انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشدة الولاياتالمتحدة من دون أن يسميها مباشرة في خطابه السنوي الأخير أمام مجلسي النواب، باعتبار أن الخطاب المقبل سيلقيه خليفته في السلطة. وأعلن تجميد العمل بمعاهدة تقليص السلاح التقليدي في أوروبا"حتى التزام الحلف الأطلسي ناتو بتنفيذها"، مهدداً بالانسحاب من المعاهدة، فيما أكد أن رئيساً جديداً سيحكم روسيا بدءاَ من الربيع المقبل"لكن من السابق لأوانه إعلان وصيتي السياسية". واختلفت لهجة الخطاب الثامن والأخير الذي ألقاه بوتين أمام المشرعين الروس عن الأعوام الماضية. وركز مرات على نجاح روسيا في استعادة عافيتها السياسية والاقتصادية،"ما جعلها تملك أحد الاقتصادات العشر الكبرى في العالم"، داعياً الى التعامل مع بلاده على أساس المصالح المشتركة وفي شكل متكافئ بعيداً عن الحسابات الإيديولوجية المستمدة من الماضي. واستهل الرئيس الروسي كلمته بدعوة الحاضرين الى الوقوف دقيقة صمت حداداً على الرئيس السابق بوريس يلتسن مشيداً بالدور الذي اضطلع به الأخير في انتقال روسيا الى مرحلة جديدة، ثم تحدث عن"التركة الثقيلة وصعوبات المرحلة الانتقالية"، وقال إن"البلاد تجاوزت خلال السنوات الأخيرة اصعب أزماتها وحققت إنجازات كبيرة على صعيد مضاعفة دخل الفرد وتقليص معدلات الفقر"، معتبراً أن الانتخابات الاشتراعية المقررة نهاية السنة"ستختبر مدى دعم المواطنين للنهج الحالي والانجازات على مختلف المستويات". وفيما أشار الى أن تجاوز روسيا أزماتها والانتقال الى مرحلة التطور والبناء"لم يرق لأطراف تسعى الى إعادتنا الى الوراء"، قال من دون أن يسمي الولاياتالمتحدة إن"البعض يستخدم عبارات ديموقراطية بهدف إرجاعنا إلى الماضي القريب الذي شهد نهب ثرواتنا من دون عقاب وسرقة الناس والدولة وحرماننا من استقلالنا الاقتصادي والسياسي"، محذراً من"التدخل الأجنبي"في شؤون روسيا عبر"أموال خارجية". وقارن بوتين بين الوضع الحالي في العالم والعهود الاستعمارية التي رفعت شعار التنوير، منتقداً محاولة طرف فرض رؤيته الأحادية على العالم"بحثاً عن مصالحه الخاصة". وفي خطوة مفاجئة، أعلن بوتين تجميد العمل بمعاهدة تقليص السلاح التقليدي في أوروبا والموقعة بين حلفي وارسو والأطلسي عام 1990. وقال إن"الحلف الشرقي زال فيما بقيت المعاهدة التي التزمت روسيا بها حرفياً وصادقت عليها هيئتها الاشتراعية بخلاف برلمانات الحلف الغربي التي لم تنفذ أياً من فقراتها"، مضيفاً أن ذلك"انشأ وضعاً شاذاً حرم روسيا من حق نشر قواتها على أراضيها خصوصاً في المناطق الغربية، في وقت يواصل آخرون نشر قواتهم حولنا ويسعون الى تحقيق تفوق، كما يعتزمون نشر درع صاروخية على حدودنا". وأكد ضرورة انتقال الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي من الأقوال الى الأفعال واثبات استعدادهم العملي، محذراً من ان موسكو ستدرس الانسحاب نهائياً من المعاهدة إذا لم تلمس تقدماً على هذا الصعيد". وفي رسالة قوية الى أوروبا، رأى بوتين أن مشكلة نشر الدرع الصاروخية الأميركية ليست روسية - أميركية،"بل أوروبية بالدرجة الأولى، ويجب أن تناقش داخل المفوضية الأوروبية التي يجب أن تمتنع عن تركيز جهدها في البحث عن السلبيات في القضاء السوفياتي السابق". داخلياً، أطلق بوتين ورشة عمل"استراتيجية" داعياً النواب والسلطات التنفيذية الى بدء خطوات ملموسة لتنفيذ برامج تحديث البنى التحتية الصناعية وطرق المواصلات وصناعات الطيران والسفن والكهرباء والطاقة النووية للاستخدامات العسكرية والمدنية. وقال إن"عبور سلعنا عبر موانيء أجنبية غير مقبول"، داعياً الى خفض الضرائب في عدد من الموانئ. وكشف احتمال بناء شركات دولية قنوات جديدة الى جانب مسار فولغا- دون لتسهيل الشحن من بحر قزوين، وربط دول مثل كازاخستان بالأسواق العالمية. وتعهد بوتين التزام موسكو بمشروع إصلاح قطاع الطاقة الذي يكلف 460 بليون دولار، والمقرر أن يزيد طاقة التوليد بمقدار الثلثين بحلول عام 2020. واعتبر بوتين أن المرحلة الجديدة ستشكل استمراراً لمرحلة النهوض التي بدأت بتحقيق قفزة اقتصادية وفرت لروسيا إمكانات هائلة. وتمسك بتعزيز قدرات المؤسسة العسكرية.