أعلن محامي الجماعات الإسلامية في مصر منتصر الزيات، في موقف مفاجئ أمس، أنه يسعى إلى تأسيس حزب يضم أعضاء من"الجماعة الإسلامية"التي أعلنت نبذها للعنف في مبادرة سلمية قبل 10 أعوام، إضافة إلى أعضاء من تنظيم"الجهاد"الذي يسعى هو الآخر إلى إقرار مبادرة مماثلة لنبذ العنف. لكن منظّر"الجماعة الإسلامية"الدكتور ناجح إبراهيم قال ل"الحياة"في اتصال هاتفي"إننا في الجماعة لا نعلم أي شيء عن الحزب وليست لدينا أي معلومات عنه". وتابع قائلاً إن الجماعة"لن تنضم إلى أي حزب سياسي قبل أن تقرأ برنامجه جيداً، كما أن مسألة المشاركة السياسية ما زالت موضع بحث". وقال الزيات في كلمة أمام ندوة نظمها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة إنه ينوي التقدم بأوراق حزب سياسي تحت اسم"حزب الاتحاد من أجل الحرية". وأضاف أن"الجماعة الإسلامية"، بعد 10 سنوات من مبادرتها، وصلت إلى"آخر الطريق"، مشيراً إلى أن الجماعات الإسلامية عليها أن تثبت للعالم أن"المراجعات"التي قامت بها وخلصت بنتيجتها الى تغيير منهجها السابق الذي يعتمد العنف، صدرت عن إرادة حرة، في إشارة إلى مزاعم أن"المراجعات"أعدها سجناء الجماعات في السجون المصرية. وتعد تجربة الزيات في إنشاء حزب الثالثة للإسلاميين بعد محاولات لإنشاء"حزب الإصلاح"ثم"حزب الشريعة". وكان المحامي ممدوح إسماعيل المعتقل حالياً على خلفية رفضه مبادرة وقف العنف التي يستعد تنظيم الجهاد لإقرارها تقدم في العام 1999 بطلب إلى لجنة الأحزاب لإنشاء حزب باسم حزب"الشريعة". ورفضت اللجنة طلبه فأقام دعوى عام 2001 أمام محكمة الأحزاب التي أصدرت قرارها بعد ثلاث سنوات من التداول برفض الحزب. وتضم قائمة مؤسسي الحزب أكثر من خمسين من الإسلاميين، بعضهم كان قد اتُّهِم بالانتماء إلى تنظيم"الجهاد". كما أن المرجعية الإسلامية كانت أساساً أيضا لحزب"الوسط"الذي يسعى مؤسسوه منذ 11 عاماً للحصول على رخصة شرعية. وقال الزيات في تصريحات إلى"الحياة"على هامش أعمال الندوة، إنه يفكّر في تأسيس الحزب منذ ستة شهور، مشيراً إلى أنه سيكشف خلال شهر تفاصيل برنامجه. لكنه أكد أن الحزب لا يعبّر عن"الجماعة"أو تنظيم"الجهاد"، معتبراً أن"الشخصيات التنظيمية"هي سبب فشل المشاريع الحزبية في مصر. وسألته"الحياة"عن مغزى الإعلان عن حزبه بالتزامن مع مرور 10 سنوات على مبادرة"الجماعة الإسلامية"لوقف العنف، فأكد الزيات أنه"بعد مرور تلك الفترة واكتمال الرؤى، كان لا بد من الانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق"، مشيراً إلى أن مبادرات الإسلاميين"تفقد صدقيتها من دون دور سياسي". وقال:"بعد استقرار كل الفصائل على نبذ العنف كان لا بد من التحول من الجهاد المسلح إلى الجهاد السياسي"، مشيراً إلى أن الرأي العام"يجب أن يقتنع أن لنا رأياً في الأمور ولنا مواقفنا سواء كانت مؤيدة للحكم أو غير مؤيدة له". ورداً على سؤال حول كلام الصحافي مكرم محمد أحمد بأن"الجماعة الإسلامية"عقدت صفقة مع السلطات وتقرر الإفراج عن أعضائها المسجونين على أن يتركوا العمل بالسياسة، أجاب الزيات أن"المبادرة كانت واضحة وصريحة ومقتصرة على نبذ العنف، وهو ما التزمنا به، لكن مسألة العمل السياسي أمر آخر وحق مكفول للجميع". وسألته"الحياة"عما إذا كانت المرجعية الإسلامية ستؤثر على قبول طلب تأسيس الحزب نظراً إلى التعديلات الدستورية ومسألة حظر النشاط السياسي على أساس ديني، فأجاب بأن المرجعية الإسلامية مفترضة في الدستور وحتى في قانون إنشاء الأحزاب السياسية، إذ يفترض على الأحزاب عدم مخالفة الشريعة الإسلامية. ورداً على سؤال عن إمكان استخدام هذا التيار الإسلامي المعبّر عنه في الحزب الجديد لضرب"الإخوان المسلمين"بموجب"صفقة"مع الحكم المصري لإزاحة"الإخوان"عن اللعبة السياسية، أكد الزيات أنه ومن معه في الحزب الجديد"لن يعقدوا صفقات مع أحد ولن يقبلوا أن يكونوا أداة في يد الحكم"، مشيراً إلى أن"الإخوان"ليسوا حزباً حتى يكون الحزب الجديد منافساً لهم و"إنما هم يرغبون في أن يظلوا جماعة ولهم الحق في ذلك... ولو أن جماعة الإخوان أعلنت عن حزب سياسي لكنت دخلت فيه وشاركت فيه". ونظم مركز الدراسات السياسة والاستراتيجية أمس ندوة حول"المراجعات من الجماعة الإسلامية إلى تنظيم الجهاد"ركزت على مناقشة الفرق بين المراجعات داخل"الجماعة الإسلامية"والمراجعات التي تتم حالياً داخل تنظيم"الجهاد"في السجون المصرية والتي يقودها"منظّر الجهاديين"سيد إمام شريف الملقب ب"الدكتور فضل". وتوقع مقرر الندوة الدكتور ضياء رشوان في كلمته ألا يقتصر تأثير مراجعات"الجهاد"على الداخل المصري فقط، مشيراً إلى الحرب المشتعلة على شبكة الانترنت وفي المنتديات بين المؤيدين والمعارضين لبيانات الدكتور فضل. وأكد أن قيادة الدكتور فضل للمراجعات بثقله التاريخي أدى إلى"هزة داخل الأوساط الجهادية"بالنظر إلى دوره التاريخي وكتبه التي تعد مرجعاً لكل الفصائل ليس فقط داخل مصر وإنما خارجها أيضا. وبدوره اعتبر الباحث عمرو الشوبكي أن المراجعات سواء داخل"الجهاد"أو"الجماعة الإسلامية"تعد انتصاراً للمشروع الفقهي ل"الإخوان المسلمين"، لكنه قال إن المراجعات قد تسفر عن تأسيس حركة أصولية أكثر تشدداً من"الإخوان". من جهة أخرى، اعتقلت السلطات المصرية مساء أول من أمس الجمعة 35 من طلاب جامعة عين شمس المنتمين إلى جماعة"الإخوان"في منطقة الهانوفيل في محافظة الإسكندرية. وتعد هذه الحملة الأمنية الأولى منذ انتهاء انتخابات الشورى التي لم تحصل فيها الجماعة على أي مقعد في حين اعتقل في خلالها حوالي ألف شخص ينتمون الى الجماعة. وعلّق محامي"الإخوان"عبد المنعم عبد المقصود في تصريحات بثها الموقع الرسمي للجماعة بقوله إن حملة الاعتقال الأخيرة"رسالة توجهها قوات الأمن لمنع أي تجمعات في بداية فصل الصيف". وأضاف إن التجمع كان لمجموعة من الشباب، وكان تجمعاً سلمياً، إذ لم تعثر قوات الأمن على أي محظورات بحوزة الطلاب المجتمعين. وذكر الموقع أن عدد المعتقلين من الإخوان يبلغ 515 شخصاً.