يمكن القول إن سنة 2007 كانت سنة الاندماج في قطاع الإعلام بامتياز. وعلى رغم تراجع حركة الشراء والتملك في ربعها الأخير، بسبب انطلاق بلبلة أزمة سوق القروض العقارية العالية الأخطار في آب أغسطس الماضي من الولاياتالمتحدة إلى معظم أسواق المال والعقار العالمية، سجلت السنة صفقات مهمة عدّة، على رأسها حدثان إعلاميان هامان، يشيران إلى تراجع سوق الإعلام المكتوب والاتجاه إلى دمجه مع وسائل الإعلام الأخرى، بهدف خفض النفقات. ولفت في الأسابيع الأخيرة، دخول مستثمرين خليجيين حكوميين في ملكية مصارف عالمية كبرى، مثل"سيتي غروب"و"يو بي إس"، وهو أمر ما كان ليحصل بهذه السهولة لولا غرق هذه المصارف في وحول القروض العالية الأخطار، وحاجتها إلى التعويض السريع عن خسائر أصولها المشطوبة واستعادة السيولة. الدمج الأول، أعلن في أيار مايو الماضي بين العملاقين الإعلاميين"رويترز"البريطانية العريقة و"تومسون كورب"الكندية، في مقابل 17.2 بليون دولار، لتشكيل أكبر شركة معلومات في قطاع الأعمال عالمياً. وفي آب أغسطس الماضي استطاع رجل الأعمال الأسترالي الشهير، روبرت مردوك، بعد أشهر من الأخذ والرد،ّ ان يقنع غالبية أفراد عائلة بانكروفت، ورثة مؤسسي شركة"داو جونز وشركاه"، بالموافقة على شراء المجموعة التي تعتبر أعرق شركات المعلومات المالية الأميركية والعالمية تأسست في 1882، وتصدر صحيفة"وول ستريت جورنال"، إضافة إلى منشورات أخرى، في صفقة بلغت قيمتها 5.6 بليون دولار. وأعلن مردوخ نيته إتاحة موقع صحيفة"وول ستريت جورنال"مجاناً على الإنترنت في المستقبل القريب. حركة كبيرة في القطاع المصرفي تربّع على عرش العمليات المصرفية صفقة نفذها كونسورتيوم ثلاثي، يتألف من"رويال بنك أوف سكوتلاند"البريطاني و"فورتيس"البلجيكي"وسانتاندر"الإسباني، بشراء مصرف"إي بي إن أمرو"الهولندي في تشرين الأول أكتوبر الماضي، في أكبر عملية شراء في القطاع على الإطلاق، بلغت قيمتها الإجمالية 70 بليون يورو أي 99 بليون دولار، أو ما يوازي الناتج المحلي الإجمالي لمصر، بعد أشهر من التنافس الشرس عليه مع"بنك باركليز"البريطاني. وبدورها، اعلنت مجموعة"سيتي غروب"الأميركية، التي سجلت خسائر مالية ضخمة متأثرة بأزمة القروض العقارية، في الأسابيع الماضية، عن دخول"هيئة أبو ظبي للإستثمار"الحكومية شريكاً فيها، من خلال إصدار خاص لحقوق أسهم، بقيمة 7.5 بليون دولار، لتصبح حصتها 4.9 في المئة من أسهمها. وتلاها مصرف"يو بي إس"السويسري العريق في إعلانه منذ أسابيع دخول شريكين هما"صندوق الاستثمار الحكومي السنغافوري"ومستثمر خليجي على الأرجح جهة حكومية، لم يعلن عن أسمه. وأصدر أسهماً جديدة لزيادة رأسماله بلغت قيمتها 13 بليون فرنك سويسري 11.48 بليون دولار، منها 11 بليون فرنك ل"مؤسسة الاستثمار السنغافورية"التي أصبحت تملك تسعة في المئة من أسهمه وبليوني فرنك لمستثمر من الشرق الأوسط. وفي القطاع الصناعي، أعلنت شركة"داو كيميكال"الاميركية و"شركة الصناعات البتروكيماوية"التابعة ل"مؤسسة البترول الكويتية إقامة مشروع مشترك للبتروكيماويات تبلغ مبيعاته المستهدفة 11 بليون دولار. وستحصل"داو"على 9.5 بليون دولار من"شركة الصناعات البتروكيماوية"التي ستصبح مساهماً في خمس من وحداتها العالمية، تبلغ قيمتها نحو 19 بليون دولار، وستنتجان معاً البولي اثيلين والبولي بروبيلين. وسيكون مقر المشروع المشترك في الولاياتالمتحدة ويوظف اكثر من خمسة آلاف شخص في شتى أنحاء العالم. وفي قطاع التعدين وصناعاته، نشطت محاولات التملك والشراء، وهي ظاهرة متكررة في الفترة الأخيرة، نظراً إلى تعزز الطلب على هذا القطاع الذي تدخل منتجاته في صناعات مختلفة وفي القطاع العقاري. ودخلت مجموعتان متنافستان، هما"بي إتش بي بيليتون"و"ريو تينتو"في صراع، بعد ان تقدّمت الأولى بعرض شراء عدائي من الثانية التي رفضته كان لينتج عنه لو نجح عملاق مناجم وتعدين برأسمال سوقي يفوق 350 بليون دولار. واصبحت"ريو تينتو"محطّ الأنظار بعد شرائها شركة"ألكان"الكندية للألومنيوم، ب 38 بليون دولار، في تموز يوليو الماضي، لتتحول إلى أكبر منتج للألمونيوم عالمياً. وكان أبرز مثال على تراجع سوق صفقات التملّك والشراء، بعد الأزمة المالية العقارية العالمية، تراجع صندوق"دلتا 2"القطري الحكومي بعد أشهر من المفاوضات عن عرضه شراء سلسلة متاجر"سينزبري"البريطانية في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، عازياً السبب إلى"تضافر عوامل ادت إلى تدهور أسواق الإئتمان العالمية". وكانت وكالة"رويترز"نقلت عن صحيفة"ميل"البريطانية في آب الماضي ان مصارف هي"دريسدنر"و"كلينوورت و"سي اس اف بي"و"ايه بي ان امرو" كانت تعهّدت بتقديم قرض ل"دلتا 2"لتمويل جزء من عرض شراء بقيمة 10.4 بليون جنيه استرليني 21 بليون دولار لمجموعة"سينزبري"، قد تتراجع عن عرضها بسبب اضطراب الأسواق المالية. واشتدت المنافسة على صفقات تملك لبورصات عالمية للسنة الثانية على التوالي، ودخلت بورصات عربية في السباق. وكانت شركة"أو إم إكس"للبورصات الاسكندنافية محطّ الأنظار، إذ تنافست"مجموعة قطر القابضة"الحكومية و"بورصة دبي العالمية"على شرائها منذ أيار الماضي. وجرى الاتفاق أخيراً على ان تشتري"بورصة دبي"و"ناسداك"الأميركية"أو إم إكس"، بعد موافقة السلطات المالية السويدية، ب4.9 بليون دولار، على ان تذهب ملكيتها إلى"ناسداك"وتحصل"بورصة دبي"على 20 في المئة من الكيان الجديد الذي يتوقع إتمام شرائه في الربع الأول من العام المقبل. وانسحبت قطر من السباق، واتفقت على مقايضة 10 في المئة من أسهم تملكها في"أو إم إكس"، بحصة 14 في المئة من"بورصة لندن"، تملكها"بورصة دبي".