تتحول أنظار الأميركيين اليوم نحو ولاية أيوا حيث تنطلق الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية التي تقرر المرشح داخل كل من الحزبين الجمهوري والديموقراطي للتنافس على دخول البيت الابيض. وحشد المرشحون في الحزبين كل طاقاتهم الدعائية في الايام الاخيرة، فيما سجل تقدم طفيف في اللحظة الأخيرة لمصلحة السناتور عن ايلينوي الديموقراطي باراك أوباما والحاكم السابق لولاية اركنسو القس الجمهوري مايكل هاكابي على مرشحي الصدارة السناتور عن نيويورك الديموقراطية هيلاري كلينتون والحاكم السابق لولاية مساتشوستس ميت رومني، وبشكل يفتح الباب لسيناريوهات غير تقليدية في السباق. ورجحت الاستطلاعات اقبالاً واسعاً وغير مسبوق على المشاركة في الاختيار الذي تهيمن عليه شعارات"التغيير"داخلياً وخارجياً. وفي موعد مبكر هذه السنة، استعدت أيوا في الوسط الأميركي لتدشين الدورة الانتخابية الرئاسية للسنة 2008 لخلافة الرئيس جورج بوش بعد ولايتين له في البيت الأبيض. وتجمع الحملة اليوم أكبر عدد من المتنافسين في التاريخ الأميركي منذ 1928، بعدما أحجم نائب الرئيس ديك تشيني عن المشاركة في السباق كمرشح متوافق عليه بين الجمهوريين. وشابت أجواء الغموض والضبابية المعركة الأولى من السباق، في ظل عدم تمكن أي من المرشحين، الديموقراطيين والجمهوريين على السواء، عن فرض صدارته في الاستطلاعات. وأظهرت أرقام الساعات الأخيرة قبل بدء السباق احتدام المنافسة في الولاية بين كلينتون وأوباما والسناتور السابق جون إدواردز، ولم تتقدم كلينتون الا بنسبة ضئيلة. تقابل ذلك اعادة خلط أوراق في الصف الجمهوري ومنافسة أشد بين رومني هاكابي، وتقدم طفيف للأول. وحاول كل من كلينتون ورومني ابراز عامل"الخبرة"في السباق، فيما سعى أوباما وهاكابي على الاستفادة من شخصيتهما المحبوبة والقريبة الى الناخب الأميركي، ومخاطبتهما القاعدة التقليدية للحزبين، والتي تبدو أقرب الى هاكابي في صفوف اليمين المسيحي المحافظ، وتنقسم في أوساط الليبراليين واليسار بين كلينتون وأوباما والسناتور السابق عن كارولينا الشمالية جون إدواردز. وتصدرت الدعوات الى التغيير في السياسة الخارجية والداخلية المعركة بين الديموقراطيين، فيما مثلت الدعوة الى أصول المدرسة المحافظة العنصر الاساسي في خطاب الجمهوريين. وتراجع حضور المشهد العراقي والوجود العسكري الأميركي في العراق خلافاً للعام 2004، وطغت المسائل الداخلية مثل الهجرة غير الشرعية والتأمين الصحي والبطالة. وبذل المرشحون طاقات مادية واعلانية هائلة في الولاية التي تكتسب أهميتها انتخابيا كونها الأولى في السباق، وتمنح الفائز فيها زخما سياسيا يحمله الى الولايات الاخرى، بشكل قد يقلب المعادلة ويبدل التوقعات. اذ أعطى فوز أيوا غير المتوقع في 1976 للرئيس السابق جيمي كارتر مفتاح الوصول الى البيت الأبيض، كما قلبت الولاية التوقعات الانتخابية في 2004 بعدما خذلت المرشح السابق هوارد دين عن الديموقراطيين وأعطت السناتور جون كيري زخماً معنوياً بعد فوزه فيها وعلى رغم هبوطه في الاستطلاعات، تمكن بعده من حصد اللقب عن الديموقراطيين ومنافسة الرئيس بوش. وتحمل ولايتا نيو هامبشير وكارولينا الجنوبية الأهمية نفسها في السباق، إذ تأتيان مباشرة بعد أيوا، قبل الانتقال الى الولايات الأكبر فلوريدا، كاليفورنيا التي يراهن على الفوز فيها رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني. وتتقدم هيلاري كلينتون والسناتور جون ماكاين في نيو هامبشير، فيما تتعادل الأرقام بين كلينتون وأوباما في كارولينا الجنوبية، ويتقدم فيها هاكابي عن الجمهوريين. ورجحت الاستطلاعات مشاركة 60 في المئة من ناخبي أيوا اليوم، ما يعتبر سابقة في الانتخابات التمهيدية التي لا تتعدى فيها المشاركة عادة نسبة 30 في المئة.