تواجه سارة صعوبة كبيرة في تدريس مادة اللغة الإنكليزية لطلبة المرحلة الثانية المتوسطة في إحدى مدارس تكريت 170 كلم شمال بغداد وتشكو من عدم استيعاب الطلبة للمادة. وترى سارة مدرسة اللغة الانكليزية،"ان الطلاب أصبحوا أقل استيعاباً للمادة الدراسية من قبل، ملاحظة أنهم يتعاملون ببرود كبير مع الدرس ولا يطمحون الى النجاح، على عكس الطالبات اللواتي يحرصن على الدراسة ويسعين إلى النجاح والتفوق". وتبرر سارة"لا مبالاة الطلبة الذكور في التفوق والتحصيل العلمي بالتوتر الذهني الذي تعيشه غالبية شباب العراق بسبب الوضع الأمني المتوتر في غالبية المناطق، وتعرّض أعداد كبيرة من الشباب بمختلف الأعمار إلى الاعتقال العشوائي أو الخطف".وتجد سارة ان"تدريس الذكور من جانب انثى عملية شاقة لصعوبة السيطرة عليهم وبسبب اختلال موازين الأخلاق والقيم الاجتماعية في المجتمع العراقي، فالطالب الذي كان يخشى عصا المعلم سابقاً لم يعد يحترم أحداً اليوم". وتذهب ميادة مدرسة مادة الكيمياء في أحد مدارس الذكور إلى"أن هناك إقبالاً على العمل في الأجهزة الأمنية بين الطلاب الذكور أكثر من التركيز على التحصيل العلمي أو الحصول على شهادة قد لا تضمن بالضرورة وظيفة تدرّ دخلاً يكفي لتلبية متطلبات الحياة". وتضيف:"أكثر من أربعة طلاب تركوا الدراسة في صف دراسي واحد خلال العام الحالي وتفرغوا للعمل". وقدمت ميادة طلباً الى إدارة المدرسة لنقلها إلى مدرسة بنات بعد أن شعرت بأن جهودها المضنية تذهب ُسدى. فلا أحد من الطلاب ُيعير أهمية للدرس، تقول. وتضيف:"يأمل المدرس أن يحقق طلابه مستوى علمياً متقدماً، وهذا محال مع طلاب ما عادوا يبالون بالدرس والعلم واتجهت اهتماماتهم نحو جمع نقود لشراء سيارة أو امتلاك جهاز حاسوب محمول". من جهة، يرى احمد نجدت مدرس الفيزياء"أن جميع الطلبة الذكور متفوقون في قواعد تشغيل الانترنت وتقنية الاتصالات وبارعون في استخدام مختلف أنواع أجهزة الحاسوب المحمول بسبب انصرافهم الذهني إلى هذه الوسائل التي انتشرت سريعاً بعد الغزو الأميركي للعراق، بينما نجدهم متخلفين في قراءة الكتب المنهجية واستيعاب المعرفة العلمية من خلال الدرس". وتشير نتائج الامتحانات النهائية في تكريت للسنة الدراسية المنصرمة الى"أن مدارس البنات حققت مستوى علمياً يفوق مدارس الذكور بنسبة كبيرة، كما أن عدد الناجحين في مدارس البنات فاق عدد الناجحين في مدارس الذكور". أما السؤال الذي يطرحه التربويون في معالجة هذا الواقع، الذي يكاد يشكل حالة عامة في العراق اليوم، هو كيفية الموازنة في حياة الطالب بين اهتماماته هذه والاهتمام بالجانب الأكاديمي في الوقت نفسه.