رفضت موسكو «محاولات أميركية» لربط ملف معاهدة تقليص الأسلحة الاستراتيجية بموضوع تشديد العقوبات على إيران. وأكدت مصادر ديبلوماسية في روسيا انها لن تبرم أي صفقة تربط بين الملفين المختلفين تماماً، في أول إشارة جدية إلى فشل قمة موسكو الأخيرة في تقريب وجهات النظر حيال ملفات خلافية. وكان محللون روس بدأوا بالحديث عن صعوبات تعترض عملية «إعادة إطلاق» العلاقات، في اليوم التالي للقمة التي جمعت الأسبوع الماضي في موسكو الرئيسين ديمتري ميدفيديف وباراك أوباما اللذين وقعا اتفاقاً تمهيدياً لتجديد معاهدة تقليص الأسلحة الإستراتيجية (ستارت2). وعلى رغم أن الطرفين اتفقا على إطلاق جولات جديدة للحوار على مستوى الخبراء في أسرع وقت، بهدف «مواصلة العمل وتسوية المسائل العالقة»، فان أولى بوادر الخلاف المستفحل برزت قبل أيام، عندما تحدث مسؤول في الخارجية الأميركية عن عدم نية واشنطن التراجع عن نشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا، وهو أمر رد عليه ميدفيديف بالتلويح مجدداً بالذراع الصاروخية الطويلة لروسيا، مكرراً تهديد بلاده بنشر أنظمة صاروخية متطورة في إقليم كاليننغراد المحاذي لدول أعضاء في حلف شمال الأطلسي. أما أبرز المؤشرات إلى تباين المواقف حيال ملفات أساسية فظهر في تناول الطرفين الملف النووي الإيراني وخصوصاً عندما أشار ناطق أميركي أخيراً، إلى ربط مسألة تشديد العقوبات على إيران مع تحقيق تقدم في صوغ وإقرار معاهدة الأسلحة الاستراتيجية الجديدة. لكن موسكو رفضت «إقحام الملف الإيراني بقضية نزع السلاح»، واعتبر ديبلوماسي روسي أمس، أن «هذا الربط لا أساس له». ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن الديبلوماسي تأكيده أن موسكو تتعامل مع كل من الملفين على حدة، وأن «المحاولات الرامية للربط بينهما مرفوضة». اللافت أن مصادر روسية بدأت تتحدث أخيراً، عن «أطراف داخل الإدارة الأميركية» تمارس ضغوطاً على أوباما لإفشال محاولات تقريب وجهات النظر بين البلدين، خصوصا لجهة انتقادات ظهرت في الولاياتالمتحدة لما وصف بأنه «مرونة زائدة أبداها أوباما حيال الروس». وأشار خبراء روس إلى أن «المؤسسة العسكرية الأميركية تضع عقبات «أمام تقدم الحوار في شأن مسائل نزع الأسلحة النووية وملفات الردع الصاروخي بما فيها مسألة «الدرع». وبحسب مصادر روسية فإن تصريحات مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية أخيراً، دلت على أن الولاياتالمتحدة «لا تستطيع أن تذهب بعيداً على طريق نزع الأسلحة النووية لوجود عدد كبير من البلدان غير النووية التي تعهدت الولاياتالمتحدة بحمايتها وهي لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها إلا بمواصلة التلويح بالردع النووي». ويعني ذلك أن مبادرة التقليص الحاد في ترسانة البلدين النووية التي اقترحها أوباما وأقرتها جزئياً قمة الرئيسين في موسكو، سوف تقابل بعراقيل عدة تضعها أطراف داخلية أميركية، ويعتبر الروس أن محاولات الربط بالملف الإيراني واحدة منها. كذلك بدت الخلافات مستحكمة بين الجانبين في شأن جورجيا، وذلك من خلال زيارة ميدفيديف اول من امس، لاوسيتيا الجنوبية وتعهده بتعزيز العلاقات مع الجمهورية الانفصالية.