قلة هي الأندية التي تملك جمهور يعشقها بجنون، ويتابعها حتى في غياهب النسيان والدرجات الأدنى، وهذا ما ينطبق على نادي نابولي الايطالي العائد الى مصاف اندية الدرجة الاولى بعد سنوات من الهبوط الى الدرجة الثانية ومنها الى الثالثة. بالمنطق الفعلي هذا النادي لا يملك الكثير من الألقاب، ومع ذلك ترى جماهيره تشجعه بجنون، فهو يمثل حالة خاصة في مدينة نابولي التي يحمل اسمها، وما على اي شخص سوى التوجه الى استاد "سان باولو دي فيريغروتا" حتى يتأكد من التشجيع الجنوني. وبالعودة الى ألقاب الفريق "الازرق" فهي لا تتعدى الاثنين في الدوري الإيطالي، ولقب واحد في الكأس ومثله في كأس الاتحاد الاوروبي و4 مرات وصيفاً في الدوري و6 مرات ثالثاً، وذلك خلال 64 عاماً لعبها في الدرجة الاولى. وتم انشاء النادي في الاول من آب أغسطس عام 1962، لكن لسنوات عدة لم يكن قادراً على منافسة الاندية الكبيرة في شمال ايطاليا, الا ان بداية ظهوره القوي تعود الى ستينات القرن الماضي حين ضم الى صفوفه لاعبين افذاذ مثل عمر سافوري وجوزيه التفيني والحارس الاسطورة دينو زوف، ثم اضيفت بعض الاموال الى النادي فتم ضم لاعبين مثل انجيلو سورماني ولاعب خط هجوم فريق بولونيا بيبي سافولدي فتمكن من احتلال المركز الثاني في البطولة. المعجزة واذا كان زمن المعجزات ولَّى، الا ان جماهير النادي الايطالي يعتبرون ان المعجزة حلت على ناديهم في تاريخ 5 تموز يوليو عام 1984، حين تعاقد النادي مع الاسطورة الارجنتينية دييغو ارماندو مارادونا قادماً من برشلونة الأسباني، وكان الانتقال نوعاً من المقامرة من النادي الإيطالي، إذ تعرض مارادونا قبلها لأصابة بالغة اثر فاول ارتكبه بحقة غويكوتشيا جزار اتلتيكو بلباو، وغاب عن الملاعب لمدة عام تقريباً. وحمل مارادونا الرقم 10 ووقع بعشق المدينة وعاشت نابولي بأثرها قصة اسمها مارادونا، حتى اطلقت بعض المطاعم اسم"بيتزا مارادونا"على احد انواع البيتزا الايطالية الشهيرة. وتمكن مارادونا من قيادة النادي الى لقب الدوري عامي 1986 و1991، وأحرز لقب الكأس وكأس الاتحاد الاوروبي خلال 7 اعوام قضاها مع النادي، الى ان حصلت الحادثة المشؤومة عام 1991 ووجد مارادونا متلبساً بتعاطي المخدرات فترك النادي الذي احب. وبعد مارادونا لعب في صفوف الفريق عدد من الاسماء المرموقة، لا سيما جيانفرانكو زولا وشيرو فيرارا وفابيو كانافارو وقلب الدفاع الفرنسي لوران بلان، فحافظ على موقعه في الدرجة الاولى حتى اتى موسم 1998، فعانى الفريق الأمرين، إذ تم تغيير الجهاز الفني 4 مرات ومدير الكرة 3 مرات، الى ان هبط الى الدرجة الثانية في ذلك الموسم بعد 32 عاماً في مصاف اندية الدرجة الاولى. ولم تتوقف مصائب النادي هنا، بل اعلنت احدى المحاكم المدنية افلاسه في عام 2004، وجرد من خزنة ألقابه وهبط الى الدرجة الثالثة، وكأن القدر كان خلف إنقاذه، إذ قام المخرج الايطالي المعروف اوريليو دي لورينتيس بشراء النادي في مقابل 33 مليون يورو. وبعدها لعب النادي تحت اسم جديد وهو"نابولي سوكر"، وتمكن من الصعود الى الدرجة الثانية بعد عامين، وفي تاريخ 23 أيار مايو عام 2006، تمكن رئيس النادي الجديد من استعادة خزنة الالقاب كاملة، واستعاد النادي اسمه التاريخي أيضاً"سوسيتا سبورتيفا كالشيو نابولي"، وأدار وجهة النادي الى المستقبل مجدداً، فضم لاعبين جدد وعاد الفريق الى مكانه الطبيعي في الدرجة الاولى. أصحاب الإنجاز ولعل انجاز العودة الى الدرجة الاولى يعود الى العديد من الاشخاص الذين كانوا على العهد، لا سيما اللاعب باولو كانافارو الشقيق الاصغر لقائد منتخب ايطاليا وفريق ريال مدريد الاسباني فابيو كانافارو، ولاعب خط الوسط المخضرم صامويل دي لابونا الذي دافع عن ألوان ميلان وتشلسي الانكليزي سابقاً، والمهاجم روبرتو دي زيربي وكريستيان بوتشي الذي تمكن من احتلال المركز الاول في صدارة هدافي الدرجة الثانية، وجاء نابولي في المركز الثاني خلف يوفنتوس، فيما ترك المركز الثالث لأحد الاندية العريقة الاخرى وهو جنوى. وخلف هؤلاء كان للمدرب المخضرم ادواردو ريغا ادي دور كبير في اعادة ترتيب اوراق الفريق منذ ان استلم مهمة التدريب عام 2004. وعرف المدرب المخضرم 62 عاماً، والذي لم يدرب سابقاً احد الاندية الكبرى في الدرجة الاولى الإيطالية، كيف يتعامل مع 25 لاعباً منهم 6 اجانب فقط، ومعظم اللاعبين لم يكونوا على مستوى الفريق الاول سابقاً، من هنا يعتقد ريغا ان النادي بصدد التعاقد مع لاعبين بارزين، اذا اراد البقاء في الدرجة الأولى، والا فسيعود ادراجه الى الدرجة الثانية. ويرفض رئيس النادي دي لورينتيس الكلام السلبي الآن، فهو لا يزال يحتفل بالصعود ويقول:"الايام المظلمة ولت عن نابولي، وما حققناه خلال 3 سنوات لم يكن عادياً أبدا، فنحن نعتبر نادياً جديداً الآن". وفي الوقت نفسه يدرك رئيس النادي صعوبة المهمة في مدينة تتحدث كلها عن كرة القدم، وصولاً الى الممثلة الشهيرة صوفيا لورين 72 عاماً، التي خرجت بين العامة واظهرت عشقها لنابولي، وتابعت عدداً من المباريات، وتمنت ان يواصل نابولي تألقه دائماً.