نفذت روسيا تهديدها بتجميد العمل بمعاهدة الحد من الاسلحة التقليدية في اوروبا، الامر الذي اعتبره الحلف الاطلسي"مخيبا للآمال". وقال الناطق باسم الحلف في بروكسيل جيمس ابارتوراي:"انه اجراء مخيب للآمال. انه يشكل خطوة الى الوراء لأن هذه المعاهدة تعد بالنسبة للحلفاء في الحلف الاطلسي أساساً مهماً للأمن والاستقرار في أوروبا". أعرب مسؤولون في الحلف عن القلق، معتبرين ان الخطوة تؤدي الى وضع جديد في اوروبا ينذر بتصعيد المواجهة، خصوصا ان المعاهدة تعد"الحجر الاساس للاستقرار في القارة الاوروبية". وأعلن الكرملين امس ان الرئيس فلاديمير بوتين وقع على مرسوم رئاسي يقضي بتجميد بلاده العمل بمعاهدة العام 1990 بين حلفي وارسو والاطلسي، والتي تنظم الوجود العسكري التقليدي في اوروبا وتضع قيوداً على نشر السلاح والقطعات العسكرية في القارة لضمان"توازن القوى". ولفت المرسوم الرئاسي الروسي الى ان اتخاذ القرار اقتضته"ظروف استثنائية"، أي انه لا يشكل تراجعاً عن كل التزامات روسيا في هذا المجال، موضحاً ان الظروف المقصودة هي المتغيرات في الساحة الاوروبية التي باتت"تشكل خطراً على الامن القومي الروسي وتستدعي تدابير عاجلة واستثنائية". علماً ان الخطوة الروسية تدخل حيز التنفيذ، بحسب المرسوم، بعد مرور 150 يوماً على ابلاغ الدول الاعضاء في المعاهدة، بدءاً من يوم امس. وكانت موسكو حذرت الحلف الغربي في وقت سابق من احتمال تجميد عملها بالمعاهدة في حال لم تقم"كل البلدان المنضمة الى الحلف بالمصادقة عليها". في حين عزا الاطلسي هذا الأمر الى عدم التزام روسيا تنفيذ مقررات اجتماع اسطنبول العام 1999، والتي تنص على سحب القواعد العسكرية الروسية من جورجيا ومولدافيا، وهي قواعد احتفظت بها موسكو بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وأبلغ خبير عسكري روسي"الحياة"ان مسألة توقيع مرسوم الانسحاب من المعاهدة بدت"مسألة وقت"بعد فشل مؤتمر فيينا الشهر الماضي في تقريب وجهات النظر بين موسكو والحلف الاطلسي لأن"الغرب رفض الاستماع الى وجهات النظر الروسية والقيام بخطوات ملموسة لتقليص قلق موسكو حيال نشاط الحلف المتوسع في اوروبا". وردت موسكو آنذاك بمنع وفدين عسكريين من النمسا وبلغاريا من زيارة منشآت عسكرية روسية، ما اعتبر الخطوة الاولى للتراجع عن التزام المعاهدة. وبعد ايام، قررت موسكو تعليق زيارات مفتشي حلف الاطلسي في الأراضي الروسية. ويقتضي قرار تجميد عضوية روسيا او الانسحاب من المعاهدة إصدار قانون من الهيئة الاشتراعية الروسية. ولذلك وجه نائب رئيس البرلمان دعوة الى قطع الاجازة الصيفية لمجلس الدوما، وعقد جلسة طارئة هدفها اقرار المرسوم بقانون. من جهتها، أعلنت الخارجية الروسية التي كلفها بوتين بمواصلة العمل لإبلاغ دول المعاهدة القرار الروسي ان الانسحاب يعد"قرارا لا سابق له منذ انهيار الاتحاد السوفياتي"، واعترفت بأنه"استدعى دراسة معمقة، وتحليل طويل وعميق للموقف". واعتبر البيان ان المعاهدة بشكلها الراهن"عفا عليها الزمان"، اذ انطلقت من وجود حلفين عسكريين. أما الآن فانتهى وجود احدهما وانتقل حلفاء الاتحاد السوفياتي الى المعسكر الآخر. وظلت المعاهدة على حالها من دون مراعاة هذه المتغيرات الحادة. واعتبرت الخارجية ان البنود التي تحد من نشر القوات الروسية داخل روسيا تقيد العمل على محاربة الارهاب. لكنها اعتبرت ان القرار"لا يعني اغلاق الباب امام مواصلة الحوار"، داعية الاطلسي الى القيام بخطوات ايجابية من أجل العودة الى التفاوض حول هذا الملف.