توفى شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مساء اليوم السبت، عن عمر يناهز ال89 عاما، بعد صراع مع المرض الشديد. وأعلن المقر البابوي حالة الحداد لرحيل شنودة واتخاذ إجراءات ومراسم الدفن التى ستبدأ عقب الانتهاء من الترتيبات الرسمية، ووصول أساقفة وبطاركة الكنيسة والأبرشيات فى بلاد المهجر. وعبرت الكنيسة المصرية عن حزنها للشعب القبطي وللمصريين برحيل شنودة الثالث الذي وصفته بأنه "بطريرك من أعظم بطاركة الكنيسة". وفي وقت سابق، قالت تقارير صحافية مصرية إن شنودة الثالث -بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية- مصاب بسرطان الرئة وإن الأطباء الأمريكيين رفضوا أن يستمر هناك؛ لأن جسده غير مستجيب للأدوية؛ مما استدعى عودته بعد أسبوعين من العلاج بدلا من بقائه لاستكمال العلاج لمدة شهر. ونقلت مجلة المصور أمس عن مصادر طبية مقربة من بابا الأقباط أن السرطان يزيد من آلام الفشل الكُلوي بشدة؛ مما يضطر شنودة لغسيل الكلى 3 مرات أسبوعيا بدلا من مرتين، بالإضافة إلى معاناته من آلام شديدة في العمود الفقري. وأضافت المصادر أنه خلال الأيام الأخيرة ظهرت الآلام في بعض الفقرات ودخل شنودة الثالث على إثرها أحد المستشفيات للحقن بالكولاجين لإزالة الخشونة؛ وقد أصيب بابا الأقباط مؤخرا بغيبوبة قصيرة عدة مرات. وإزاء هذه التطورات، كشفت المصادر أن الأنبا يؤنس سكرتير بابا الأقباط قام بتشكيل لجنة من بعض الكهنة والعلمانيين في سرية شديدة لصياغة لائحة جديدة لاختيار "البابا" المقبل تفتح التصويت أمام أكبر عدد من الأقباط للمشاركة في عملية الاختيار. وقد أعرب مفكرون وقساوسة أقباط عن توقعاتهم بأن تنحصر خلافته بين شخصيتي الأنبا بيشوي أسقف كفر الشيخ ودمياط، والأنبا باخوميس أسقف البحيرة. وقال القس "عبد المسيح" بسيط راعي كنيسة العذراء بمسطرد: إن خلافة البابا تنحصر الآن في شخصين اثنين فقط هما الأنبا بيشوي أسقف كفر الشيخ ودمياط والأنبا باخوميس أسقف البحيرة، وكان من المفترض أن يكون الأنبا ميخائيل أسقف أسيوط ضمن المرشحين للمنافسة على منصب البابا، إلا أن ظروفه الصحية السيئة تمنعه من الترشح للمنصب، حسبما نقلت المصريون. ورأى بسيط أن أسهم الأنبا بيشوي هي الأعلى بين جموع الأقباط، نظرًا لما يتمتع به من مواصفات تقتضيها المرحلة المقبلة للأقباط، لأنه الآن هو المعبر الرئيس عما أسماه المعاناة التي يعاني منها "مسيحيو" الكنيسة الأرثوذكسية، كما أنه عليم بشئون الكنيسة، نظرًا لمنصبه الذي يتقلده وهو سكرتير المجمع المقدس، ويحظى بثقة ورضى جميع الأقباط في الداخل والخارج. واتفق معه بولس رمزي في أن الأنبا بيشوي هو الأوفر حظًّا في الفوز بمنصب البابا، وقال: إن كل المؤشرات عن خليفة البابا تتجه إلى الأنبا بيشوي، نظرًا لما يتمتع به هذا الشخص من حضور لدى الأقباط، وكذلك أقباط المهجر باعتباره رجل المرحلة القادمة، لأنه يحمل فكرًا متشددًا تجاه المسلمين، وهو صاحب مقولة: إن المسلمين في مصر ضيوف على الأقباط، وبما أن النزعة التشددية للأقباط في هذه الأيام أصبحت هي المسيطرة، فإن الأنبا بيشوي يعد بلا منازع هو رجل المرحلة القادمة. في المقابل، قال جمال أسعد - المستشار السياسي للبابا سابقًا -: إن اللائحة الانتخابية للبابا هي التي تحدد من هو الذي يتولى منصب البابا، وإن هذه اللائحة تفرض نظامًا شفافًا يحول دون التكهن مسبقًا بمن سيأتي خليفة للبابا، حيث تنص على أن يقوم مجموعة من المطارنة، بالنظر أولاً في مواصفات المرشحين، وما إذا كانوا مطابقين للمعايير التي تفرضها اللائحة في مواصفات الذي يرأس الكرسي البابوي، ثم يتم اختيار ثلاثة مرشحين فقط، بعدها يُجرى انتخاب آخر لهم على مرأى ومسمع الجميع، وبالتالي فإن تحديد خليفة البابا الآن أمر صعب جدًّا. بينما أكد كمال زاخر - زعيم التيار العلماني في الكنيسة - أنه تمت المطالبة منذ عام 2006 بتعديل اللائحة الكنسية بما فيها طريقة انتخاب البابا، وقال: إنه تمت أيضًا المطالبة بأن يكون للبابا نائب، إلا أن مطالبنا هذه لم تلق قبولاً داخل الكنيسة، كما أنها لم تلق أيضًا تأييدًا من قبل الشعب "المسيحي" الأرثوذكسي، نظرًا لتحكم القساوسة والأساقفة في فكرهم وآراءهم الشخصية. واستبعد زاخر أن يطرأ أي جديد على لائحة انتخاب البابا في الأيام القادمة لأن القائمين على قيادة الكنيسة ليست لديهم النية في ذلك، كما أنهم يرتضون هذه اللائحة، ليس الآن فقط وإنما أيضًا في الأيام القادمة ما لم يستجد أي جديد في الكنيسة.