أحيا الموسيقي السوري المغترب عابد عازرية حفلته الغنائية الاولى في دار الاوبرا في دمشق مساء أول من أمس، بعد غياب أربعين سنة، بمشاركة المغنية الاسبانية أنا فيليب و3 فرق موسيقية، عربية وإسبانية وفرنسية. واعتبر عازرية ان حفلته التي قدم فيها أغنيات أسطوانته"نصيب"، هي تحية للحضارة الاندلسية التي استوحى منها موسيقى الاغاني في بحثه عن الروح الأندلسية. لأن تلك الحضارة برأيه كانت بمثابة"المعجزة"التي مزجت أناساً مختلفين"وكانت بداية المواطنة، وهذه المواطنة هي أجمل من الديموقراطية الحالية". واضاف ان الاندلس"تأسست على قبول الآخر والانفتاح. لم يكونوا يقولون انا سوري او جزائري او اسباني، كانوا يقولون هذه حضارتي". ونفى ان يكون تقديمه للحفلة ضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008، يأتي متضافراً مع جهد منظمي الاحتفالية لتغطية ما يعتبرونه البعد الثقافي الاندلسي لدمشق، والذي يرجون تكريسه عبر الحفلة التي سيحتضنها قصر الحمراء في غرناطة في 31 كانون الثاني يناير. وعن سبب غيابه الطويل في اقامته الفرنسية، قال عازرية:"انها المرة الأولى التي يدعونني فيها للغناء في سورية، وانا لبّيت الدعوة". وأوضح ان اختيار موسيقى"نصيب"لتقديمها في حفلته لم تكن خياره"بل هذا ما أراده منتجو الحفلة بعد ان حضروها في بيروت". وأقيمت الحفلة في صالة الدراما في دار الاوبرا، التي تستوعب 700 شخص، وليس في القاعة الكبيرة التي تتسع ل 1200 شخص. وعزا عاملون في دار الاوبرا ذلك لانشغال القاعة الكبيرة التي تتحضر لاحتضان مسرحية"صح النوم"للفنانة اللبنانية فيروز، ابتداء من 28 كانون الثاني يناير الجاري. وضمت حفلة"نصيب"8 أغنيات ومقدمة موسيقية، وهي مشروع موسيقي انهى عازرية العمل عليه عام 1988، وأنتج لاحقاً. وتشمل الاغاني مقتبسات من مجموعة نصوص شعرية اندلسية تعود الى القرن الحادي عشر، وتناوب على غنائها كل من عازرية وفيليب، بمصاحبة موسيقى توحد فيها الفلامنكو الاسباني والتقاسيم والايقاعات الشرقية مع الموسيقى الكلاسيكية. وأطرب عازرية الحضور بصوته. كما شارك عازريه في العزف على الدفّ، ورقص على ايقاعات الفلامنغو مع المغنية الاسبانية. واثار حماسة الجمهور عندما دعا كلاً من افراد المجموعة الاسبانية ليقدم رقصة منفردة في نهاية الحفلة. وأصر عازرية على توجيه تحية لحضارة الأندلس، قبل أدائه اغنية"يا غزال"التي كتبها شاعر مجهول، وتتغزل بعيون المرأة وسرعة لحظها، وقال ان تلك الحضارة قدمت علوماً"عجيبة"ومتنوعة، وصنعها السوريون الامويون الذين ورثوا الكثير من الحضارات التي سبقتهم، وصبوها في حضارة اسلامية نقلوها معهم حيثما ذهبوا". وسيحيي عازرية الملحن والمغني والكاتب غداً، حفلة أخرى في مسقط رأسه حلب حيث عاش طفولة مشبعة بأجواء الموسيقى الروحية، من مسيحية واسلامية. قبل أن يغادر إلى بيروت التي طالما تردد اليها لوجود اقاربه فيها، ليدرس الادب العربي، ثم ترك الدراسة وتوجه الى باريس ليتعمق في الموسيقى على اختلافها، وهو يقيم هناك منذ عام 1967. وأصدر عازرية أول اسطواناته عام 1970. وقدم العديد من الاعمال الموسيقية التي تستوحي الاجواء والاشعار الصوفية، مستعيناً بصوته الذي يلامس أجواء الطقوس الشعائرية الشرقية ومنها أسطوانة"ملحمة جلجامش". وآخر أعماله كان غناء أشعار عمر الخيام.