سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ادانة دولية وعربية واسعة ومخاوف من توسيع نطاق المواجهة ... والاعتداء استهدف موقعاً مدنياً بعدما أخلته "القيادة العامة" قبل سنة . مجلس الامن ينعقد لبحث الغارة الاسرائيلية على موقع في سورية وواشنطن تدعو للتهدئة وتجدد تحذير دمشق من "ايواء ارهابيين"
في تصعيد غير مسبوق قد يؤدي الى توسيع رقعة المواجهة في الصراع العربي - الاسرائيلي، أغارت اسرائيل على مناطق في سورية قالت انها "مواقع تدريب عسكرية لحركة الجهاد الاسلامي" التي تبنت هجوم حيفا. وفيما نفت "الجهاد" ان يكون لها "اي وجود عسكري في سورية"، اختارت دمشق خيار "اقصى درجات ضبط النفس" لقطع الطريق على حكومة آرييل شارون الهادفة الى "تصدير ازمتها الداخلية" عبر تعريض الشرق الاوسط الى مزيد من "التصعيد والتفجير"، وفي الوقت نفسه، طالبت بجلسة طارئة لمجلس الامن كان متوقعاً عقدها ليل أمس. وبدا من خلال الموقف الرسمي السوري ان دمشق وضعت "الكرة في الملعب الاميركي"، اذ ان واشنطن التزمت الصمت حتى مساء امس، بالتزامن مع تضامن عربي مع سورية وانتقادات دولية واسعة للغارة بوصفها انتهاكاً للقانون الدولي وسيادة الدولة. وجاء موقف الولاياتالمتحدة على شكل دعوة الى اسرائيل وسورية ل "تجنب القيام بأي عمل قد يؤدي الى تصعيد في حدة التوتر او الى اعمال عدوانية"، وعلى لسان مسؤول اميركي طلب عدم كشف هويته قال ايضاً: "بلغنا صباح اليوم امس ان الحكومة الاسرائيلية هاجمت معسكراً لتدريب ارهابيين في سورية قبل ساعات عدة". واضاف: "اكدنا مراراً للحكومة السورية انها في الموقع الغلط من الحرب على الارهاب وانه يجب عليها ان تتوقف عن ايواء الارهابيين. هذه هي وجهة نظرنا". وكان الطيران الاسرائيلي خرق ليل السبت - الاحد الاجواء السورية للمرة الاولى منذ 30 عاماً، وذلك عشية الاحتفالات بالذكرى الثلاثين لحرب تشرين التحريرية التي خاضتها سورية ومصر بدعم من الدول العربية وحققت نصراً معنوياً ومادياً للعرب. كما ان الغارة هي الخرق الاول لاتفاقية فك الاشتباك في الجولان التي وقعتها سورية واسرائيل في ايار مايو عام 1974. وفيما اعلنت اسرائيل ان العملية استهدفت معسكراً ل"الجهاد"، قالت مصادر رسمية ان "الاعتداء استهدف موقعاً مدنياً" وانه اسفر عن وقوع "اضرار مادية". واكد مسؤول في "الجهاد" ل"الحياة" في لندن عدم وجود معسكرات تدريب او مواقع عسكرية للحركة ضمن الاراضي السورية"، لافتاً الى ان "المكاتب الاعلامية التي كانت قائمة سابقاً اغلقت طوعاً قبل اشهر"، ما يعني ان "الادعاءات الاسرائيلية كلام فارغ وادعاءات باطلة" وان ما قامت به اسرائيل "من عدوان يهدف الى استفزاز سورية". وكانت وزارة الخارجية السورية اصدرت بياناً جاء فيه ان وزير الخارجية فاروق الشرع بعث برسالتين الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان ورئيس مجلس الامن تضمنت ابلاغهما "انتهاك اسرائيل الفاضح للمجالين الجويين اللبناني والسوري، والعدوان على اراضي سورية في تحد سافر للمواثيق والعهود الدولية ولمبادئ القانون الدولي، وفي تصعيد خطير وجديد"، ما استدعى طلب دمشق دعوة مجلس الامن للانعقاد "فوراً للنظر في العدوان الاسرائيلي" و"الاجراءات التي ينبغي ان يتخذها لردع حكومة اسرائيل". وقال ان بلاده "ليست عاجزة عن خلق توازن مقاوم ورادع يلزم اسرائيل اعادة حساباتها"، لكنها اختارت "اقصى درجات ضبط النفس ادراكاً منها ان اسرائيل تسعى الى افتعال الذرائع هنا وهناك لتصدير ازمتها الداخلية الى عموم المنطقة وتعريضها لمزيد من التصعيد والتفجر". وتذرعت اسرائيل بهجوم حيفا لشن الغارة على سورية، إلا أن الوقائع والتصريحات الاسرائيلية تشير الى ان خطط الغارة كانت معدة سلفا وتنتظر الفرصة المناسبة لتنفيذها. وفي هذا السياق، كشف مصدر امني اسرائيلي كبير ان الغارة جاءت تنفيذا لقرار سابق اتخذته الحكومة الامنية المصغرة قبل اكثر من شهر، وان الجيش اعد خطة التنفيذ بانتظار الاوامر. وتوعدت الاوساط السياسية الاسرائيلية سورية والتنظيمات الفلسطينية بهجمات اخرى، معتبرة أن الغارة "جزء من سلسلة اهداف طويلة في اطار سياسة جديدة لن تتقيد بأي مسافة جغرافية". ولاقت الغارة الاسرائيلية على سورية ادانة عربية ودولية واسعة، كان أبرزها موقف فرنسا التي وصفتها بأنها "انتهاك غير مقبول للشرعية الدولية وقوانين السيادة". وفيما اتهمت بريطانيا اسرائيل ضمناً بانتهاك القانون الدولي، اعتبرت المانيا ان الغارة "غير مقبولة لانها تنتهك سيادة دولة ثالثة". وابدت موسكو مخاوفها من توسيع نطاق المواجهة واقحام دول اخرى فيها. ودان الاردن ومصر "الاعتداء الذي يستهدف دولة شقيقة"، في حين دعت الجامعة العربية الى اجتماع طارئ على مستوى المندوبين. واعلن في بيروت ان الرئيس اميل لحود اوعز الى وزارة الخارجية بتقديم شكوى الى مجلس الامن بسبب اختراق طائرات حربية اسرائيلية الاجواء اللبنانية واستهدافها مواقع داخل الاراضي السورية. وفي بيروت ا ف ب اعلن ناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" في لبنان ان الغارة التي شنها الطيران الاسرائيلي ليل السبت - الاحد على اهداف فلسطينية في سورية، اوقعت عدداً من الجرحى في صفوف المدنيين. وقال الناطق باسم ابو رشدي ان "الغارة اسفرت عن سقوط عدد من الجرحى المدنيين". واضاف ان الطيران الاسرائيلي "قصف ما كان مخيماً للجبهة الشعبية - القيادة العامة واقفل قبل اكثر من سنة وتقيم فيه الآن عائلات لاجئين فلسطينيين وعائلات شهداء". وتابع: "هذه رسالة الى سورية لتكف عن دعم المقاومة الفلسطينية والانتفاضة ولكن سورية لن ترضخ". وكان حركة "الجهاد" نفت في تصريحات صحافية ان يكون الموقع الذي استهدفه الاسرائيليون معسكر تدريب لعناصرها. وبث التلفزيون الاسرائيلي صوراً زعم انها التقطت داخل "المعسكر" قبل قصفه، وأظهرت الصور كميات من الاسلحة والقنابل مصفوفة ومرتبة داخل غرفة. وباغتت الغارة الاسرائيلية الجميع، خصوصاً الفلسطينيين الذي كانوا يتوقعون الرد الانتقامي الاسرائيلي في مقر الرئيس ياسر عرفات. وترافقت الغارة مع تقسيم قطاع غزة الى اربعة اقسام تحولت بفعل الحصار الى معازل، وذلك بعد ساعات على قصف صاروخي استهدف منزل احد اعضاء "كتائب القسام" في غزة، ومنزل احد قادة "سرايا القدس" في مخيم البريج، اضافة الى اجتياح جنين وهدم منزلين، احدهما منزل ذوي هنادي جرادات منفذة الهجوم.