بعد 125 عاماً على تأسيسها، واشراف عائلة بانكروفت عليها، تم أمس انتقال ملكية شركة "داو جونز وشركاه" الى رجل الاعمال الاسترالي الشهير "روبرت مردوخ" بصفقة بلغت 5.6 بلايين دولار أميركي، في تمهيد لمرحلة جديدة ومثيرة بين عملاقتين تقودهما نيوزكوربوريش. وتدرج الصفقة تحت عنوان"الحداثة"انتصرت على"العراقة". إذ استطاع مردوخ 76 عاماً، بعد أشهر من الأخذ والردّ، اقناع غالبية أفراد عائلة بانكروفت، ورثة مؤسسي شركة"داو جونز وشركاه"يملكون 64.2 في المئة من حصص التصويت فيها، بالموافقة على شراء المجموعة وهي أعرق شركات المعلومات المالية الأميركية والعالمية تأسست في 1882، بمبلغ 5.6 بليون دولار. وتأتي الصفقة بعد شهرين من إعلان اندماج العملاقين"رويترز"أسسها المهاجر الألماني بول جوليوس رويترز في لندن عام 1851 و"تومسون كورب"الكندية في أيار مايو الماضي، وشكلت قيمة اسهمها 17.2 بليون دولار، ليشكلا أكبر شركة معلومات في قطاع الأعمال عالمياً. وبعد عملية التملك، المتوقع اتمامها نهاية السنة الجارية، تكون صفحة جديدة طويت في الملكية العائلية في قطاع النشر الأميركي، فرضتها براغماتية تحول سوق الإعلام وتراجع حصّة هذه الشركات في سوق الإعلانات لمصلحة وسائل إعلام حديثة. وأعلنت"داو جونز"في بيان رسمي أنها وقّعت"اتفاق اندماج نهائي"مع"نيوز كورب"، تدفع بموجبه الأخيرة 60 دولار نقداً لكل سهم من أسهم"داو جونز"العادية وحاملي الأسهم فئة"ب". وعارض بعض أفراد عائلة بانكروفت هذه الصفقة بقوة، في حجة ان"مردوخ سيتدخل في شؤون التحرير في ثاني أكبر صحيفة أميركية،"وول ستريت جورنال"، ويُدخل عليها طابعاً فضائحياً، تتّسم به الصحف التابعة لمجموعته"، كما أفادت صحفية أمس، وكشفت ان بعض أفراد العائلة قدّموا عرضاً لبيل غيتس مؤسس"مايكروسوفت" والمستثمر وورن بافيت، لكن من دون جدوى. وسعت منافستها البريطانية اللدودة،"بيرسون"، ناشرة"فاينانشال تايمز"إلى إتمام دمج من خلال تبادل للأسهم، لكنها أيضاً فشلت. وتعهّد مردوخ في رسالة شكر وجهها إلى عائلة بانكروفت"الحفاظ على هذا الارث الثمين"، معتبراً الشركة"صاحبة أكبر امتياز وحضور إعلامي عالمياً". وأكد ان"بعد دمج أعمال المجموعتين وقاعدة معلوماتهما، تستطيع المجموعة الجديدة المنافسة عالمياً، بواسطة وسائل الطباعة والبث الرقمي، في مختلف أنحاء العالم". إمبراطورية مردوخ ويتربع مردوخ على رأس مجموعة ترفيه متنوعة هي"نيوز كورب"، تنشط في 8 قطاعات في أنحاء العالم البث التلفزيوني والمطبوعات ودور النشر وخدمات الإنترنت، وهي ذات أصول إجمالية تبلغ 62 بليون دولار وإيرادات سنوية تصل إلى 28 بليوناً. وتشمل لائحة ممتلكاتها، شبكة"سكاي نيوز"التلفزيونية و"ماي سبايس"للفيديو الرقمي وصحف"تايمز"و"صانداي تايمز"و"ذي صان"البريطانية والناشر"هاربر كولينز". عراقة"داو جونز" أما"داو جونز"، فأسسها كل من شارل داو وإدوارد جونز وشارل بيرغسترسر في قبو في نيويورك عام 1882، لإصدار نشرات يومية بخط اليد حملت اسم"فليمسيز" وزّعت باليد إلى مشتركين في شارع الأعمال الشهير"وول ستريت". اليوم تملك محفظة واسعة من الشركات والمطبوعات، منها"مؤشرات داو جونز"المالية التي تأسست في عام 1884. وأطلقت"مؤشر داو جونز الصناعي القياسي"الشهير في عام 1896، ولديها حالياً 10 آلاف مؤشر في 59 دولة من ضمنها دول عربية وأصول بقيمة 1.8 تريليون دولار ترتبط بمؤشراتها المالية التي يتابعها المستثمرون حول العالم، ووكالة"داو جونز"للأنباء تؤمن المعلومات المالية ل435 ألف مشترك عالمياً. وأطلقت صحيفة"وول ستريت جورنال"المالية العريقة عام 1889، التي توظّف 1800 شخص في العالم وتطبع 2.6 مليون نسخة ورقية وإلكترونية يومياً، إضافة إلى مجلة"بارونز"المالية الأسبوعية الأميركية ومجلة"فار إيسترن إيكونوميك ريفيو"المالية المختصة بالشرق الأقصى. وعربياً، عقدت وكالة"داو جونز"في تموز يوليو عام 2006شراكة مع شركة"زاويا"، شركة المعلومات المالية لقطاع الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومركزها الرئيسي دبي، إضافة إلى مكاتب ومراكز دعم في لبنان والكويت وماليزيا وسنغافورة. وتقدم معلومات مالية آنية مفصّلة عن 10 آلاف شركة عاملة في الشرق الأوسط ويستفيد من قاعدة معلوماتها 212 ألف مشترك محلياً وعالمياً. وعلق مدير تحرير فرع"زاويا"في بيروت، فادي شاهين، في حديث الى"الحياة"على هذا الاندماج، واعتبر انه"سيكون له أثر إيجابي في عمليات الشركة في الشرق الأوسط، كون المنطقة تشكل فرصة نمو واعدة لشركات الإعلام العالمية". وأضاف ان المنطقة لا زالت في حاجة إلى"استثمارات في الأخبار التحليلية ذات النوعية"، وان الطلب المتوقع على الأخبار المالية من جانب أقسام المجموعة الجديدة، سيعزز نشاط"زاويا"، علماً ان عملية الشراء هذه لن تؤثر في ملكية"زاويا"ونشاطها في المنطقة.