عادت للمنبه مكانته. فما أن يرن جرسه حتى تستيقظ عائلات آلاف الطلبة الأردنيين لتحضير الأبناء للذهاب إلى المدارس التي فتحت أبوابها قبل أسبوع من المعتاد في محاولة لرفع معدل أيام الدراسة إلى المعدل العالمي الذي يقدر بپ193 يوماً. ومع شروق شمس يوم التاسع عشر من آب أغسطس تدفق مليون وستمئة ألف طالب وطالبة إلى 5300 مدرسة منها 3200 مدرسة حكومية لتزدحم الشوارع بالطلبة فرادى وجماعات يحملون حقائبهم الفارغة بانتظار استلام كتبهم التي طاول مناهجها التطوير والتحديث لا سيما كتب الثانوية العامة. وهكذا دارت عجلة الذهاب والإياب من المدرسة وإليها, لتزدحم الشوارع بذروتين"صباحية"وأخرى"بعد ظهرية"، تعج خلالهما الطرق بالباصات البرتقالية إلى جانب جماعات الطلاب المشاة بالزي الأزرق والأخضر لطالبات المدارس الحكومية وپ"الكاكي"للذكور إلى جانب ألوان أخرى بات بعضها مؤشراً على المدرسة الخاصة التي يرتادونها. وعاد الجرس ليدق إيذانا بالاصطفاف حيناً وبانتهاء الحصص المدرسية في 55973 شعبة صفية منها 39245 في مدارس حكومية، أحياناً أخرى. وللمدرسة نكهتها وإسقاطاتها الواضحة على مسار حياة العائلات الأردنية التي يقدر متوسط عدد أفرادها بسبعة أشخاص والتي تتشابه سلوكياتها في محاولات ضبط وقت نوم الأبناء، وتحديد ساعة الاستيقاظ، وتوقيت موعد الغداء مع موعد عودتهم من المدارس. وللعودة إلى المدرسة تأثيراتها على أصناف الطعام في المنزل، فمثلاً لا تغيب اللبنة والجبنة والخبز عن ثلاجات عائلات تراعي تغذية أبنائها بطريقة صحية بدلاً من الاعتماد على ما يباع في المقاصف من مواد غذائية لذيذة أكثر منها مفيدة. وكانت وزارة التربية والقوات المسلحة وقعتا اتفاقاً يتم بموجبه ضم نحو 120 ألف طالب وطالبة يدرسون في 765 مدرسة في 18 مديرية تربية إلى مظلة مشروع التغذية المدرسية اعتباراً من منتصف الشهر المقبل. والتغذية المدرسية مشروع أطلق قبل سنتين سعت من خلاله وزارة التربية لتأمين وجبة متكاملة لطلبتها لا سيما في المناطق الأقل حظاً. وللسنة الدراسية دائماً تحضيرات تتناسب وخصوصية الصف الذي سيلتحق به الطالب. وتقول هنادي مصطفى إنها لن تستطيع النوم ليلة الأحد الذي سيشهد دخول طفلها البكر سامر إلى الصف الأول الأساسي. وتروي مدى حماستها ليومه الأول وكيف استعدت له بشراء زيه المدرسي والقرطاسية الزاهية الألوان فضلاً عن شراء خبز خاص لعمل الشطائر، مشيرة إلى أنها قضت الشهر الماضي كله وهي تهيئ سامر للالتحاق بالمدرسة لا سيما أنه متعلق بها جداً. وسامر واحد من نحو 140 ألف طالب وطالبة سيلتحقون في الصف الأول في المدارس الأساسية الحكومية والخاصة. وتعلم هنادي أنها ستواجه مشكلة مع سامر الذي يكره النوم باكراً ولا يطيق الجلوس في المكان نفسه أكثر من دقائق، لكنها تعاملت مع الموقف بتسجيله في مدرسة خاصة تتبع"استراتيجيات حديثة لأقلمة الطفل وتحفيزه على حب التعلم". أما محمد الشرع وهو طالب في الصف الثاني الثانوي فينظر لبدء السنة الدراسية على أنها بداية النهاية لپ"مرحلة مفصلية"في حياته بعد أن قضى إحدى عشر سنة على مقاعد الدرس وها هو يستعد لقطف ثمار مشواره. ولا يخفي محمد خوفه من خوض تجربة التوجيهي على رغم أنه أمضى الصيف في دروس تحضيرية خصوصاً أنه على موعد مع كتب مطورة ستطرح العام الحالي لأول مرة. وبين سامر ومحمد مئات الآلاف من الطلبة الأردنيين الذين سينتظمون في مدارسهم لخوض سنة دراسية جديدة يوقظهم في صباحاته رنين المنبه.