أكد قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس أمس، أن الانسحاب الوشيك لحوالي 30 ألف جندي أميركي لن يؤثر في مكافحة تنظيم "القاعدة" "بلا هوادة" في هذا البلد، وخصوصاً أن العراقيين باتوا أكثر استعداداً لتسلم مهماتهم الأمنية في البلاد. وتخطط واشنطن لسحب خمس وحدات مطلع تموز يوليو المقبل، لينخفض بذلك عدد الجنود الأميركيين المنتشرين في العراق من 160 ألفاً الى 130 ألفاً، وهو حجم القوات التي كانت منتشرة قبل تطبيق الاستراتيجية الأميركية الأخيرة في شباط فبراير الماضي. ووعد بترايوس الذي كان يتحدث الأربعاء خلال لقاء مع زعماء عدد من العشائر السنية في بلدة اليوسفية، وهي واحدة من المناطق الساخنة سابقاً جنوببغداد، بألا يتوانى في قتال عناصر تنظيم"القاعدة". وشدد الجنرال الأميركي في هذه البلدة التي كانت قبل أشهر قليلة معقلاً لتنظيم"القاعدة"، على وجوب"مواصلة الضغط عليهم، وهم الآن في موقع دفاعي أكثر مما كانوا عليه خلال السنوات الماضية، وعلينا الاستمرار في ذلك". وأضاف أن"هذه البلدة كانت معقلاً صغيراً لتنظيم القاعدة يستطيع من خلالها التسلسل الى بغداد، والعودة إلى ترتيب هجمات أخرى"، لافتاً الى أن"تأمينها مهم جداً بالنسبة إلى أمن العاصمة بالكامل". واستبعد بترايوس مخاوف من أن يسبب انسحاب الوحدات الأميركية الخمس انقلاباً في مكاسب تحققت خلال الأشهر الستة الماضية، ولا سيما انخفاض عدد الهجمات في العراق بنسبة 62 في المئة، وفقاً لتقارير أميركية. وأضاف قائد القوات الأميركية خلال جولة قام بها في المدينة برفقة عدد من المراسلين أن"من المهم أن نتذكر أن استراتيجيتنا العسكرية هي أصغر بكثير من خطة السلطات العراقية التي لا تزال جارية في بغداد". وتابع الجنرال الاميركي فيما كان يتفقد جسراً عائماً بنته القوات الأميركية على نهر الفرات أن"قوات الأمن العراقية الرسمية زادت خلال العام الماضي 110 آلاف جندي وشرطي .... فيما سمحت استراتيجتنا باستقدام 30 الف جندي إضافي فقط الى العراق منذ بدء العمليات العسكرية في شباط"الماضي. وتابع أن"هناك حوالي 70 ألف شخص انضموا الى مجالس الصحوة التي تساعد قواتنا وشركاءنا العراقيين"، في إشارة إلى تنظيمات سنية تقاتل تنظيم"القاعدة"بدعم أميركي في مناطق متفرقة من العراق. وكانت واشنطن نشرت في إطار استراتيجية وضعها الرئيس الاميركي جورج بوش 30 ألف جندي إضافي في العراق من أجل القضاء على عنف طائفي أدى الى مقتل آلاف العراقيين. وكانت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أفادت في تقرير نُشر الأسبوع الماضي أن الاستراتيجية الاميركية حققت نجاحاً، إذ أنجزت القوات الأميركية"تقدماً أمنياً مهماً"في العراق خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أسفر عن انخفاض عدد الهجمات بنسبة 62 في المئة في البلاد. وقال بترايوس إن"استمرار تعزيز الجيش والشرطة العراقيين خلال عام 2008، سيسمح لنا بالسيطرة على مناطق طُهّرت، وتسليمها إلى العراقيين، في حين نواصل التقدم مع شركائنا العراقيين ودعم السكان المحليين لتطهير مناطق أخرى"من المسلحين. وحذر بترايوس بعد لقاء مع شيوخ القبائل في المنطقة والفلاحين وعناصر"الصحوة"، من أن"المتمردين"ما زالوا يشكلون تهديداً في العراق، في إشارة إلى تفجير انتحاري استهدف مجلس عزاء شرق بغداد، وأسفر عن مقتل 30 شخصاً الثلثاء الماضي. وقال القائد العسكري الأميركي الذي يكمل الشهر المقبل سنته الأولى في العراق إن"من المهم جداً جداً أن نواصل مطاردة القاعدة بلا هوادة"، لافتاً الى أن"ذلك هو أحد الأسباب التي أضعفت إمكاناتهم في تنفيذ الهجمات، وزرع عبوات ضد قواتنا والقوات العراقية". واعترف بترايوس بوجود مخاوف من أن يؤدي برنامج"الصحوات"المطبق حالياً بدعم أميركي، الى انقسام بين السياسيين، وقال إن"من المفهوم أن هناك عدداً من القضايا المرتبطة بعناصر الصحوة ... بالتأكيد هناك مخاوف من أنهم قد يتعرضون الى الاختراق من عناصر القاعدة أو جماعات متمردة أخرى، ما قد ينعكس على الحكومة العراقية". وأضاف أن"كل هذه المخاوف مشروعة"، مؤكداً أنه يفضل"أن تدمج هذه الوحدات في قوات الشرطة التي تديرها وزارة الداخلية". وأشار بترايوس إلى التقدم في مدينة الفلوجة، معرباً عن تفاؤله في قدرة القوات العراقية على أن تحل محل القوات الاميركية في حال انسحاب أميركي. وقال إن"الشرطة العراقية تسيطر اليوم بالكامل على مدينة الفلوجة التي كان ينتشر فيها الجيش العراقي مع المارينز مشاة البحرية الاميركية ... تمكنا من سحب قواتنا والجيش العراقي خارج المدينة لنتمكن من مطاردة القاعدة شمالاً وجنوباً".