في إطار استمرار الجهود الأوروبية الداعمة لانتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان في الموعد الدستوري، لقطع الطريق على من يراهن على تعثّر تأمين انتقال هادئ للسلطة في هذا البلد، يدرس وزراء خارجية فرنسا برنار كوشنير وإسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس وإيطاليا ماسيمو داليما، التوجه الى بيروت في 19 الشهر الجاري، للمساعدة في إيجاد مخرج سياسي لتمرير الاستحقاق الرئاسي بهدوء، لأن البديل إقحام لبنان في فوضى تجره حتماً الى المجهول. راجع ص7 وعلمت"الحياة"من مصادر وزارية لبنانية رفيعة المستوى ان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أُبلِغ استعداد الوزراء الأوروبيين الثلاثة المجيء الى بيروت، وأن القرار النهائي سيتخذونه في غضون ايام، مؤكدة ان الزيارة ستحصل في موعدها وقبل 23 الشهر الجاري، الموعد المحدد لعقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس جديد للبنان. ولم تستبعد المصادر ذاتها ان تكون زيارة الوزراء الثلاثة على جدول أعمال المحادثات التي سيجريها رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري مع كوشنير الخميس المقبل في باريس، وهو في طريقه من نيويورك الى جدة لتمضية عطلة عيد الفطر مع عائلته، على ان يعود الى بيروت لمعاودة حواره مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وأفادت المصادر ذاتها بأن الاتصال الذي أجراه الحريري ببري بعد اقل من 24 ساعة على خطاب الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله في"يوم القدس"، جاء في محله، وأنه اراد منه طمأنة اللبنانيين الى مواصلة حواره مع رئيس المجلس، وأنه لن تكون هناك تداعيات سلبية للخطاب على الحوار الذي يبقي الآمال معقودة للتوافق على الرئيس. وأكدت المصادر ان مبادرة الحريري الى الاتصال ببري تهدف الى تصويب البحث بين الأكثرية والمعارضة باتجاه آخر، بحثاً عن مخرج توافقي للأزمة، على رغم ان المواقف التي صدرت عن نصر الله عادت توصد الأبواب في وجه التواصل بين بري والحريري، لما ترتب عليها من مزيد من الاحتقان السياسي، مشيرة الى ان تمسك الحريري بالحوار من اجل التوافق على الرئيس، كان بمثابة رد مباشر على التساؤلات التي طُرحت في شأن المواقف التي أعلنها الحريري من واشنطن، لجهة عدم تطرقه الى مسألتي الحوار والتوافق على الاستحقاق الرئاسي. ولفتت الى ان الحريري اراد ان يوجه رسالة للمعارضة من خلال اتصاله ببري، فحواها انه ماض في الحوار ومستعد للحفاظ على الحد الأدنى من التهدئة، لأن ما يهمه الآن ألا ينقطع حبل التواصل، خصوصاً في ضوء ردود فعل عدد من قيادات 14 آذار على خطاب نصر الله. واعتبرت ان اتصال الحريري ببري ساهم الى حد بعيد في تبريد الأجواء، وعدم دفع الأمور باتجاه مزيد من التصعيد السياسي، لا سيما أن ردود الفعل على الخطاب تميزت بتحييد بري عن السجال الذي تجدد بين الأكثرية وقيادات في"حزب الله"، وكأنها ماضية في قرارها الداعي الى الحوار. لكن المصادر ذاتها تستبعد تقدماً على صعيد الاستحقاق الرئاسي، في حال بقيت الأجواء السياسية على حالها، ولم تتبدل لمصلحة الدخول الجدي في البحث عن رئيس توافقي. بالتالي، سيؤدي عدم تبدل الأجواء الى تكرار ما حصل في جلسة الانتخاب الأولى التي دعا إليها بري في 25 أيلول سبتمبر الماضي، خصوصاً ان أوساطاً سياسية متعددة أكدت ل"الحياة"ان الأمور ستبقى على حالها، وأن شيئاً لن يتغير قبل 15 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، أي مع بدء احتساب الأيام العشرة الأخيرة من ولاية الرئيس اميل لحود، والتي سيبقى المجلس النيابي في حال انعقاد الى حين انتخاب الرئيس الجديد. وبالعودة الى الزيارة المرتقبة للوزراء كوشنير وموراتينوس وداليما، والتي يفترض ان تسبقها زيارة خاطفة لبيروت يقوم بها وزير خارجية تركيا علي بابا جان، في إطار الجهود التركية باتجاه سورية، لدعوتها الى ممارسة نفوذها بطريقة ايجابية في الاستحقاق الرئاسي المقبل، لجلب الاستقرار الى لبنان، قالت المصادر الوزارية ان الوزراء الأوروبيين الثلاثة سيلتقون بري والسنيورة وقيادات في الأكثرية والمعارضة. وأضافت ان اهمية زيارتهم بيروت والتي ستتخللها جولة على القوات الدولية في الجنوب، تكمن في أن الوزراء الثلاثة يمثلون الدول الأوروبية الأكثر إسهاماً في"يونيفيل". وتابعت ان جولتهم على الجنوب تهدف الى تأكيد دور القوات الدولية في حفظ السلام جنوب الليطاني، تطبيقاً للقرار 1701، وتأتي في إطار دعم هذا الدور، خصوصاً في ظل المخاوف من عودة الوضع الى وراء بتأثير الارتدادات السلبية، في حال تعذر انتخاب الرئيس في الموعد الدستوري. وأكدت المصادر ان الوزراء الثلاثة سيوجهون من خلال وجودهم في الجنوب، رسالة الى الداخل والخارج، تؤكد ان الاتحاد الأوروبي ملتزم، تطبيق القرار 1701، وأن القوات الدولية باقية في الجنوب بخلاف ما أخذ يشيعه البعض من وجود خطر على دورها ووجودها في آن، بسبب عدم إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده. وأشارت ايضاً الى ان وجود الوزراء الثلاثة في بيروت يشكل رسالة مباشرة الى سورية، يدعونها فيها الى تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية كأساس لمعاودة الحوار الأوروبي ? السوري، اذ من دونه لا يمكن للعلاقة ان تستقيم إذا لم تتراجع. وأكدت المصادر رفض الاتحاد الأوروبي قيام حكومتين في لبنان بديلاً من انتخاب الرئيس، إضافة الى ان حضور الوزراء الثلاثة معاً رسالة أخرى الى دمشق فحواها عدم وجود تباينات في الموقف الأوروبي من الأزمة اللبنانية. الى ذلك، استمرت أمس ردود الفعل على خطاب نصر الله، واعتبر السنيورة في خطاب ألقاه في حفلة إفطار أقامتها جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت غروب أول من أمس، ان"العمل لتبرئة القاتل لا يليق بالالتزام الذي نشترك في حمله، وأملنا خاب بالمواقف من الاغتيالات السياسية والتفجيرات الأمنية، لأنها تتجاهل الشراكة وتتعمد التعطيل وزرع الانقسام". وتطرق السنيورة الى استمرار اعتصام المعارضة في الوسط التجاري لبيروت، وسأل""كيف لا يحزن أحدنا لحزن أخيه ولا يتألم لمصابه ويوغل في الضغط على أهل بيروت، وعلى جميع اللبنانيين من خلال الاستمرار في الاعتصام في وسطها لنحو سنة"، مؤكداً الإصرار على ان يحصل الاستحقاق الرئاسي في موعده.