حمل الرئيس البلغاري جورجي برفانوف على ليبيا بعنف، بعد ساعات من وصول الممرضات والطبيب المتهمين بنقل فيروس الايدز لمئات الأطفال الليبيين إلى صوفيا صباح أمس. واتهم القضاء الليبي بتجاهل الأدلة القانونية والعلمية التي تؤكد براءة المتهمين، مندداً ب"الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان التي تعرضوا لها". وتجمهر مئات في مطار صوفيا لاستقبال الممرضات الخمس والطبيب الفلسطيني الذي منحته بلغاريا جنسيتها، بعدما وافقت ليبيا على تسليمهم في مقابل اتفاق تعاون مع الاتحاد الأوروبي. وأصدر برفانوف عفواً عن الستة لدى وصولهم"لأنني كنت متأكداً من براءتهم، وان القرار الوحيد العادل للمحكمة كان تبرئتهم". وكان المسؤولون البلغار اعتمدوا لهجة ديبلوماسية لعدم تعريض فرص إطلاق سراح المتهمين للخطر. لكن الرئيس قال في تصريح إذاعي وتلفزيوني إن"المحاكم الليبية لم تأخذ في الاعتبار أدلة لا تُدحض، علمية وقانونية، على براءة المعالجين، كما أن الانتهاكات السافرة لحقوق الانسان التي تعرض لها مواطنونا لم تؤخذ في الاعتبار". وأشار إلى أن"الحوار مع السلطات الليبية كان شديد الصعوبة ومؤلماً أحياناً"، مشيداً ب"لباقة وحزم"الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وقرينته سيسيليا ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ومفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد بينيتا فيريرو فالدنر. ووصل الستة على متن طائرة فرنسية برفقة زوجة الرئيس الفرنسي والمفوضة الأوروبية. واستقبلتهم عائلاتهم على مدرج الطائرات. وقالت الممرضة سنيغانا ديميتروفا وسط حرارة البكاء والعناق:"لا أعرف ماذا أقول. عشت من أجل هذه اللحظة". وأضافت زميلتها كريستيانا فلتشيفا:"أعرف أنني أصبحت حرة وأعرف أنني على التراب البلغاري، لكنني مازلت غير مصدقة". وكانت فالدنر سافرت إلى طرابلس مع سيدة فرنسا الأولى للمساعدة في الافراج عن الستة، وتوجهتا معهم إلى صوفيا قبل أن تغادراها مساء أمس. واحتجزت ليبيا في العام 1999 الطبيب الفلسطيني و19 بلغارياً يعملون في مستشفى بنغازي للأطفال، قبل أن تحاكم ستة منهم بتهمة نقل الفيروس المسبب لمرض الايدز إلى مئات الأطفال الليبيين. واطلقت سراح طبيب بلغاري في أيار مايو 2004، عندما حكمت على الممرضات الخمس والطبيب الفلسطيني بالإعدام. وقال خبراء أجانب خلال المحاكمة إن الإصابة بدأت قبل أن يصل المتهمون إلى المستشفى، ورجحوا أن تكون بسبب الإهمال. وسيبقى المتهمون الستة الذين بدوا في حال صحية جيدة مع أفراد أسرهم، في مقر الرئاسة على مشارف صوفيا حيث ستجرى لهم فحوص طبية. وقالت الممرضة فالنتينا سيروبولو للإذاعة البلغارية:"قضينا أوقاتاً صعبة جداً جداً. كنا على شفا الموت، وتدريجياً يتعين علينا العودة للحياة العادية، وسيكون ذلك صعباً". وأعلنت بلدية صوفيا أمس منح نيكولا وسيسيليا ساركوزي وفالدنر لقب مواطنين فخريين للدور الذي لعبوه في مفاوضات الإفراج عن البلغار الستة. وغادرت فالدنر وساركوزي بلغاريا على متن الطائرة الحكومية الفرنسية التي أعادت الممرضات والطبيب. وقالت فالدنر:"إننا مسرورتان لوجودنا هنا اليوم. إنه يوم سعيد، يوم فرح. قرار الحكومة الليبية إنساني، وكان هو القرار المناسب ونتج عن مجهود جماعي بذله جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي، خصوصاً فرنسا". وفي لاهاي، أعلنت محامية الطبيب الفلسطيني الأصل أشرف جمعة الحجوج أنه سيصل الجمعة إلى هولندا حيث لجأت عائلته قبل ثلاثة أعوام. وقالت ليزبيت زغفلد:"لا نتوقع أن نواجه أدنى مشكلة، وثمة تأشيرة دخول في انتظاره". وتمكنت عائلة الطبيب من الهجرة إلى هولندا عبر المفوضية العليا للاجئين في الأممالمتحدة. ويقيم والداه وأربعة من أشقائه في فوردن في وسط البلاد. وأكدت الحكومة الهولندية أنها ستمنحه حق اللجوء، غير أن ذلك لم يعد ضروريا بعد حصوله على الجنسية البلغارية.