تأهّبتْ أمس المصارف المركزية في مناطق الثقل المالي في العالم، لتجابه القلق المتزايد في أسواق المال نتيجة أزمة الائتمان العقاري العالي المخاطر في الولاياتالمتحدة، التي على غرار فقاعة المعلوماتية مطلع الألفية الثالثة، تهدّد بانهيار معظم أسواق المال، وتُفقد الأسهم المزيد من قيمها وأرباحها السابقة. وتجاه الضغوط المتأتية من فقدان السيولة، وارتفاع الفائدة بين المصرفية في أميركا إلى 5.85 في المئة قبل أن تعود إلى 5.25 في المئة نتيجة لضخ المركزي الأميركي 35 بليون دولار في السوق، فإن الرئيس جورج بوش ووزير ماله، أبديا قوّة، واعتبرا الاقتصاد الأميركي"متيناً"و"الأسواق تبحث في النهاية عن القطاعات الأساسية في الاقتصاد"و"القطاعات الأساسية في اقتصادنا هي متينة وقويّة"، إضافةً إلى توفير أسواق عمل جديدة ومعدل تضخمٍ منخفض، وأكدا"أن السيولة متوافرة بما يكفي". وفي الواقع، تسابقت المصارف المركزية في العالم لتوفير السيولة للمصارف التي تعاني من فقدانها، ولتحول دون ارتفاع الفائدة بين المصرفية، ما يؤثر في العائد ويحول دون الاستثمار ويخفض أسعار الأسهم. فالأزمة التي ترافقت، قبل أكثر من عام، مع زيادة معدلات الفائدة في أميركا، وأثّرت سلباً في سوق العقارات، بعد أن عرفت هذه السوق إقبالاً كثيفاً من صناديق اشترت سندات ترتكز على قروضٍ عقارية، انحصرت حتى مساء الأربعاء الماضي في أميركا، إذ واجه صندوقا استثمار تابعان لمصرف"وول ستريت ستيرنز"صعوباتٍ، دفعت المستثمرين إلى إدراك أن الانعكاسات ستتجاوز السوق العقارية. لكن بدءاً من صباح الخميس، نقلت الصعوبات التي واجهها مصرف"بي إن بي باريبا"الأزمةَ إلى صميم أوروبا، وكذلك إلى دول العالم. وامتدت ارتدادات الأزمة إلى مناطق أخرى، وتأثّرت مصارف مثل"ماكاري"الأسترالي، والأميركي"بير ستيرنز"والبريطاني"إيتش إس بي سي"والألماني"إي كي بي". وعلى رغم أن البنك المركزي الأوروبي، دفق ما يقارب 95 بليون يورو 2.2 بليون دولار في الأقنية الاقتصادية في منطقة اليورو، فإن شبح الأزمة امتدّ إلى أكبر اقتصادات العالم في آسيا، حيث نوّعت المصارف توجهاتها، فدفق المصرف المركزي الياباني تريليون ين 8.45 بليون دولار لمواجهة القلق المرتبط بأزمة الائتمان العقاري العالي المخاطر. وطمأن أمس، حضور البنك المركزي الأوروبي المستمر، الأسواق الأوروبية، خصوصاً أنه دفق 61.05 مليار يورو إضافية، ما خفّض الفائدة بين المصرفية من 4.7 إثر فقدان السيولة، بعد قرار"باريبا"، إلى أربعة في المئة، وأنعش الأسهم فأمّن لها مظلّة هبوط خفّفت من سرعة انحدارها الحاد. وضخ بنك النروج المركزي مبلغ 45 بليون كرون 7.8 بليون دولار للقطاع المصرفي، فوفر له سيولة كافية. كذلك ضخ بنك إنكلترا والبنك الوطني السويسري أموالاً لطمأنة أسواقهما، وتدخلت ماليزيا وأندونيسيا والفيليبين في الأسواق لدعم عملاتها، فباعت المصارف المركزية فيها الدولار، لأن تصاعد المخاوف في شأن سوق الائتمان ألحق أضراراً بالأصول التي تنطوي على مخاطر. كذلك دفق بنك الاحتياط الأسترالي ضعفي ما كان يضخه يومياً ويوازي 4.19 بليون دولار أميركي. أما في كوريا الجنوبية فاتخذ المصرف المركزي موقف المراقب، فيما أعلن البنك المركزي الكندي أنه يراقب السيولة في الأسواق ويتدخل لدى الحاجة.