على رغم أن معظم قادة "المحاكم الإسلامية" التي سيطرت على قسم كبير من جنوبالصومال العام الماضي قبل أن تهزمها القوات الحكومية والإثيوبية، فر إلى دول مجاورة، فإن مراقبين يؤكدون أنهم يسعون إلى حشد طاقاتهم لعرقلة أي مصالحة في بلادهم تستثنيهم من العملية السياسية. ويعيش قادة"المحاكم"الذين هزموا مطلع العام ويقاطعون مؤتمر المصالحة الوطنية المنعقد في مقديشو، موزعين بين دول شرق أفريقيا وبعض الدول العربية، فيما لا يزال بعضهم يقاتل على الأرض. ويؤكد الباحث في مركز الدراسات والأبحاث الدولية في باريس رولان مارشال أن تسلسل القيادة في صفوف الإسلاميين"لم يعد موجوداً". غير أن فصيلاً من"المحاكم"يسعى إلى تعزيز وجوده السياسي، يقوده زعيم الحركة السابق الشيخ شريف شيخ أحمد الذي ينظر إليه باعتباره وجهاً معتدلاً. واختار عشرات النواب والوزراء السابقين الملتفين حوله اللجوء إلى العاصمة الاريترية أسمرا حيث"يسعون إلى ترسيخ وجودهم سياسياً"، بحسب مارشال. وأوضح أن هذه المجموعة من"الكوادر المتوسطة والعليا في المحاكم"قررت تنظيم"مؤتمر"مطلع أيلول سبتمبر المقبل في اريتريا بهدف"تحرير الصومال من نير الاحتلال الإثيوبي"، رداً على مؤتمر المصالحة الوطنية الذي استؤنف منتصف هذا الشهر في غياب الإسلاميين. ويعيش شيخ أحمد في منزل كبير في أسمرا، فيما يقيم النواب السابقون مجاناً في فندقين تابعين للدولة، حيث يمضون أوقاتهم يتحدثون وهم يتناولون الشاي ويشاهدون أفلاماً، بحسب مراسل لوكالة"فرانس برس". وأفادت مصادر متطابقة أن زعيم"المحاكم"الشيخ حسن ضاهر عويس الذي تلاحقه الولاياتالمتحدة وتعتبره"إرهابيا"موجود هو الآخر في أسمرا. ولم يأت اختيار أسمرا صدفة على ما يبدو، فحسب تقرير للأمم المتحدة نشرته أواخر العام الماضي، قدمت اريتريا دعماً عسكرياً إلى"المحاكم". ويُفسر هذا الدعم جزئياً بالعلاقات المتوترة جداً بين إثيوبيا واريتريا منذ حربهما الحدودية بين العامين 1998 و2000. ولفت مارشال إلى أن عدداً آخر من كبار مسؤولي"المحاكم"موجود في إثيوبيا، وتحديداً في منطقة أوغادين الحدودية مع الصومال، وتراودهم فكرة"تحرير إثيوبيا"التي"اجتاحت"الصومال برأيهم، وبينهم آدم هاشي عيرو القيادي البارز في"حركة الشباب المجاهدين"، وهي الجناح الأكثر تطرفاً في الحركة الإسلامية الصومالية وأعلنت مسؤوليتها عن غالبية الهجمات منذ هزيمة"المحاكم". ويقيم عدد آخر من قادة"المحاكم"السابقين في المملكة العربية السعودية واليمن وقطر، فيما بقي آخرون في الصومال حيث يقوم الناشطون الإسلاميون منذ سبعة أشهر بهجمات دامية تستهدف القوات الأمنية والجيش الاثيوبي وقوة السلام الأفريقية، كما تسفر عن سقوط ضحايا مدنيين.