثيراً من الاهتمام لولاية فلوريدا، حيث تتقدم ب20 نقطة على منافسيها الديموقراطيين في الاستطلاعات. لكن نجاحها في فلوريدا يعتمد على وقف زخم أوباما الذي انطلق في السباق بهالة تاريخية، جعلت الديموقراطيين يشبهونه بالرئيس الراحل جون كينيدي. في غضون ذلك، خاض أقوى مرشحين بين الجمهوريين، ماكين ورومني، حملة تراشق بالاتهامات. وحاول ماكين إبراز رصيده المتفوق في الأمن القومي، كونه أول من دعا الى استقالة وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد وإغلاق سجن غوانتانامو، في وقت شدد رومني على عودة الجمهوريين الى أصول المدرسة المحافظة، منتقداً معارضة ماكين خفض الضرائب ووقوفه الى جانب المهاجرين غير الشرعيين. وستكون معركة نيوهامبشير محورية للرجلين، كونها الوحيدة التي قد تعيد ماكين الى السباق، وتقطع على رومني الطريق الى البيت الأبيض. في الوقت ذاته، حسّن حاكم اركنساو السابق مايك هاكابي الذي يمثل التيار المسيحي في الحزب، مواقعه بعد فوزه في آيوا، واحتل المرتبة الثالثة في الاستطلاعات في نيوهامبشير 14 في المئة، بعدما أعاد توجيه خطابه، ليبتعد قليلاً من القضايا المسيحية، وليعزز حملته على مصلحة الضرائب والحكومة الفيديرالية. وبعد نيوهامبشير، تنتقل الحملة الى نيفادا غرب، ومن ثم ساوث كارولاينا جنوب شرق، قبل ان تحدد نحو عشرين ولاية خيارها في الخامس من شباط.