فشل حزب العدلة والتنمية الحاكم في تركيا في جمع أصوات 367 نائباً ثلثي أعضاء البرلمان المطلوبة لانتخاب مرشحه، وزير الخارجية عبدالله غل رئيساً في الدورة الأولى للانتخابات التي عقدت أمس. وجاء ذلك على رغم "استماتة" الحكومة لإقناع 14 نائباً من المعارضة اليمينية والمستقلين في التصويت لغل، فيما شهد البرلمان مشادات كلامية بين المعارضين والموالين تعلقت بشرعية عقد جلسة الانتخاب والنصاب المطلوب لذلك. وتجاهل رئيس البرلمان بولنت أرينش اعتراض المعارضة واعتبر أن جلسة الانتخابات لا تستوجب نصاباً أكبر من العادي وهو نصف نواب البرلمان المؤلف من 550 مقعداً. وافتتح الجلسة وسط اعتراضات نواب المعارضة العلمانية الذين جلسوا في صفوف الضيوف مقاطعين الاقتراع، وأكدوا عدم مشروعيته لأن عدد الحضور لم يتجاوز ال 361 نائباً، وأن من الواجب حضور 6 نواب آخرين لاكتمال النصاب. ولوحظ أن رئيس البرلمان تجنب إجراء إحصاء رسمي للحضور، بل أجرى مراسم التصويت بشكل عادي في قاعة البرلمان، بحضور نواب الحكومة وثمانية من المستقلين والمعارضين اليمينيين. وتوجه زعيم حزب الشعب الجمهوري دنيز بايكال إلى مقر المحكمة الدستورية العليا حيث قدم شكوى تشكك في دستورية عقد الدورة الانتخابية الأولى، ووعده قضاة المحكمة بالنظر في الشكوى وإصدار قرار في مهلة لا تتعدى أسبوعاً. في المقابل، تنتظر الحكومة التي فشلت في إنجاح مرشحها في الدورة الأولى عقد دورة ثانية تستلزم أيضاً ثلثي الأصوات للفوز، وصولاً إلى الدورة الثالثة يكون الانتخاب فيها كافياً بنصف عدد أصوات النواب زائد واحد وهو ما يمكن لحزب العدالة والتنمية أن يوفره لغل، إذا لم تنجح المعارضة في إصدار قرار من المحكمة الدستورية بإلغاء أي انتخابات لم يكتمل فيها النصاب بثلثي النواب. وتهدف المعارضة إلى التشديد على أنه لا يمكن للحزب الحاكم أن ينتخب الرئيس بمفرده من دون الاتفاق معها. وقبل الاقتراع، بدت ساحة البرلمان أشبه ب"البازار"السياسي. إذ دارت في الكواليس إشاعات عن"مفاوضات مالية"تجرى بين الحزب الحاكم ونواب المعارضة، من أجل إقناعهم بالتصويت لغل. ووصلت الإشاعات إلى حد الحديث عن مطالبة نواب بوعود بالحصول على مناقصات حكومية لشركاتهم، أو وعود بوضعهم على رأس لائحة مرشحي الحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة. في الوقت ذاته انهمك محللون وخبراء قانونيون في سرد سيناريوات محتملة بعد إحالة الأمر على المحكمة الدستورية. لكن غالبية تلك السيناريوات انتهت بقناعة بأن عدم انتخاب غل سيقود تركيا إلى أزمة سياسية لا يمكن الخروج منها إلا من خلال الاحتكام إلى انتخابات نيابية مبكرة، يبدو حزب العدالة والتنمية الأكثر استعداداً لها وقد تعيده بشكل أقوى إلى البرلمان. وتستعد أحزاب المعارضة والجمعيات العلمانية للخروج في تظاهرة حاشدة في أسطنبول الأحد المقبل، للاحتجاج على ترشيح غل للرئاسة والتأكيد على أن فوز أي عضو في الحزب الحاكم بالمنصب سيشكل تهديداً للنظام العلماني الذي ترتكز عليه الجمهورية.