تحتفل مدينة الرباط بمهرجانها السينمائي السنوي الذي تخصصه لسينما المؤلف، هذه السينما التي ترى في العملية السينمائية بعداً ثقافياً فنياً قبل أن يكون تجارياً، وهو بذلك أي المهرجان ينتصر لسينما الإبداع غير النمطي الذي يعبر عن ذوات المبدعين وعن رؤيتهم الخاصة تجاه العوالم المحيطة بهم. وقد استطاع هذا المهرجان عبر مساره الفني هذا أن يحقق لذاته رؤية واضحة المعالم وشديدة الخصوصية، إذ عُرضت فيه مجموعة من أروع الأفلام السينمائية، وقد أكد ذلك أيضاً هذه السنة باختياره لمجموعة من الأفلام السينمائية المتميزة التي تمثل كلاً من: المغرب، إيران، مصر، تركيا، ألمانيا، اليونان، رومانيا، بلجيكا، فرنسا، الأرجنتين، كوسوفو، إيطاليا، السعودية، أميركا، اليمن، العراق وبولونيا، سواء تعلق الأمر بالأفلام المتبارية أو تلك التي تعرض من أجل التعريف بسينما بلد معين أو التذكير بها. إضافة الى ذلك فقد احتُفي في هذه الدورة الثالثة عشرة للمهرجان التي انطلقت من 21 حزيران يونيو 2007 وستستمر الى 1 تموز يوليو الاحتفاء بعلمين سينمائيين كبيرين الفنان والنجم المصري الكبير عادل إمام الذي قدم الكثير للسينما المصرية والعربية عبر مساره الفني الكبير كثيراً في الأفلام الكبيرة والقوية يمكن ذكر البعض منها مثل:"عمارة يعقوبيان"وپ"التجربة الدنماركية"وپ"السفارة في العمارة"وپ"عريس من جهة أمنية"وپ"الإرهاب والكباب"وپ"الإنس والجن"وسواها. والمخرج المغربي أحمد البوعناني، هذا المخرج الذي كان من أوائل المخرجين المغاربة الذين أغنوا السينما المغربية بتجاربهم الرائدة في هذا المجال، حيث قدم في هذا الصدد مجموعة من الأعمال السينمائية المتميزة، يمكن الإشارة إليها على الشكل الآتي:"طرفاية أو مسار شاعر"وپ"6 - 12"وپ"الذاكرة 14"وپ"سيدي حماد موسى"وپ"المنابع الأربعة"وپ"جهة 2400"وپ"كازابلانكا"وپ"غصن الزيتون"وپ"السراب". وهذا الفيلم الأخير اعتبره النقاد المغاربة على اختلاف مشاربهم الفكرية والجمالية أحد روائع السينما المغربية، وما زال يثير الإعجاب مع مرور السنين، إذ لحظة عرضه الأخير بقاعة الفن السابع، قبل أيام استطاع أن يشد الاهتمام إليه من جديد، بل أبعد من ذلك لاحظ النقاد والمهتمون بمسار السينما المغربية أن الجيل الجديد من المخرجين المغاربة خصوصاً أولئك الذين يمثلون الموجة الجديدة فيها قد تأثروا بهذا النوع الكتابي ? الفني من السينما التأليفية الذي نهجه المخرج أحمد البوعناني في هذا الفيلم إذ جاءت أفلامهم على منواله، فهي تسعى لتصوير العمق الإنساني انطلاقاً من العمق: الجغرافي والتاريخي والبيئي، الذي تصوره، والشخصيات التي تقدمها، في عنفوان تعابيرها الصادقة، بحثاً عن الذات في ارتباطها بالأرض وبالجذور وبالثقافة الشعبية المعبرة. إن مهرجان"سينما المؤلف"في مدينة الرباط وهو يسعى لتكريم هذا النوع السينمائي والاحتفاء به يكون بذلك يحتفي بالحياة الإنسانية في بعدها العميق وفي تنوعها الحضاري وبالرؤية السينمائية العميقة والمختلفة لها.