استغلت إقبال إحدى غرف المنزل لوضع السلع الكمالية النسائية ومستلزمات الأطفال، لغرض بيعها بالآجل الدين أو التقسيط، للزبائن من النساء اللواتي يترددن عليها للتسوق . وإقبال التي ناهزت الخامسة والأربعين من العمر، داهمها الكبر ووجدت نفسها فجأة عانساً، توقف العرسان عن طرق باب منزلها، لطلب يدها من أمها التي غزتها الشيخوخة، أو أخوتها الذين تزوجوا وكوّنوا أسراً. وهي ترفض الاتكال على أحد في تدبير أمور معيشتها، علماً أنها تعيش في منزل أحد أشقائها، لتحظى بحماية اجتماعية. وتوفّر مصدر رزق، لتجنبه تكاليف إعالتها مادياً. وتتحدث إقبال عن ممارستها تجارة الكماليات، فهي تشتري ملابس نسائية وأكسسوارات وأدوات مكياج ومطبخ ولوازم أطفال، وتبيعها بالآجل لنساء من المدينة. وهكذا تعيل نفسها وتواجه متاعب العنس. وتوضح أن لدى المرأة العانس هموماً كثيرة، لا تقتصر على الناحية المادية، فهناك متاعب اجتماعية، تتمثل في الشعور بالوحدة،"والندم على رفض الزواج من رجال طرقوا بابها ورفضتهم، لأسباب مادية أو اجتماعية أو ثقافية أحياناً"، كما تقول. وقدرية 42 سنة، وهي عانس أيضاً، بقيت عزباء لتعتني بوالداتها المريضة، التي توفيت وتركتها تواجه مصاعب الحياة وحدها. وعمدت إلى تأجير المنزل الذي سجلته والدتها باسمها، لتستفيد من الدخل الشهري، فتعيل نفسها، فضلاً عن أن المؤجر وفر لها حماية اجتماعية،"فالعانس لا تستطيع السكن بمفردها في بيت، بسبب التقاليد والأعراف الاجتماعية الصارمة"، كما تشرح. أما الشقيقتان رباب وسهاد فبادرتا إلى فتح ورشة كبيرة داخل المنزل، لصنع المعجنات والكبّة وأطعمة أخرى، تحتاجها الأسر في محيطهما، مقابل أجور. وتروي رباب أنها وشقيقتها سهاد، تلبيان الطلبات إلى المنازل، من مختلف أنواع الأطعمة. ويوفّر لهما العمل مصدر دخل يكفي لسد حاجاتهما، باعتبار أن أشقاءهما لا يتحملون نفقات الأختين العانسين، ويعتبرونهما"عالة". وتشير إحصاءات، نفّذنها منظمات مدنية، إلى أن تكريت شمال بغداد من المدن التي تكثر فيها العوانس، بسبب الفوارق الاجتماعية والمادية. فالبنت التي كانت تنتمي إلى أسرة ثرية، كانت ترفض الاقتران بعريس من طبقة فقيرة، ولا سيما قبل الغزو الأميركي للعراق، أو بعريس لا ينتمي إلى قبيلتها.