نفّذت صحف مصرية أمس قرارها بالاحتجاب احتجاجاً على صدور أحكام بسجن خمسة رؤساء تحرير لصحف خاصة وحزبية، في حين اعتبرت نقابة الصحافيين، في بيان، أن الاحتجاب الذي يشمل 22 صحيفة جاء ليدعم مساعي النقيب جلال عارف لحل الأزمة الحالية بين وسائل الإعلام والسلطات. وفيما انضم الموقع الرسمي لجماعة"الإخوان المسلمين"على شبكة الانترنت إلى الاحتجاب، قاطعته صحيفة"الأحرار"الصادرة عن حزب الأحرار وقالت إنها ستصدر دفاعاً عن"حرية الصحافة"على رغم مشاركتها العام الماضي في احتجاب وسائل الإعلام احتجاجاً على تعديلات خاصة بقوانين النشر. وانضمت صحيفتا"الأسبوع"و"الأهالي"إلى الاحتجاب في اللحظات الأخير حفاظاً على"وحدة الصف الصحافي"، على رغم محاولات رئيسي تحريرهما تأجيل الاحتجاب أسبوعاً لإعطاء الفرصة للجنة الحوار التي بدا أن دورها توقف في انتظار أن يسترد نقيب الصحافيين عافيته إثر الوعكة الصحية التي ألمت به وأرجأت اجتماعه مرتين برئيس المجلس الأعلى للصحافة صفوت الشريف. وأصدرت منظمات محلية ودولية معنية بحرية التعبير والصحافة عشرات البيانات المؤيدة لموقف الصحافيين في مصر، داعية إلى اعتبار يوم أمس يوماً دولياً للتضامن مع مطالب الصحافيين ومنظمات المجتمع المدني. ودعت المنظمات إلى الإسراع في إنهاء الأزمة الحالية والسعي إلى تنفيذ وعد الرئيس المصري حسني مبارك بإلغاء المواد السالبة للحرية في قضايا النشر والحق في الحصول على المعلومات. وأعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تضامنها مع الصحف الحزبية والخاصة في مصر التي احتجبت، معربة عن إدانتها لإصرار الحكومة المصرية على استخدام"عقوبة الحبس"في قضايا النشر كسلاح تستخدمه في وجه الصحافة الحرة. وقال المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد:"يجب ان يتكاتف المجتمع المصري لدعم الصحافيين في مطلبهم بحماية الصحافيين، وضد إصرار الحكومة على انتهاك حرية الصحافة الذي يمثل ضربة لحق المجتمع كله في حرية الرأي والتعبير". وأضاف:"مع استمرار سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، يصبح الأمر برمته متجاوزاً لكل قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان". وتزامن الاحتجاب مع عطلة رسمية لمناسبة ذكرى حرب السادس من تشرين الأول أكتوبر، وذهب صحافيون إلى أن الحكومة جعلت أمس إجازة رسمية لإحباط تأثير الصحف المحتجبة، مشيرين إلى أن ذكرى الحرب كانت أول من أمس السبت الذي تصادف أنه العطلة الأسبوعية، وقالوا إن الحكومة لا تعطي إجازات تعويضية في غير الأعياد الدينية. وتجولت"الحياة"بين أكشاك بيع الصحف في القاهرة وبدت معظمها خاوية من الصحف لاحتجاب العديد منها مثل"المصري اليوم"و"الدستور"و"الوفد"التي تملك رصيداً كبيراً من القراء، في حين لوحظ تكدس أعداد الصحف الصادرة وانخفاض نسبة البيع. وأرجع أحد الباعة في ميدان التحرير، أكبر ميادين العاصمة، انخفاض نسبة البيع إلى كون يوم أمس عطلة في البلاد يلتزم فيها المواطنون منازلهم. وعقدت لجنة تفعيل ميثاق الشرف الصحافي أول من أمس اجتماعها في مقر نقابة الصحافيين برئاسة المستشار طارق البشري، وناشدت في بيانها النائب العام إسقاط التهم المنسوبة إلى صحيفتي"البديل"و"الدستور"وإحالة الأمر إلى نقابة الصحافيين لاتخاذ الإجراء اللازم ضدهما إذا ما ثبت ارتكابهما مخالفات مهنية. وقررت اللجنة البدء في مناقشة 13 قضية محالة عليها من النائب العام تتعلق بالنشر، كما قررت أن تناقش ما أحيل عليها من نقيب الصحافيين في شأن"هبوط لغة الحوار"في ما يتعلق بأعضاء النقابة. وشارك في الاجتماع نقيب الصحافيين السابق مكرم محمد أحمد واستاذ القانون الدكتور نور الدين فرحات ووكيل المجلس الأعلى للصحافة صلاح منتصر والأمين العام للنقابة يحيى قلاش ووكيل النقابة السابق رجاء الميرغي وعدد من الصحافيين. وتشهد الجماعة الصحافية المصرية حال انقسام شديدة بدأت قبل حوالي عامين مع بداية ازدهار الصحافة الخاصة اليومية. وازدادت حدة الأزمة مع إشاعة مرض الرئيس حسني مبارك التي أعقبتها إحالة رئيس تحرير"الدستور"إبراهيم عيسى على المحاكمة بتهمة ترويج الإشاعة. وتزامن ذلك مع صدور أحكام بحبس نحو عشرة صحافيين، بدءاً برؤساء تحرير صحف"الدستور"إبراهيم عيسى و"صوت الأمة"وائل الإبراشي و"الفجر"عادل حمودة و"الكرامة"عبدالحليم قنديل الذين حكم عليهم بالسجن سنة وغُرّموا 20 ألف جنيه بتهمة إهانة الرئيس مبارك ورموز الحزب"الوطني"الحاكم. وبعد أقل من أسبوعين، قضت محكمة بحبس رئيس تحرير صحيفة"الوفد"المعارضة أنور الهواري وصحافيين في الجريدة بتهمة إهانة القضاة. وقررت بعدها بأيام محكمة جنح العجوزة حبس الإبراشي ورئيس مجلس إدارة"صوت الأمة"عصام إسماعيل فهمي والصحافيين آلاء موسى ورضا عوض ومنال عبداللطيف، لاتهامهم بسب وقذف رجل أعمال. الصحف المحتجبة من الأكثر تأثيراً أخطرت 22 صحيفة نقابة الصحافيين في مصر بقرار احتجابها، إضافة إلى ثلاثة مواقع إلكترونية هي"إخوان أون لاين"و"المصريون"و"بلادي". وطبقاً للأرقام الرسمية تصدر في مصر نحو 517 مطبوعة يومية أو أسبوعية أو شهرية أو فصلية. وتسيطر الصحف القومية المملوكة لمجلس الشورى الذي يخضع لسيطرة الحزب الوطني الحاكم، على معظم السوق الصحافية إجمالاً، إذ تصدر عشرات المطبوعات عن كل مؤسسة من المؤسسات الصحافية القومية وأبرزها"الأهرام"و"أخبار اليوم"و"دار التحرير"و"دار الشعب"و"التعاون"و"روزاليوسف"و"أكتوبر"و"دار الهلال". لكن السوق الصحافية شهدت خلال العامين السابقين طفرة في الصحف خصوصاً اليومية، إذ صدرت"المصري اليوم"وباتت من أكثر الصحف توزيعاً، إضافة إلى العديد من الصحف الأخرى مثل"الدستور"التي تحولت عن الإصدار الأسبوعي إلى اليومي بعدما كان يتخطى توزيعها في العدد الأسبوعي أكثر من 150 ألف نسخة. وفي ما يأتي قائمة بالصحف التي احتجبت:"الوفد"التي تصدر عن حزب الوفد الليبرالي المعارض،"المصري اليوم"وهي خاصة،"العربي"التي تصدر عن الحزب العربي الناصري يسارية،"الكرامة"وهي تصدر عن حزب الكرامة تحت التأسيس يسارية،"البديل"صحيفة خاصة يسارية،"صوت الأمة"خاصة،"الدستور"خاصة،"الفجر"خاصة،"الخميس"خاصة،"العالم اليوم"اقتصادية خاصة،"نهضة مصر"خاصة،"الأنوار"خاصة،"الموجز"خاصة،"المال"اقتصادية خاصة،"الفرسان"رياضية،"الموقف العربي"خاصة،"الاسبوع"خاصة"الأهالي"حزب التجمع اليساري،"الجماهير"خاصة،"البحراوية"خاصة،"الجيل"حزب الجيل، و"جيل الغد"خاصة. وفي المقابل صدرت مطبوعات"الأهرام"و"الأخبار"و"الجمهورية"و"روزاليوسف"وهي الصحف القومية، وانضمت اليها صحيفة"الأحرار"التي تصدر عن حزب الأحرار.