قالت مصادر مطلعة في دمشق ل "الحياة" ان كبار المسؤولين السوريين جددوا، خلال لقائهم أمس مسؤولين عرباً واجانب، تأكيد ما قاله "الناطق العسكري" السوري عن ان طائرات اسرائيلية ألقت "بعض الذخائر وخزانات وقود فارغة في مناطق خالية، من دون ان تحقق اي اصابات بشرية او مادية"عندما خرقت الاجواء السورية قبل اسبوع. واستغربت المصادر تسريب معلومات، من مصادر اميركية واسرائيلية، في شأن قصف مواقع عسكرية"بعد ايام من الصمت"، مع اشارتها الى ان الهدف من ذلك"سياسي". وقالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة"امس ان وزارة الدفاع الاسرائيلية رفضت طلب دول اوروبية وغربية الحصول على معلومات عن تفاصيل خرق الاجواء السورية والتركية، وان رئيس الاركان الاسرائيلي غابي اشكينازي رفض الرد على اتصال هاتفي من رئيس الاركان التركي يشار بيوك انيط. كذلك اوضحت ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اتصل هاتفيا فجر الخميس الماضي بنظيره الاسرائيلي ايهود اولمرت ليبلغه"احتجاجاً شديد اللهجة"بسبب خرق الطائرات الاسرائيلية الاجواء التركية وطلب منه"ايضاحات وعدم تكرار الخرق". ونفت مصادر مطلعة ما قيل عن قصف الطائرات الاسرائيلية شحنة اسلحة. واعتبرت ان ما ذكرته وكالات الانباء، نقلا عن مسؤول اميركي، عن ان الخرق"رسالة لسورية"بعدم تزويد"حزب الله"السلاح، وليس ان الطائرات قصفت فعلا شحنة اسلحة كانت سترسل الى"حزب الله"، علما ان دمشق تنفي تقديم اي دعم عسكري اليه. وفي اسرائيل، استمرت"العملية"في تصدر الصفحات الاولى في الإعلام العبري، فيما واصل المعلقون في الشؤون العسكرية اجتهاداتهم لاستقراء الرد السوري وسط قناعة بأن مثل هذا الرد آت لا محالة، ما يستدعي إبقاء الجيش الإسرائيلي على الحدود الشمالية في حال تأهب واستنفار شديدين. وبينما واصل معلقون في الشؤون السياسية التلميح بقوة إلى ان"العملية"الإسرائيلية تعيد لرئيس الحكومة كثيراً من شعبيته المفقودة وتعيد للجيش"تاج الهيبة"، في اشارة على أنها عملية نوعية ناجحة، حذر معلقون عسكريون بارزون من عواقب"العملية"واحتمال أن يؤدي اي رد سوري إلى"انفجار كبير في المنطقة". ورأى اليكس فيشمان في"يديعوت أحرنوت"ان الشرق الأوسط"المضعضع والخطير موجود اليوم في خضم اختبار أمني هائل"يحتم على إسرائيل اجتيازه بأمان عبر تحسين قدراتها الردعية و"أن تبعث برسالة إلى سورية وحزب الله بأن لديها خطوطاً حمراً تقف وراءها بحزم وقوة". وتحاول وسائل الإعلام التحايل بطرق مختلفة على الرقابة العسكرية التي نجحت في فرض عدم نشر معلومات قد تشير إلى حقيقة ما جرى. واللافت أن تكرس كبرى الصحف"يديعوت أحرونوت"عنوانها الرئيسي لتنديد كورية الشمالية ب"العملية الإسرائيلية"، علماً ان الإعلام العبري يستخف دائما بمثل هذه التنديدات، ويكاد لا يشير إليها الا في سطرين في ذيل صفحة داخلية. وربما تكون الصحيفة أرادت دعم اشاعات عن استهداف"أسلحة نووية"نقلتها كورية الشمالية إلى دمشق. وهو ما كررته صحيفة"نيويورك تايمز"امس ا ف ب، عندما تحدثت عن طلعات جوية اسرائيلية فوق سورية التقطت صوراً لما يحتمل ان يكون منشآت نووية يعتقد مسؤولون اسرائيليون بانها قد تكون جهزت بمعدات من كوريا الشمالية. وفي نيويورك، طالب السفير السوري لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري كلاً من الأمين العام بان كي مون ومجلس الأمن ب"رد فعل"على"الانتهاك الإسرائيلي لميثاق الأممالمتحدة ولأجواء دولة عضو في المنظمة"، قائلاً إن"عليهما تحمل مسؤوليتهما"، ومبرراً عدم تقدم دمشق بطلب محدد من أي منهما بأنه عائد إلى عدم رغبتها ب"الاملاء"عليهما. وعزا الجعفري عدم إقرار إسرائيل رسمياً بالعملية الغامضة في الأجواء السورية، بأنه نتيجة"إدراكهم الإسرائيليين لعواقب الإقرار بما فعلوه". وتوجه السفير السوري إلى باحة قاعة مجلس الأمن بانتظار انتهاء الجلسة المغلقة التي حضرها الأمين العام لتقديم احاطته حول زيارته الى افريقيا. وشوهد الجعفري يعترض طريق بان خارجاً من القاعة لالتقاط دقائق معه. وقال الجعفري للصحافة بعد ذلك"إن الأمين العام مطالب، بكل لياقة، بأن يكون له رد فعل". وأضاف:"ولقد وعد بأن يصدر بياناً". رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي الفرنسي جان موريس ريبير، قال انه تسلم الرسالة السورية انما المسألة"ليست على طاولة مجلس الأمن". وكان السفير السوري بعث برسالتين متطابقتين عن الحادث الى بان وريبير لم يطلب فيهما اتخاذ اي اجراء. واستبعدت مصادر مجلس الأمن صدور أي موقف طالما الأمور غامضة ومن دون شكوى واضحة وطلب رسمي من سورية أو من دول صديقة لها في مجلس الأمن في هذا الاتجاه.