لا ريب في ان الكلام على تقسيم تركيا مضحك، ولا يمكن حمله على محمل جد. فأنابيب النفط في تركيا تنقل النفط والغاز من وسط آسيا والشرق الاوسط الى اوروبا. وتدرك أميركا وأوروبا أهمية وحدة تركيا الجيوسياسية. ومن شأن أنابيب النفط التركية أن تقوض احتكار روسيا امدادات الغاز والبترول الى اوروبا. وعليه، ينتفي احتمال اقدام الغرب على تقسيم تركيا، في وقت يؤدي هذا البلد دوراً مهماً واستراتيجياً. والجيش التركي لن يسمح لأي قوة تركية محلية بتقسيم تركيا. واللافت أن"حزب العمال الكردستاني"، ومتطرفي الاكراد يدركون واقع الامور اكثر من بقية الأتراك. فهم عزفوا عن المطالبة بتقسيم تركيا واقامة دولة كردية مستقلة على جزء من الاراضي التركية. وجليّ أن ثمار حربنا، نحن الاتراك، على"حزب العمال الكردستاني"منذ 1984 إلى يومنا، لم تنعقد بعد. فاعتقال زعيم الحزب عبدالله اوجلان في 1999، لم يحل دون انبعاث هجمات الحزب الارهابية، في2004. ولكن الى ماذا يسعى"حزب العمال الكردستاني؟ وما هي أهدافه؟ وبحسب قيادي كردي نُشرت أقواله في كتاب"الدم والايمان"الصادر عن جامعة نيويورك للكاتبة اليزا ماركوس، يتخبط"حزب العمال الكردستاني"في الفوضى منذ أن فقد زعيمه اوجلان. ولم تعد أهدافه واضحة. فهو يطالب بالحرية. وكلنا نريد الحرية, ويقول أنه يريد حل القضية الكردية، ولكنه لا يطرح حلولاً واقعية. وشأن"حزب العمال الكردستاني"، تلتبس أهداف تركيا. فهل تريد القضاء على هذا الحزب؟ وما هي الوسيلة المناسبة؟ أهي محض عسكرية، على غرار متابعة قصف معاقل الحزب شمال العراق؟ ام هي وسائل تجمع بين الهجمات العسكرية، واجراءات سياسية توسع خانة المستفيدين من قانون العفو، وتزيد الاستثمارات المالية في منطقة جنوب شرقي تركيا، وتحسن اوضاع الاكراد الاجتماعية؟ وهل تضع مثل هذه الاجراءات السياسية والعسكرية حداً لأنشطة"حزب العمال الكردستاني"؟ وهل يترتب حل القضية الكردية في تركيا على استسلام هذا الحزب، وتركه السلاح، وحله نفسه؟ والحق ان سعي الحكومة التركية الحالية في تقويض شعبية"حزب العمال الكردستاني"في الشارع الكردي المحلي، ووقف تطوع الشباب الكردي في الحزب، محكوم بالفشل ما لم يستند الى نهج سياسي استراتيجي يرسي تكاملاً بين جنوب شرقي تركيا وشمال العراق. وشأن الادارة الكردية العراقية ان تسهم في بناء علاقات تكامل استراتيجي بيننا. فتجاهلنا شمال العراق، واعلاننا ان وضع هذا الاقليم شاذ وغير شرعي، ورفضنا التعامل معه مباشرة من دون وساطة حكومة بغداد، لا يحل مشاكلنا مع الاكراد. فالبحث عن حل للقضية الكردية لا يقف عند حدود تركيا بل يتجاوزها الى بقية القوى الاقليمية. عن جنكيز شندار،"ريفيرانس"التركية، ، 25/12/2007