كشفت مصادر أمنية لبنانية رفيعة ان لا فلسطينيين بين القتلى والموقوفين من تنظيم "فتح الإسلام" في اشتباكاته مع الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في شمال لبنان، مؤكدة ان بينهم عدداً من اللبنانيين إضافة الى أصحاب جنسيات سورية وسعودية و جزائرية وتونسية. ولفتت المصادر نفسها الى ان من أبرز القتلى السوري محيي الدين عبدالحي عبود الملقب ب"أبو يزن"الذي كان يتزعم المجموعة التي نفذت جريمة عين علق في المتن الشمالي، في شباط فبراير الماضي، واللبناني صدام الحاج ديب من فنيدق - عكار المطلوب الى القضاء الألماني بتهمة الاشتراك في محاولة تفجير القطارين، وهو شقيق يوسف الحاج ديب الموقوف حالياً في ألمانيا في هذه الجريمة. وقالت المصادر ان الحاج ديب كان يتولى التنسيق بين شقيقه وآخرين أوقفهم القضاء اللبناني الذي باشر محاكمتهم، مشيرة الى ان الأول كان أوقف سابقاً في سورية في منطقة تلكلخ مع شخصين تونسيين وان الداعية الإسلامي الشيخ فتحي يكن أحد قادة المعارضة كان توسط له لدى السلطات السورية التي تجاوبت مع مسعاه وأفرجت عنه. وأشارت المصادر نفسها الى ان شقيق صدام الحاج ديب، ويدعى عثمان، أوقف في شارع المئتين في طرابلس بعدما أصيب بجروح وهو يخضع حالياً للعلاج في سجن مستشفى"الحياة"في الشياح - عين الرمانة، وتفرض عليه حراسة أمنية مشددة. ولم تحسم المصادر ما تردد عن قتل السعودي عبدالرحمن اليحيا الملقب ب"طلحة"في اشتباك شارع المئتين لكنها قالت ان الصورة الفوتوغرافية العائدة له والموجودة لدى القوى الأمنية تشبه الى حد كبير صورة أحد القتلى. وأضافت المصادر ان القوى الأمنية رفعت بصماته وأخذت عينة من الأنسجة في جسده لتحديد الهوية الجينية عبر تحليل الحمض الريبي النووي للتأكد من هويته. وقالت المصادر ان التثبت من هوية صاحب الجثة يتم من خلال مراجعة المنظمة الدولية لمكافحة الجريمة"الانتربول"التي لديها أرشيف عن الهوية الجينية الوراثية له باعتباره أحد المطلوبين دولياً بتهمة الانتماء الى تنظيم"القاعدة". وتابعت ان الإدارة الأمنية اللبنانية ستتواصل أيضاً من خلال القضاء اللبناني مع السلطات السعودية للتأكد من الهوية النهائية لصاحب هذه الجثة، خصوصاً ان في حوزتها قرائن تساعد على حسم الجدال في هذا الشأن. وأكدت المصادر ان من بين القتلى في شارع المئتين شخصين من المتهمين بالسطو على فرع"بنك المتوسط"في أميون - الكورة وجدت في حوزتهما شيكات مسحوبة على البنك المذكور. أما عدد الموقوفين لدى الجيش وقوى الأمن في اشتباكات الزاهرية وشارع المئتين في طرابلس، فبلغ 18 موقوفاً، وقالت المصادر ل"الحياة"ان جميعهم من اللبنانيين والسوريين ومن أبرزهم اللبناني أبو خالد حسين الذي كان يتزعم المجموعة التي اعتدت على جيب للجيش اللبناني كان في داخله 4 عسكريين استشهدوا على الفور في منطقة القلمون جنوبطرابلس. وقالت المصادر ان قوى الأمن اضطرت الى تفجير حزام ناسف كان يلف أحد القتلى به وسطه بسبب صعوبة تعطيله، وأشارت الى صعوبة تحديد هوية معظم القتلى من"فتح الإسلام"لأن بعضهم كان يحمل أوراقاً ثبوتية مزورة، وبعضهم الآخر يعرف باسمه الحركي. وعن طبيعة المعارك التي دارت في شارعي المئتين والزاهرية أكدت المصادر ان عناصر الجيش وقوى الأمن واجهوا مقاومة شرسة من مقاتلي"فتح الإسلام"الذين استخدموا القنابل اليدوية بكميات كبيرة، إضافة الى الرشاشات والمسدسات وقذائف ال"ب 7"فيما زنّر بعضهم نفسه بأحزمة ناسفة. وأضافت ان السلاح الأبيض استخدم في بعض المعارك، وان عناصر"فتح الإسلام"كانوا يرمون القنابل عن بعد أمتار قليلة على عناصر الجيش وقوى الأمن الذين قاتلوا ببسالة وواجهوا مسلحين يقاتلون على الطريقة الانتحارية. وأكدت المصادر ان مجموعات"فتح الإسلام"كانت تتمركز في ثلاث شقق في البناية الواقعة في شارع المئتين، إضافة الى ملجأ البناية الذي اتخذت منه خطاً للدفاع عن العناصر المتقدمين منها في اشتباكاتها مع قوى الأمن. وأشارت المصادر أيضاً الى أن هذه المجموعات استخدمت الأسلوب نفسه في مواجهتها الجيش في الزاهرية، مؤكدة ان مفاوضات أجريت بين الطرفين في الساعات الأولى من صباح أمس أي بعد ساعات على بدء المواجهة، وأشارت الى ان أحد قادة"فتح الإسلام"في مخيم نهر البارد كان يتولى المفاوضات وانه اقترح على مفاوضيه فك الحصار عن المجموعات تمهيداً لتأمين خروجها من هذه المنطقة في اتجاه المخيم. إلا أن المفاوضات - بحسب المصادر - تعثرت في اللحظة الأخيرة، معتبرة ان القوى الأمنية استفادت منها، أولاً لتأمين جلاء المدنيين من الأبنية التي كان يتمركز فيها مقاتلو"فتح الإسلام"، وثانياً لإكمال السيطرة على المنطقة بعد أن استقدمت تعزيزات جديدة إليها. وتحدثت المصادر أيضاً عن خطة لدى"فتح الإسلام"للسيطرة على القسم الأكبر من طرابلس، وخصوصاً الخط الجغرافي الممتد من مرفأ المدينة مروراً بالمحجر الصحي، وانتهاء بالزاهرية وشارع المئتين لتصبح قادرة على ربط هذه البقعة لمخيم نهر البارد عبر المنية ومخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين. ولم تستبعد المصادر ان يكون لمحاولة السيطرة على هذا القسم من طرابلس، ارتباط بخطة أخرى لإسقاط المدينة ككل من خلال إحداث حال من الإرباك تدفع قوى مناوئة للسلطة الى الظهور بأسلحتها، كمقدمة لتقسيم عاصمة الشمال الى إمارات ينصب على كل منها أمير، خصوصاً ان البعض كان استعد الجمعة الماضي للتمرد على قرار صدر عن دار الفتوى في بيروت يرمي الى تغيير أحد أئمة المساجد في محلة الميناء بسبب مواقفه المتشددة التي يطلقها من على منبر المسجد الذي يشرف عليه. ورأت المصادر ان طبيعة الانتشار الأمني والجغرافي لمجموعات"فتح الإسلام"تكشف خطة السيطرة على المدينة عبر إيقاظ ما تبقى لها من خلايا نائمة لملاقاتها في منتصف الطريق أسوة بما حصل في أواخر عام 1983 عندما سيطرت حركة التوحيد الإسلامي على طرابلس. وأكدت ان ما حصل في طرابلس ومخيم نهر البارد لم يكن مجرد حادث أمني عابر بمقدار ما انه يأتي من ضمن خطة للإطباق على طرابلس والتمدد في اتجاه مناطق ثانية لتقديم المدينة الى الرأي العام المحلي والعالمي على انها القيّمة على شؤون الطائفة السنّية في لبنان وانها تختلف عن الشريحة الأخرى من الطائفة التي يقودها رئيس"تيار المستقبل"النائب سعد الحريري والداعمة لحكومة فؤاد السنيورة. ولفتت المصادر الى ان عنصر المفاجأة لعب دوراً لمصلحة القوى الأمنية التي استفادت من عامل الوقت وسارعت الى إحباط الخطة لا سيما ان المجموعات كانت تتحضر للقيام بعمل أمني كبير يتجاوز المشاغبة على السلطة الى إعلان التمرد عليها. واعتبرت ان معظم الذين قتلوا أو أوقفوا من"فتح الإسلام"يشكلون القوة الضاربة لها في التصدي للقوى الأمنية وهم تلقوا تدريبات عسكرية في الخارج وأنهوا دورات على حرب الشوارع، فيما يقتصر تواجد التنظيم في مخيم نهر البارد على كوادر عسكريين أساسيين يقودون مجموعات من جنسيات سورية وفلسطينية ولبنانية، ومعظم الفلسطينيين المنتمين إليها هم من مواليد سورية والأردن، إضافة الى آخرين ممن ارتبطوا بها من طريق المصاهرة. وأكدت المصادر ان"فتح الإسلام"هو خليط من جنسيات عربية متعددة وان بعض عناصره قاتلوا في العراق وان الفلسطينيين فيه هم الأقل تأثيراً واستخدموا واجهة لغيرهم.