زرت صديقا في مدينة إنجليزية صغيرة تبعد عن «لندن» ساعتين بالقطار، فرافقته لاصطحاب أطفاله من المدرسة إلى البيت! للوهلة الأولى ظننتها مدرسة خاصة من المدارس التي يلتحق بها أطفال علية اللوردات والأثرياء، فقد كانت مباني ومرافق وفصول وساحات وحدائق المدرسة تعكس بيئة دراسية راقية، لكنها في الحقيقة كانت مدرسة حكومية يلتحق بها جميع الطلاب، بمن فيهم أطفال المبتعثين الأجانب بالمجان! أجمل ما في المدرسة المستوى التعليمي المتقدم والاهتمام بالطالب، كأن المدرسة سخرت لفائدته وحده، فهم يتعاملون مع الطلاب بشكل فردي وليس كمجموعات، وهذا يعني أن الإدارة المدرسية والكادر التعليمي على مستوى عالٍ من التأهيل، كما أن برامج الدراسة مدروسة وليست خاضعة لإجهادات وبركة المشرفين والمعلمين! يقول صديقي إن أطفاله يخرجون من المدرسة عند الثالثة عصرا دون أن يكلفوا بأي واجبات منزلية، وعندما استفسر عن ذلك قيل له إن الوقت الذي يقضونه في البيت هو وقت عائلي لا يجب أن يشغل بالواجبات المدرسية التي يتم إنجازها داخل المدرسة وبوسائل مبتكرة تنمي قدرات وآفاق الطلاب الذهنية والعقلية! تذكرت أطفالي هنا عندما يخرجون من المدرسة ثم ينشغلون بواجباتهم المدرسية حتى يحين موعد النوم، وأدركت لماذا أطفالهم يحبون المدرسة وأطفالنا يكرهونها! التغذية قصة أخرى، فالمدرسة الإنجليزية تقدم وجبة ساخنة بأجرة رمزية قدرها 10 ريالات في اليوم، ويستطيع الطفل الحصول عليها مجانا إذا وقع أحد والديه على نموذج صغير يفيد فيه بأنه غير قادر على دفع التكلفة دون أن يحتاج لمصادقة من أحد سوى ضميره! هم يطورون التعليم ويستثمرون في الأطفال على أرض الواقع، ونحن نطور التعليم على صفحات الصحف ونستثمر في الحبر والورق!.