لم تجد عوانس سعوديات أمامهن بداً من القبول بأوضاعهن المعيشية الجديدة؛ ذهاب قطار الزواج عنهن.. ووفاة الآباء والأمهات.. وانشغال الأخوة وبقية الأهل عنهن، ولكنهن لم يقبلن بتهميش المجتمع، وتجاهله، فوجهن دعوة صريحة وعاجلة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، مطالبات إياها بمزيد من الاهتمام والعناية بهن، محددات مطالبهن بكل دقة.المطالبات لم تقتصر على العوانس فحسب، وإنما جاءت أيضاً من مطلقات، رأين ضرورة في تكثيف البرامج الخاصة بهن، لتوفير حياة كريمة لهن، بعد فشل تجاربهن في الزواج.. نساء ينتظرن الدور امام مبنى الشؤون الأجتماعية ( اليوم ) نظرة المجتمع تقول مريم التي بلغت 43 سنة ولم تتزوج بعد «تقدم لي الكثير من الشبان قبل أكثر من 15سنة، ولم يكتب الله لي الارتباط بأحدهم، حتى أصبت بعقدة نفسية، أيقنت على إثرها أنني لن أتزوج أبداً، ويبدو أن هذا قدري ولله الحمد»، مضيفة أن «حياة العنوسة مليئة بالغموض، ناهيكم عن نظرة المجتمع التي لا ترحم، بل وتعد العانس كالمريضة النفسية، ولا حول ولا قوة إلا بالله». وعن المطالب التي ترجوها مريم تقول: «أتمنى من وزارة الشؤون الاجتماعية، وهي المعنية بأمورنا، أن تفتح لنا المجال لإثبات وجودنا من خلال البرامج المهنية، التي تفتح لنا آفاقاً في سوق العمل، وتأهيلنا لافتتاح مشاريع خاصة، تعوضنا ضياع فرص الزواج، كالالتحاق بدورات الماكياج والخياطة والكمبيوتر وغيرها». قليل جداً وترى لطيفة .خ، وهي عانس تجاوزت عمر ال 45 سنة، أن «وزارة الشؤون الاجتماعية تهتم فقط بالجانب المادي، بحيث توفر للعانس أو المطلقة مبلغا لا يتجاوز 800 ريال، وهذا المبلغ قليل جداً، في ظل ما يشهده العالم من غلاء فاحش»، مضيفة «يبقى هذا المبلغ أفضل من عدمه، وهنا لا أريد الحديث عن الجانب المادي بقدر الحديث عن الجانب المعنوي والنفسي، فهو الأهم، خاصة إذا عرفنا أن المرأة في الواقع، هي مجموعة من العواطف التي تموت بمجرد انتهاكها وعدم المبالاة بها». دورات تدريبية وأضافت «أرى أن العانس في أمس الحاجة إلى مخاطبة عواطفها، لأنها محرومة من العاطفة، كما أرى أن تتاح لها الفرصة في أن تنخرط في أي نشاط يبعدها عن شبح العزلة وجحيم الفراغ»، مؤكدة «ليس هناك أفضل من دورات تدريبية مختلفة، تهديها لنا وزارة الشؤون الاجتماعية، كونها الجهة المسؤولة عنا أولاً وأخيراً»، موضحة «نحن كعوانس، فقدنا آباءنا وأمهاتنا، وأشقاءنا شقوا طريقهم، وبات لهم حياتهم الخاصة، وفيما نبقى نحن تحت وطأة الازدراء والسخرية». الجهات المعنية وتشير أم صالح (مطلقة منذ 13 عاماً) إلى حاجة العوانس والمطلقات والأرامل إلى وقفة المجتمع معهن، لا سيما وأن الكثير منهن ليس لديهن أحد يستعان به على قضاء حاجاتهن، وتقول «أتمنى أن تتبنى الجهات المعنية العديد من الدورات، التي توجد حقلاً مهنياً مناسبا للعوانس والمطلقات، للقضاء على وقت الفراغ الذي يعد القلق المخيف لنا»، مضيفة أن «العانس وغيرها فقدت مستقبلها، وتعيش قلقا مستمرا بشأن ما يخفيه المستقبل لها، ولهذا أطالب وزارة الشؤون الاجتماعية بإيجاد محاضن مهنية اجتماعية لهن». وزارة الشؤون الاجتماعية تهتم فقط بالجانب المادي، وتوفر للعانس أو المطلقة مبلغا لا يتجاوز 800 ريال، وهذا المبلغ قليل جداً، في ظل الغلاء فاحش فراغ العنوسة ومن خلال إحصائية اجتماعية، اتضح أن أغلب العوانس يعانين مشكلات أسرية، جراء عدم تقبلهنّ للوضع الذي يعشنه، وأفادت العانس أمينة (41 سنة) أنها تعرف ما لا يقل عن 13 عانسا، وتجتمع بهن بين فترة وأخرى، وقالت: «تكاد تجتمع مطالبهنّ في تأمين العديد من الدورات المكثفة التي من شأنها أن تجعل العانس سيدة فاعلة في المجتمع، لا سيما وأنها مهمشة بشكل كبير واضح»، مضيفة «لنا أن نستدل بعدد من المطلقات والعوانس اللاتي عملن على تطوير أنفسهن من حسابهن الخاص، سواء بدورات تدريبية أو برامج مهنية مكثفة، وها هنّ الآن قد استفدن كثيراً من تلك البرامج، سواء بفتح مشاغل نسائية أو بدخولهن في وظائف، بناءً على خبرات في الكمبيوتر واللغة وغيرها، وهذا لم يتحقق إلا للائي لديهنّ سعة مالية، وقدرة مادية على الخروج من فراغ العنوسة». حق العانس وتتساءل منى العوضي عن العوانس والمطلقات والأرامل الفقيرات اللائي كسرت مشاعرهنّ قسوة الحياة وزادهنّ ألماً، نظرة المجتمع لهن «هل يبقين في انتظار الإعانة الشهرية الزهيدة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولماذا لا تتحرك وزارة الشؤون الاجتماعية لتفعيل دور العانس في المجتمع، بإيجاد نظام يضمن حق العانس في المجتمع، لأن العانس والمطلقة في الغالب أكثر عرضة للآلام النفسية من غيرها، المشغولة بأسرتها وزوجها وربما بوظيفتها».
الشؤون الاجتماعية : الأبواب مفتوحة لدعم العوانس والمطلقات ذكرت وزارة الشؤون الاجتماعية انها تدعم الأسر المنتجة والمستفيدة من الضمان الاجتماعي، بحسب الأنظمة المعمول بها، وأشار الناطق الإعلامي بها محمد العوض إلى أن «هناك مبالغ مالية يمكن أن تعطى كمعونة للمستفيدة من الضمان، لإقامة مشروع يوفر دخلاً مالياً لها»، موضحاً أن «الوزارة تتابع وتدرس جدوى الموضوع الاستثماري، ومدى نجاحه، وبالتالي فإن أي مطلقة أو أرملة أو عانس، لديها الرغبة في فتح أي مشروع، عليها أن تتقدم إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لطلب المساعدة». وأشار العوض إلى أن «المساعدة غير مستردة»، مبيناً أن «هناك طريقة أخرى لجعل المطلقة الراغبة في الإنتاجية أكثر فعالية، وهي التقديم على القروض في بنك التسليف، خاصة أن هناك قروضا يمكن أن تستفيد منها المرأة في إقامة أي مشروع بعد دراسة الجدوى منه».وبين العوض أن «مراكز التنمية الاجتماعية تفتح أبوابها للنساء المنتجات دون تفريق بين مطلقة أو متزوجة، وهي ميدان خصب لاحتواء طاقات الأسر المنتجة».