كشفت مصادر ديبلوماسية أوروبية في بيروت أن القمة التي عقدت أخيراً بين الرئيسين جورج بوش ونيكولا ساركوزي انتهت الى بلورة موقف فرنسي - أميركي موحد من الوضع في لبنان، وقالت ان النتائج ستظهر قريباً من خلال الطريقة التي سيتعاطى بها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير مع ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني في ضوء قراره إيفاد مبعوثه الخاص جان كلود كوسران الى بيروت في الأسبوع المقبل. وسيمهد السفير الفرنسي الجديد لدى لبنان اندريه باران لوصوله من خلال اللقاءات التحضيرية التي باشرها مع الأطراف المحليين. وأكدت المصادر الديبلوماسية نفسها ل"الحياة"ان الموقف الموحد لباريسوواشنطن حيال لبنان شكل نقطة للتلاقي في شأن ضرورة إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها الدستوري بخلاف التباين بين بوش وساركوزي حول عدد من القضايا الساخنة في المنطقة والعالم. وبكلام آخر رأت هذه المصادر ان باريسوواشنطن توافقتا على تحييد موقفهما الموحد من لبنان عن نقاط الاختلاف التي ما زالت قائمة بين العاصمتين حول عدد من القضايا العالقة في المنطقة، مشيرة الى ان امكان مجيء كوشنير الى بيروت يتوقف على ما سيتوصل اليه كوسران في لقاءاته التمهيدية، مؤكدة بأنه قد يبادر الى تأجيل زيارته اذا لمس بأن الاتصالات التحضيرية لم تحقق أي تقدم يستدعي حضوره ليكون شاهداً على وضع اللمسات الأخيرة على توافق اللبنانيين على تسوية، على قاعدة تمرير الاستحقاق الرئاسي بهدوء، كمدخل للتأسيس لمرحلة سياسية جديدة تفتح الباب أمام إيجاد حل، ولو على دفعات، للأزمة الداخلية. واستبعدت المصادر وجود توجه لدى المجموعة الأوروبية لإطلاق مبادرة فرنسية - اسبانية مشتركة باتجاه لبنان، وقالت ان ما أشيع عن هذا الموضوع كان مصدره دمشق وانه جاء في أعقاب زيارة وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس الى سورية التي أكدت بلسان وزير خارجيتها وليد المعلم انها تدعم المبادرة الفرنسية - الاسبانية. وأضافت ان زيارة موراتينوس لدمشق بعد بيروت، لم تأتِ بتكليف من الاتحاد الاوروبي بمقدار ما انها ناجمة عن شعوره بأن لديه القدرة على إقناع القيادة السورية بتعديل موقفها لجهة الدخول في تصحيح لعلاقاتها مع المجتمع الدولي بدءاً من تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان. وتابعت ان موراتينوس، كعادته، أخذ يشيع بأنه لمس استعداداً سورياً للتعاطي بإيجابية مع الساحة اللبنانية، وان كبار المسؤولين السوريين بدأوا يروجون لوجود مبادرة فرنسية - اسبانية كتعويض عن قرار باريس تعليق مجيء كوسران الى دمشق الذي كان مقرراً بعد اجتماع"سان كلو"لأطراف الحوار في لبنان بدعوة من الحكومة الفرنسية، من ناحية، وكبديل عن صرف كوشنير النظر عن زيارته لسورية. ولفتت المصادر الى ان ما يسمى مبادرة فرنسية - اسبانية لا أساس له من الصحة، وقالت ان كوشنير الذي عدل عن زيارة دمشق، اعتبر في المقابل ان في وسعه ان يطل على الأخيرة عبر البوابة الإيرانية في ضوء قرار طهران بتسهيل الاجتماع اللبناني في سان كلو... لكنه فوجئ بأن الأفكار التي طرحها حول امكان عقد لقاء دولي - عربي ? اقليمي من أجل لبنان اصطدمت برفض سعودي - مصري وهذا ما تبلغه وزير الخارجية الفرنسي من نظيريه السعودي الأمير سعود الفيصل والمصري أحمد أبو الغيط، اللذين اعترضا على إشراك طهران في المؤتمر. وأشارت هذه المصادر أيضاً الى ان مدريد تبلغت أخيراً من عدد من الدول الأوروبية بأن تفاؤل موراتينوس إزاء إقناع دمشق بتغيير سلوكها في لبنان ليس في محله، وان كثيرين من نظرائه الأوروبيين كانوا ابلغوه بأنهم ليسوا ضد الانفتاح على سورية، وإنما لا يرون جدوى في تعديل مواقفها، إضافة الى انها في مطلق الأحوال تستفيد من التعاطي الأوروبي معها لتوحي بعدم وجود مشكلة في علاقاتها الأوروبية بخلاف ما يدعيه بعض الأطراف اللبنانيين المناوئين لها. ورأت ان التشدد الأميركي - الفرنسي حيال دمشق سيظهر تباعاً من خلال السفيرين باران وجيفري فيلتمان الموجود حالياً في واشنطن في زيارة عمل يعود بعدها الى بيروت ناقلاً معه الموقف الأميركي من انتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان.