تصاعد الجدل في شأن خلافة رأس الكنيسة المصرية البابا شنودة الثالث، خصوصاً مع تراجع وضعه الصحي وعودته قبل أسبوعين من رحلة علاجية هي الثالثة خلال أقل من عام. ففي حين تطالب أطراف في الكنيسة وعلمانيون مسيحيون بتغيير لائحة اختيار البطريرك لاعتماد انتخابات مباشرة بدل نظام القرعة المعمول به حالياً، تصر قيادات كنسية، في مقدمها البابا، على رفض هذه المطالب. وتتجاوز مسألة خلافة شنودة 84 عاماً كونها قضية مسيحية، بسبب الدور الكبير الذي تلعبه الكنيسة في حياة الأقباط سياسياً واجتماعياً واقتصادياً والحضور الطاغي للبابا وشعبيته، إضافة إلى قدرته على إدارة العلاقة مع الدولة في ظل تصاعد الاحتقان الطائفي وظهور تيارات جديدة تمثل تحدياً لسلطته في صفوف رعاياه، أبرزها تكتل العلمانيين الأقباط. وتشترط اللائحة الحالية التي لم يطرأ عليها أي تغير منذ العام 1957، أن يكون المرشح للكرسي البابوي مصرياً قبطياً أرثوذكسياً من بين الرهبان المتبتلين الذين لم يسبق لهم الزواج، سواء كان مطراناً أو أسقفاً أو راهباً وقت ترشحه، وأن يكون بلغ أربعين سنة على الأقل، قضى منها في الرهبنة مدة لا تقل عن 15 عاماً. وتتشكل"هيئة الناخبين"من المطارنة والأساقفة ورؤساء الأديرة ووكلائها وأمنائها وأعضاء المجلس الروحى في القاهرة ووكلاء المطرانيات و24 كاهنا من القاهرة و7 من الاسكندرية، إضافة إلى الوزراء الأقباط الحاليين والسابقين والنواب الأقباط وأعضاء المجلس الملي الحاليين والسابقين، وأصحاب الصحف ورؤساء تحريرها ومحرري الصحف اليومية من الأقباط. وبعد أن يصوت أعضاء الهيئة لاختيار البابا، توضع أسماء المرشحين الثلاثة الحاصلين على أعلى الأصوات في أوراق يختار إحداها طفل معصوب العينين في غرفة مظلمة. وعلى رغم أن شروط الترشح تنطبق على عدد كبير من رجال الدين الأقباط، فإن التكهنات تدور حول عدد محدود من الشخصيات، أبرزها سكرتير المجمع المقدس الأنبا بيشوي وأسقف الشباب الأنبا موسى والسكرتير الشخصي للبابا الأنبا يؤانس، والأسقف العام الأنبا رويس الذي يكلفه البابا دائماً بتفقد كنائس المهجر، والأسقف العام الأنبا بطرس المسؤول عن شؤون المعوقين. وطالب علمانيون أقباط في مؤتمر عقدوه الشهر الماضي بتغيير اللائحة. دعوا إلى عدم قصر حق الترشح على مجتمع الرهبان، مشددين على ضرورة اشتراط حصول المرشح على درجة البكالوريوس من إحدى الجامعات المعتمدة وإجادته اللغة الإنكليزية، واليونانية إن أمكن. وطلبوا منح كل أبرشية الحق في ترشيح ممثل لها لقيادة الكنيسة، والأهم أن يشارك عموم الاقباط في انتخابات حرة مباشرة. لكن الباحث في الشأن القبطي رامي عطا يتوقع أن يتم اختيار خليفة شنودة حسب اللائحة القديمة، خصوصاً أن"المسألة معقدة للغاية". ويوضح أن خليفة البابا"يجب أن يملأ هذا المكان، خصوصاً أن الكنيسة قد تمر بفترة عصيبة". ويشير إلى أن"تولي راهب لأمر الكنيسة بعد انعزاله عن العالم يجعل هناك تحفظات عن قيامه بمهمة أساسها الانفتاح على العالم". ورجح أن يكون خليفة شنودة من الأساقفة العامين، نظراً إلى أنهم"معروفون على الساحة وعلاقتهم مباشرة بالدولة، إضافة إلى انخراطهم مع شعب الكنيسة". ويرى أن الأنبا موسى 69 عاماً يتصدر المرشحين لخلافة البابا،"فحضوره القوي وشعبيته الجارفة بين الشباب تجعلانه مرشحاً قوياً. فهو وجه محبوب من الإعلام وعلاقته جيدة جداً مع الدولة". وفي المقابل، يشير عطا إلى صعوبة اختيار الأنبا بيشوي، على رغم أنه"رجل الكنيسة القوي". ويعزو هذا إلى"كبر سنه واقترابه من العقد التاسع، في وقت تحتاج الكنيسة إلى تجديد شبابها وشيء من الاستقرار، كما أن بعضهم يرى أن الأنبا بيشوي متشدد". ويلفت إلى وجود مرشحين آخرين تتساوى فرص معظهم، مثل الأنبا يؤانس القريب من البابا شنودة، وهو من أصغر المرشحين المعروفين، والأنبا يوحنا والأنبا رويس، وكلاهما أسقف عام، إضافة إلى"عدد من الوجوه غير المعروفة إعلامياً مثل الأنبا مكاريوس، وهو مساعد لمطران المنيا، والأنبا اسطفانوس أحد مطارنة بني سويف الشبان ذوي الشعبية، وأسقف حلوان والمعصرة الأنبا بيسنتي الذي عمل لعقود سكرتيراً للبابا ويتمتع بعلاقات طيبة مع أجهزة الدولة".