ظلت قيادة الجيش الأميركي في أوروبا حتى العام الماضي تنفذ أكبر اجراءات خفض لقواتها في أي منطقة بالعالم، إلا أن الاحداث الاخيرة التي ترافقت مع إنضمام شبه جزيرة القرم إى روسيا أصبح تركيز وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ينصب على القارة الأوروبية بشكل لم تشهده منذ عقود. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما في وقت سابق من هذا الشهر إنه سيطلب من الكونغرس بليون دولار إضافية لتعزيز التزام واشنطن العسكري في أوروبا. وأعلنت القوات الجوية الأميركية الأسبوع الماضي إرسال طائرتي شبح من طراز "بي - 2" إلى انكلترا إلى جانب طائرتين اخرتين من طراز "بي -52" كانت قد أرسلتهما في وقت سابق من هذا الشهر. والطائرتان من الطراز الرئيسي من قاذفات القنابل النووية الأميركية. وأرسلت واشنطن المزيد من الطائرات الحربية إلى البحر الأسود وبحر البلطيق ومن بينها طراز "اف - 15" و"اف - 16" وأنظمة الانذار المبكر والسيطرة المحمولة جواً (أواكس) للانضمام إلى دوريات مكثفة لحلف شمال الأطلسي قرب المجال الجوي الروسي كما أرسلت قوات للتدريب في ألمانيا وشرق أوروبا. وبعدما استعر القتال في شرق أوكرانيا بين قوات موالية لموسكو وأخرى موالية لكييف تقول واشنطن إن روسيا حشدت أعداداً كبيرة من القوات على الحدود وربما تستعد لارسال دبابات ومدفعية للانفصاليين. وفي ظل اجراءات خفض الميزانية الأميركية وفي وقت يفترض أن ينصب التركيز الاستراتيجي فيه لادارة أوباما على اسيا والشرق الأوسط فإن الموارد محدودة ولا يتوقع أحد أن تعيد الولاياتالمتحدة بناء وجودها الدائم في أوروبا على غرار ما كان عليه الحال أثناء الحرب الباردة. فعلى الرغم من أن المزيد من الامدادات العسكرية سترسل إلى أوروبا فإن الوحدات الأميركية ستنتقل إلى حد كبير بين القواعد الأوروبية الموجودة وغيرها. ورغم تعهد الولاياتالمتحدة بتعزيز القدرات العسكرية لدول قريبة من روسيا لا تنتمي لحلف شمال الأطلسي مثل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا فإن مسؤولين ينفون صدور قرارات بشأن التفاصيل ويقولون إن التركيز الحقيقي ينصب على تعزيز دفاعات الحلف. من جهة ثانية، زادت موسكو من انفاقها الدفاعي منذ عام 2008 بنسبة بلغت 30 في المئة. لكن ميزانية روسيا الدفاعية التي تقدر بنحو 68 بليون دولار سنوياً لا يمكن مقارنتها بنظيرتها الأميركية التي تصل إلى 600 بليون دولار كما أنها أقل من الانفاق العسكري في بريطانياوفرنساوألمانيا معا. ومع ذلك فإن عدد القوات التي يمكن لموسكو تحريكها بسرعة يفوق أي عدد يمكن للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي حشده لكن الخبراء يقولون إن الكثير من المعدات الروسية عفا عليها الزمن. وقبل وقت قصير من ضم روسيا للقرم في اذار (مارس) حركت موسكو نحو 150 ألفاً من جنودها في منطقتها العسكرية الغربية. ويصل قوام القوات الأميركية في أوروبا إلى نحو 67 ألف جندي بينهم عشرة آلاف في قيادة افريقيا ومقرها شتوتغارت في ألمانيا. وبعد قرار ضم القرم نقلت واشنطن 600 من قوات المظلات في لواء بإيطاليا إلى بولندا ودول البلطيق استونيا ولاتفيا وليتوانيا. وقالت واشنطن إنها ستبقي على وجود نحو مئة من أفراد قواتها الخاصة في شرق أوروبا. وفي حالة الطوارئ تعهدت الولاياتالمتحدة منذ وقت طويل بإرسال عدة آلاف من الجنود إلى قوة الرد التابعة لحلف شمال الأطلسي. وترسل الولاياتالمتحدة وحدة أصغر في حجم الكتيبة مرتين في العام لمدة شهرين بهدف إجراء تدريبات في أوروبا. ومنذ مطلع العام تقوم مثل هذه المجموعات بتدريبات في فرنساوألمانيا في إطار شكل من الانتشار ترى الولاياتالمتحدة أنه قد يصبح أكثر شيوعاً.