يعكف كبار رجال السياسة والاقتصاد في العالم على دراسة انعكاسات الأزمة المالية الأميركية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس سويسرا الذي يأمل من الدول الناشئة ان تنقذه. ويتوقع وصول 2500 من كبار المسؤولين في العالم اعتباراً من بعد غد إلى المنتجع الجبلي في موعدهم السنوي في حين يتعرض الاقتصاد العالمي إلى اكبر خطر تباطؤ منذ انفجار فقاعة الإنترنت عام 2001. وقد يكون تغير الأجواء جذرياً مقارنة باجتماع عام 2007 الذي أبدى خلاله أصحاب الشركات تفاؤلاً كبيراً إذ توقع 90 في المئة منهم ارتفاعاً في رقم أعمالها خلال السنة في افضل نتيجة منذ خمس سنوات. لكن أزمة القروض العقارية حالت دون ذلك وبات خطر الانكماش في الولاياتالمتحدة يهدد التوقعات العالمية خلال عام 2008، على ما أفادت دراسة نشرها مطلع الشهر منظمو المنتدى. وأشارت الدراسة إلى ان مجلس الاحتياط الفيديرالي يتوقع تراجعا في قيمة الموجودات يبلغ نحو 150 بليون دولار بسبب أزمة القروض العقارية، لكن الخسائر الأخرى للقطاع المالي"اكبر بكثير مما كان متوقعاً". وعبرت الدراسة عن قلق من ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية. ولم يبد المنتدى عام 2007 تخوفاً من وضع العقارات في الولاياتالمتحدة، لكن مؤسس المنتدى كلاوس شفاب دعا في المقابل إلى عدم"المبالغة في التشاؤم"خلال هذه السنة. وأكد ان العالم ليس في مرحلة انكماش إذ يتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي ليبلغ 3.5 في المئة بدلاً من خمسة في المئة عام 2007. وتعكس مواضيع اجتماعات دافوس أملاً في ان تتولى الدول الناشئة دور قاطرة الاقتصاد العالمي. والمؤتمرون مدعوون أيضاً إلى التساؤل عما إذا كان"العالم يصاب بنزلة برد كلما عطست أميركا"أو"إذا كانت آسيا مستعدة للعب دورها على الساحة العالمية"، وفقاً للأوراق الرسمية للمنتدى. ويعول المنتدى على وجود نحو 10 من قادة"الصناديق السيادية"هذه الهيئات العامة الآسيوية أو شرق الأوسطية في معظمها والتي سارعت خلال الأشهر القليلة الماضية لنجدة مصارف كبرى مثل"سيتي غروب"و"يو بي إس"و"مورغان ستانلي"و"ميريل لينش"لكنها تتعرض لانتقادات لعدم شفافيتها. وقال شفاب:"علينا ان نفهم كيف تعمل تلك الأموال وستكون دافوس فرصة لذلك". وأضاف ان"ما يبشر بالخير هو ان العالم النامي يلعب دوراً كبيراً في محفل الأمم"مقراً بأن الأموال المستقلة تثير إشكالاً جديداً:"هل نحن سائرون نحو نوع جديد من الحمائية؟ هل يجب علينا ان نضع قواعد لمنعها من الاستثمار على الصعيد العالمي؟". وفي ما يشبه التجاوب مع أجواء الشكوك السائدة تبدو الإنسانية اكثر تشاؤماً في شأن مستقبل الاقتصاد العالمي. وأفاد استطلاع اجري لدى 61600 من سكان العالم ان 33 في المئة منهم فقط يتوقعون ان تستمتع الأجيال المقبلة بعالم مزدهر في حين كانت نسبتهم السنة الماضية 40 في المئة. ويطرح كل ذلك مواضيع سيدرسها نحو 27 رئيس دولة وحكومة يتوقع مشاركتهم في دافوس إلى جانب مئات الوزراء واكثر من 900 من رجال الأعمال وأصحاب كبريات الشركات وسط إجراءات أمنية مشددة ينفذها الجيش السويسري لحمايتهم. في المقابل تبدو تعبئة دعاة العولمة البديلة في تراجع، إذ ان المنتدى الاجتماعي العالمي تخلى هذه السنة عن تنظيم قمة"دافوس المناهضة". وأوقفت الشرطة مئة ناشط من اليسار المتطرف أول من أمس في العاصمة السويسرية برن بعد تظاهرة محظورة ضد المنتدى.